يعدّه الكثيرون واحداً من الرجالات الذين أناروا درب العلم والمعرفة لأجيال كثيرة لاحقة، فهو الذي تفتحت عينيه في منزل تخيم على أركانه صور الشهداء والمجاهدين، وفي مضافته تسمع عهود الرجال في الدفاع عن الوطن.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاعر "يوسف حسن بو يحيى" بتاريخ 15 تشرين الثاني 2017، ليتحدث عن مسيرة والده الراحل "حسن بويحيى"، فقال: «في منزل المجاهد الراحل "متروك بو يحيى" في بلدة "شقا" ولد المربي "حسن بو يحيى" عام 1948، حمل إرث والده المجاهد وعمه الشهيد "يوسف"؛ شهيد "غوطة دمشق"، وجده الشهيد "حسن" شهيد معركة "تل الحديد" في "الثورة السورية الكبرى"، وعمه المجاهد المعروف شهيد "فلسطين" القائد "محمود بو يحيى".

ظهرت مواهبه الخطابية في مأتم والده المجاهد "متروك بو يحيى"، حيث أجبر الحاضرين على التصفيق باللا شعور بحماسة على غير العادة في مواقف كهذه، وكذلك في مأتم الراحل "أبي سليمان فايز السيد" الوجه الاجتماعي المرموق في بلدة "شقا" وصديق والده. وتكررت كلماته القوية في كثير من المآتم والمواقف الكبيرة في الجبل، توجها بكلمته المميزة أثناء زيارة وفد من أهالي "الجولان" المحتل إلى "جبل العرب"، حيث تميزت كلماته بلغةٍ سليمةٍ ومزج بين التاريخ والتراث والحداثةِ، وثقافةٍ جامعة، وكانت ارتجالية من دون الاستعانة بالورقة والقلم في كل المواقف

تربى على الثقافة والسياسة، ففي سن مبكرة كان يقود المظاهرات الطلابية، ويحمس الجماهير بأشعاره وهتافاته المبتكرة، حتى اعتزل العمل السياسي في أواسط السبعينات من القرن الماضي متفرغاً للتعليم والعمل الاجتماعي والخدمة العامة، وقد عرف عنه أنه خطيبٌ مفوّه تهز كلماته المحافل والمواقف الكبيرة.

مع طلابه في إحدى المحافظات

تابع تحصيله العلمي حتى حصل على الإجازة في التدريس عام 1969، وتنقل بين مدارس "سورية" من "الحسكة"، إلى "القامشلي"، إلى "داريا" في "ريف دمشق"، ثم إلى بلدته "شقا" مسقط رأسه، حتى تقاعد عام 2008».

وعن الحالة التي جعلته كواحد من الطلاب القياديين زمن الانقلابات السياسية، وصولاً إلى الانفصال عن "مصر"، أضاف: «بدأت مواهبه القيادية تظهر منذ الصغر، حيث كوّن مع مجموعةٍ كبيرةٍ من الطلاب -وهو لم يزل في المرحلة الإعدادية- مجموعة كبيرة أطلقوا عليها "جيش الأطفال"، وكانوا يقومون بمسيراتٍ منظمة هدفها بث الوعي بين الطلاب، وبعدها بسنوات شاركوا بمسيرة حاشدة في "السويداء" هدفها رفض حكومة الانفصال، وكان من بين الطلاب الذين هاجموا رئيس الوزراء المعين بعد الانفصال أثناء زيارته للجبل قبل ثورة آذار، ولوحقوا في شوارع مدينة "السويداء"، واعتقل بعضهم، وكانت عصي اللافتات تكسر على أجسادهم، وهم يصيحون: (ثوري يا سورية ثوري)، واستمرت ملاحقتهم حتى قيام الثورة عام 1963».

في أحد "مواقف" العزاء

اشتهر في منطقة "شهبا" بأنه الخطيب المفوه الذي يعرف متى يظهر قوة الصوت، ومتى يتوقف، في تناغم لا يمتلكه الكثيرون، وما زالت بعض خطبه تترد بين الناس لما فيها من قيم وأفكار، ونظرة ثاقبة نحو المستقبل، حيث يضيف "يوسف" بالقول: «ظهرت مواهبه الخطابية في مأتم والده المجاهد "متروك بو يحيى"، حيث أجبر الحاضرين على التصفيق باللا شعور بحماسة على غير العادة في مواقف كهذه، وكذلك في مأتم الراحل "أبي سليمان فايز السيد" الوجه الاجتماعي المرموق في بلدة "شقا" وصديق والده. وتكررت كلماته القوية في كثير من المآتم والمواقف الكبيرة في الجبل، توجها بكلمته المميزة أثناء زيارة وفد من أهالي "الجولان" المحتل إلى "جبل العرب"، حيث تميزت كلماته بلغةٍ سليمةٍ ومزج بين التاريخ والتراث والحداثةِ، وثقافةٍ جامعة، وكانت ارتجالية من دون الاستعانة بالورقة والقلم في كل المواقف».

يقول مختار البلدة وأحد تلاميذه "نجيب حمد السيد" عن مآثره: «كان الكتاب رفيق دربه الدائم، والصديق الذي لم يخذله، ففي مكتبته العامرة بأمّات الكتب من كل الأجناس والأنواع تكتشف عقل هذا الرجل المنفتح على كل جديد من دون أن يتنكر لماضيه، وكان يسخر ثروته التي ناهزت الثمانية آلاف كتاب من أجل المهتمين والطلبة والراغبين بالمعرفة، فاكتسب من تاريخ أجداده القيم والمبادئ المثلى، وسار عليها على الرغم من الضريبة الكبيرة التي دفعها في أوقات طويلة، ويعدّ موسوعة ثقافية تستمتع وأنت تستمع إلى حديثه وخفة ظله وحضوره الجميل.

وفي السنوات العشر الأخيرة من حياته، وبعد التقاعد تفرغ للعمل الاجتماعي، فشارك في حل المشكلات العائلية والاجتماعية في المنطقة والجبل، وإرساء روح التآلف والمحبة بين الناس، حتى وافته المنية في التاسع عشر من حزيران عام 2017. وقد شاركت في مأتمه المهيب وفود كبيرة من "السويداء" و"لبنان" و"جبل الشيخ"، فتكلموا عن مواقفه الكبيرة، وعبروا عن محبته وعلاقاته المتينة مع كل شرائح المجتمع».