تميّز المجاهد "سليمان نصار" بفطنته وحنكته وذكائه، ومقاومته وشدة بأسه ورباطة جأشه، وكان من أركان الثورة السورية الكبرى في المكان القاطن فيه، والعقل الحاضر لحلّ المشكلات الاجتماعية.

حول شخصيته المجاهد "سليمان نصار"، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 4 تشرين الأول 2017، التقت حفيده "بشار نصار"، الذي بيّن قائلاً: «عرف جدي المرحوم "سليمان نصار" في قرية "سالة" التي تبعد عن مدينة "السويداء" نحو 40 كيلو متراً، بأنه ركن المكان والعقل الحاضر لحلّ الخلافات والنزاعات الاجتماعية، فهو المولود عام 1885، حيث تعلّم القراءة والكتابة كغيره من أبناء جيله، وتربى في كنف أسرة لها شأن وعلاقة بمحاربة المستعمر العثماني، فقد نفي والده "محمد نصار" إلى "الأناضول" عام 1897، مع عدد كبير من أبناء جبل العرب، وفور وصوله أدخله والده إلى مدارس العشائر بـ"الآستانة"، وفي بداية القرن العشرين أصدر السلطان "عبد الحميد" عفواً عاماً عن المنفيين، فعادوا مع أسرهم إلى الجبل، غير أن جدي "سليمان نصار" بقي من أجل الدراسة حتى عام 1902.

لقد تسلم المجاهد "سليمان نصار" مناصب عدة، لكن أهمها نائب عن الجبل في البرلمان السوري عام 1937، واشترك بالمؤتمر البرلماني الذي عقد في "القاهرة" للدفاع عن "فلسطين" عام 1938، وعيّن مديراً للمعارف في "السويداء" عام 1942، وفي العام نفسه زار مسؤول فرنسي قريته "سالة"، وحين التقاه خاطبه أمام أهالي قريته قائلاً: "إن ألمانيا تسير في باريس، فتقطعها كما يقطع السكين الزبدة، وإن صداقتكم مكتوبة في صدورنا بماء الذهب". فأجابه المجاهد "سليمان نصار": "ونحن نقول إن ما يؤكد هذه الصداقة المنازل المدمرة التي ترونها بفعل طائراتكم"، وأشار إلى داره التي قصفتها الطائرات الفرنسية. كما عيّن محافظاً لـ"السويداء" عام 1947، ورحل عن أهله ووطنه عام 1955، ليدفن في قريته "سالة"

في العقد الأول من القرن الماضي اشترك مع ثوار الجبل في مواجهة حملة "سامي باشا الفاروقي"، وبرز حلمه وسعة أفقه، حيث كان رجل السياسة والحرب، المنتمي إلى خدمة الوطن. وبفطنته وحكمته شارك في المؤتمر الذي عقد بعدة قرى، منها: "لاهثة، الكفر، صلخد، قنوات"، وصاغ مع المؤتمرين برنامج الاستقلال الذي قدموه للسلطة الفرنسية في "دمشق وبيروت"، وفي عام 1921 تسلّم مديراً لناحية "سالة" وأثناء عمله قام "كاربيه" بزيارة الناحية، لم يستقبله جدي "سليمان" فما كان من "كاربيه" إلا أن شتمه، فردّ عليه بشتيمة أكبر، فأمر "كاربيه" بعزله وسجنه في مستودع الفحم، مع الأعمال الشاقة بتكسير الحجارة مدة خمسة عشر يوماً، وفي 20 تموز 1925، لبى نداء قائد الثورة السورية الكبرى "سلطان باشا الأطرش" واشترك معه في معركة "الكفر" في 21 تموز 1925 وأبلى بلاء حسناً».

