يعدّ الشاعر والخطاط والقاصّ "كامل أبو سعيد" ظاهرة شبابية إبداعية متجددة، حيث اتخذ من إعاقته جسراً للعبور في رحاب المعرفة والعلم، ليختزن علوماً ومعارف كثيرة، وهو جالس على كرسيه اللائق به فناً وأدباً وتألقاً.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 20 تشرين الثاني 2017، التقت "كامل أبو سعيد" القاص والفنان والشاعر، فقال: «لم تمثّل الإعاقة عاملاً محبطاً في الحياة، بل ازددت إصراراً على تقديم الأفضل والأمتع في الحياة، وعشت مع نفسي وقفات تأملية حملت طابع الاحترام للقدر والإيمان به، ذلك لأنه غرز في طباعي الحياة المتجددة والتأمل الفكري والانطباع الصادق في التعامل مع مكونات الحياة اليومية والطبيعية، فقد أصبت بشلل الأطفال وأنا بعمر السنة ونصف السنة في قريتي الجميلة "الهويا"، فتسبّب لي الشلل بإعاقة حركية جعلتني أعاني الكثير خاصة عند دخولي المدرسة، وذلك لصعوبة الحركة والتنقل، لكن مع ذلك تحديت كل الصعوبات وأنهيت المرحلة الابتدائية، وبعدها تابعت المرحلة الإعدادية في قرية "ملح"، ثم المرحلة الثانوية في مدينة "صلخد" حتى حصلت على الشهادة الثانوية، لكنني لم أستطع إكمال دراستي لبعد المكان.

إضافة إلى الشعر والقصة والأدب بأجناسه والخط بأنواعه، أيضاً انخرطت في العمل الإداري لأتسلم أمين سر جمعية المعوقين السوريين لمدة 12 عاماً، ونشاطي قائم في جمعية "العاديات"، والأهم في جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث، التي شاركت مؤخراً بمسابقة من مسابقاتها

وفي الصف الثامن، كنت أكتب وأستقي كتاباتي من الظروف التي أعانيها والمواقف التي أتعرض لها ولا سيما خلال دراستي، فهي تعبر عمّا في داخلي من مشاعر متنوعة، وهناك مواقف مؤثرة دونتها على شكل قصة قصيرة، قدمتها ضمن المشاركات الأدبية التي شاركت بها وخاصة في مسابقة اتحاد الكتاب العرب، حيث قدمت خلال المسابقة ثلاث قصص؛ الأولى بعنوان: "فقد بصره ورجليه مرتين". والثانية: "لا لا أكون معوقاً". والثالثة: "التلفاز وعمر بن الفواز". وحصلت خلالها على المرتبة السادسة، وتسلّمت درعاً كجائزة».

الشاعر "تيسير رجب"

وتابع عن مشاركاته بقوله: «أيضاً كان لي مشاركة في الكتابة في صحيفة "تشرين" ومجلة "السناء" للمعوقين في "دمشق"، وأكثر مشاركاتي في صحيفة "الجبل" بكتابة مقالات عديدة تحكي هموم المعوقين وتحثهم على تحدي إعاقتهم والتغلب على الصعوبات؛ لقناعتي بأن على المعوق أن يعرف ماذا يريد واحتياجاته، وأن يعي ما يترتب عليه من واجبات، إضافة إلى مقالات دافعت بها عن حقوق المعوقين تحت مقولة: "إن كنت لا تعلم، فتلك مصيبة، وإن كنت تعلم، فالمصيبة أكبر"، وأيضاً مقالات شاركت المعوقين بعيدهم وفرحهم في الثالث من كانون الأول؛ وهو اليوم العالمي للمعوق، وبعد أن كوّنت حصيلة معرفية عملت على إلقاء محاضرات، مثل: "أضواء على ما يجب أن يعامل به الطفل المعوق"، وهي نابعة من تجربتي في صغري وما تعرضت إليه. أما الشعر، فكتبته وشاركت به في المناسبات الوطنية والاجتماعية حتى تمكنت من اقتناص اللحظة الشعرية في الوقت المناسب وتجسيدها شعرياً، بالفصحى أو الشعر الشعبي بنوعيه النبطي والزجل.

ومن اللحظات التي أعتز بها عندما وجهت قصيدة إلى عميد الأسرى "سمير القنطار" حين زار "السويداء"».

من جوائزه

ويضيف: «في مجال الخط العربي تعلمت أصول وقواعد الخط العربي حتى قمت بتخطيط لافتات وبيعها؛ ذلك لأن دلالات الخط تحمل البعد الحركي والفعل والتأمل في الجمال بين المعنى والرسم والفعل، ولهذا أحببت الخط أيضاً ومازلت، واليوم تراني أكتب القصيدة الموزونة والشعبية والزجل وأتماهى مع نفسي في القصة القصيرة والكتابة الأدبية، حيث استخدمت ذاكرتي لحفظ عيون الأدب في النثر والشعر والسرد».

وفي مجال العمل الإداري بيّن الأديب "كامل أبو سعيد" قائلاً: «إضافة إلى الشعر والقصة والأدب بأجناسه والخط بأنواعه، أيضاً انخرطت في العمل الإداري لأتسلم أمين سر جمعية المعوقين السوريين لمدة 12 عاماً، ونشاطي قائم في جمعية "العاديات"، والأهم في جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث، التي شاركت مؤخراً بمسابقة من مسابقاتها».

من لوحاته في الخط العربي

وعن الرؤية الإبداعية والثقافية التي يتميز بها "كامل"، قال الشاعر "تيسير جدعان رجب": «يعدّ "كامل أبو سعيد" واحداً من أدباء "السويداء" الذين رسموا خطاً عملياً منهجياً بتكوين المخزون اللغوي، ليستحضروه في اللحظة المناسبة؛ إذ تراه معرفاً مُجيداً في المناسبات بمختلف أنواعها، وشاعر لشعره وقع في معاني ودلالات صوره وانزياحاته الإبداعية، وكثيراً ما نشاهد لوحات بالخط العربي الموسوم بجمال ورقة بريشته، مع عمله في الجمعيات الأهلية ومواكبته للشعر والتراث والفن والقصة القصيرة، وقد استطاع إقناع العالم بأن الإعاقة لم تزده إلا إبداعاً وتميزاً، وتفوّق على صعوبة الحياة، فهو من جيل الشباب الطامحين إلى قمة العلياء بعقل التنمية والتقانة، حاضر في المجتمع، ذو رأي سديد وعقل رشيد، غالباً ما ينتظره الناس ليسمعوا مفردات كلماته الإبداعية».

الجدير بالذكر، أن الأستاذ "كامل أبو سعيد" من مواليد قرية "الهويا"، عام 1966.