بشار نصار

وعن مميزات شخصيته الثقافية، تابع: «تميّز المجاهد "سليمان نصار" بالذكاء والفطنة والحكمة، وكان دبلوماسياً حاذقاً سريع البديهة قوي الحركة، ذا قدرة فائقة على حسن التصرف وكيفية التخلص من المواقف الحرجة، حضر اجتماع قرية "قراصة"، وكان له موقف مشهود بفطنته وذكائه، واشترك في معركة "بصر الحرير"، وهي أولى المعارك ضد الجنرال الفرنسي "ميشو"، وكذلك في معركة "تل الخروف"، وانتقل مع "سلطان باشا الأطرش" من "رقة الصقر" إلى "ماء الفارغة" الواقعة بين "المزرعة والسويداء" يرافقه مئة فارس، وكان على رأسهم "سليمان نصار، فندي أبو فخر، منصور أبو عساف، صياح الأطرش، سلمان الأطرش، وزيد الأطرش"، وخاض معركة "المزرعة" التي عُدّت من المعارك التاريخية التي زخرت بالمشاهد البطولية النادرة جداً. انتدب عضواً في لجنه دراسة شروط الجنرال الفرنسي "سراي"، وفي أوائل أيلول 1925، انعقد مؤتمر "ريمة اللحف" من قبل القوى الوطنية السورية برئاسة "سلطان الأطرش"، وفيه تم تعيين أركان الثورة السورية، وكان "سليمان نصار" أحد أركانها، فتواردت إليه البيارق؛ أي "الأعلام المرفرفة" من جميع النواحي، وفي هذه الأثناء وصل المجاهد "عبد الغفار الأطرش" إلى قرية "الدور" بعد أن أخلى الفرنسيون سبيله، وحضر إلى "نبع قراصة" حيث الاجتماع، فارتقى مكاناً مرتفعاً وألقى خطاباً شرح فيه الوضع الراهن وعن القوة العسكرية التي تعدها "فرنسا" ضد الثوار، وفي تلك اللحظات وصل رسول يحمل رسالة إلى القائد العام للثورة تتضمن عدم القدرة على المشاركة في الثورة، فطوى الرسالة "سلطان باشا الأطرش" ووضعها جانباً، غير أن جميع الحشود كانت أنظارهم معلقة على الرسالة، فأنقذ الموقف "سليمان نصار"؛ إذ قدم من "سلطان" وطلب إليه تسليم الرسالة، وقال له: "اسمح لي يا باشا أن اقرأ للجميع ما تحويه الرسالة"، فتناولها وارتجل نصاً آخر من عنده وهو ينظر إليها وكأنه يقرؤها، وقال فيها: "حضرة القائد العام سلطان باشا الأطرش الأفخم بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نعلمكم أننا رهن إشارتكم في سبيل خدمة الوطن". فقلب الموقف إلى موقف حماسي بحدة ذكائه وحسن تصرفه في الوقت المناسب، ودبّ الحماس في النفوس، وغيّر مضمونها ببراعة؛ فقد أكد أن هؤلاء القادة كانوا يتحلون بالصبر وضبط النفس وهدوء الأعصاب حتى لو كانوا يحترقون من الداخل؛ لذلك كانوا ينتصرون».

وأوضح "محمد جابر" الباحث والكاتب في التاريخ وصاحب كتاب "أركان الثورة السورية الكبرى"، بقوله: «كان للمجاهد "سليمان نصار" أحد أركان الثورة السورية الكبرى دور كبير في معركة "المسيفرة"؛ إذ كان أحد الفرسان الذين اقتحموا تحصينات الفرنسيين، وقال في تلك المعركة الدكتور "عبد الرحمن الشهبندر": "يجب أن نفتخر كل الفخر بما قام به أبطالنا في هذه المعركة الرهيبة؛ إذ إن اقتحامهم لمواقع العدو الحصينة، عبر السهول المحيطة بالقرية، واختراقهم أسلاكه الشائكة بوسائلهم البسيطة، واستيلائهم على مراكزه في قلب القرية، كل ذلك بسالة نادرة ومغامرة جريئة، وقد يعجز عنها أعظم جنود أوروبا شهرة في ميادين القتال، إنني أعدّ هذا كله نصراً فريداً من نوعه". كذلك كان له دور في معارك "السويداء" الأولى ومواجهة حملة الجنرال "غاملان"، وفك الحصار عن "قلعة السويداء". وكان أحد أعضاء مؤتمر الكتلة الوطنية عام 1936، الذي دعا إلى الإضراب العام، والذي عقد في منزل "فخري البارودي" بـ"دمشق"، وذلك في ذكرى رحيل الزعيم "إبراهيم هنانو"، والوفد مؤلف من: "يوسف هلال الأطرش، علي مصطفى الأطرش، داوود إبراهيم هنيدي، سليمان نصار، نجيب حرب"».

الباحث محمد جابر

وتابع الباحث "محمد جابر" عن المهام التي تسلمها بالقول: «لقد تسلم المجاهد "سليمان نصار" مناصب عدة، لكن أهمها نائب عن الجبل في البرلمان السوري عام 1937، واشترك بالمؤتمر البرلماني الذي عقد في "القاهرة" للدفاع عن "فلسطين" عام 1938، وعيّن مديراً للمعارف في "السويداء" عام 1942، وفي العام نفسه زار مسؤول فرنسي قريته "سالة"، وحين التقاه خاطبه أمام أهالي قريته قائلاً: "إن ألمانيا تسير في باريس، فتقطعها كما يقطع السكين الزبدة، وإن صداقتكم مكتوبة في صدورنا بماء الذهب". فأجابه المجاهد "سليمان نصار": "ونحن نقول إن ما يؤكد هذه الصداقة المنازل المدمرة التي ترونها بفعل طائراتكم"، وأشار إلى داره التي قصفتها الطائرات الفرنسية. كما عيّن محافظاً لـ"السويداء" عام 1947، ورحل عن أهله ووطنه عام 1955، ليدفن في قريته "سالة"».