خلال رحلته التي لا تتجاوز الستة أشهر خاض فريق "كلنا مسؤول" مغامرة البحث عن الفقراء والمرضى في قرى ومدن "السويداء"، فعالج مئات الحالات، ووجد فرص عمل لكثير من الحالات الخاصة، وبنى المنازل لحالات أخرى.

مدونة وطن "eSyria" تابعت عن قرب عمل الفريق الإنساني بتاريخ 21 آب 2017، والتقت البطل الآسيوي "علاء عزام" العنصر الفاعل على الأرض وصاحب المبادرة فيها، حيث قال: «على الرغم من عدم وجود جداول وإحصائيات وفرق كشافة وحواسيب، كما هو الحال لدى أغلب الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية الناشطة في المحافظة، وكذلك مديرية الشؤون الاجتماعية، فإن هذا الفريق الصغير وصل إلى أقصى بيت في ريف المحافظة، واصطدم بكوارث لا يمكن لعاقل في أغنى محافظة سورية مالاً وهجرة أن يصدقها، أو يستوعب قصتها.

أعدّ هذا الفريق الذي أسس على فعل الخير للمحتاجين مكملاً لأي عمل إنساني، فعند الشدائد تتجلى الإنسانية، ونحن كأطباء وطواقم طبية على استعداد دائم وبكل استطاعتنا لدرء المرض والوجع عن الناس الموجوعة، هذا أساس عملنا وقسمنا

حيث بدأت قصة الفريق عندما اكتشفنا أن هناك امرأة وأبناءها يعيشون تحت الأرض في قرية "الكارس" جنوب "السويداء"، وكانت الفكرة في مساعدتها لكي تستطيع بناء غرفة صغيرة فوق الأرض حتى يشعر أبناؤها بحس الطفولة، وعندما انتشر الخبر تحمس عدد من المتطوعين والميسورين، وتم جمع ما يقارب مليون ليرة سورية، ومواد بناء وكسوة لإشادة بيت صغير لائق للعائلة».

حملة المدارس والعيد

وهكذا بدأت القصة، فالذين ساهموا بالبناء اجتمعوا على شبكة التواصل الاجتماعي مع شخصية وهمية تدعى "نور الفياض" التي تعدّ صفحتها الأكثر متابعة في "السويداء"، فتحول عملها إلى فريق ينتشر في كافة أرجاء المحافظة لخدمة الفقراء والمساكين وأصحاب الأمراض المستعصية وأسر الشهداء والجرحى.

وأضاف "علاء": «كان التفاعل كبيراً من قبل المغتربين والميسورين، فالأموال والسلل الغذائية والمنظفات والمحروقات تصل إلى الفريق الذي يعلن في رسائل يومية عن اسم صاحبها وقيمتها وإلى أين ذهبت، لكن كل ذلك يتم كما يقال على البركة. اكتشفنا في الأيام الأولى حجم الفقر الذي يحاصر عدداً كبيراً من الناس، فهناك من يعيش بيننا ولا يعيش.

البيت الذي بني للأسرة المنكوبة

وهناك أناس يعيشون في بيوت لا يوجد فيها أي مقومات للعيش الكريم، فاتفقنا على العمل المتواصل، وكل شخص يذهب إلى منطقة، كان التعب كبيراً، لكن النتائج مبهرة، وكان هناك اعتراض من بعضهم على نشر الأسماء، لكننا قررنا العمل بشفافية مطلقة بعيداً عن التعقيد.

وأعترف أن الفريق واجه صعوبات يومية كبيرة، وهناك من تركنا لأسباب كثيرة، لكننا نبتكر الطرائق، وندفع في كثير من الأحيان من جيوبنا لمحاولة ردّ الجوع والبرد عن الناس المحتاجة، وكذلك مساعدة المرضى وجرحى الجيش.

عدة عمليات لطفل صغير حتى استطاع المشي

وأبدع الفريق في طريقة الإعجاب والتعليق على "الفيسبوك" لتحفيز الناس على التبرع والوقوف معهم، وكانت طريقة ناجحة، حيث يقوم الشخص المتبرع بكتابة منشور على المجموعة يطلب فيه من المتابعين وضع "لايك" يحمل قيمة مادية يحددها المتبرع أو تعليقاً يحمل قيمة أكبر، ويقوم أيضاً بتحديد مدة التعليق والإعجاب بالمنشور ريثما يتسلمه متبرع آخر.

وعند انتهاء المدة يتم احتساب المال المجموع، ثم يتم تحويله إلى أحد أعضاء الفريق من دون معرفة الشخص المتبرع».

وعن الأعداد التي استفادت من عمل الفريق، أضاف: «استفاد من عملنا مئات العائلات، وحتى اللحظة بلغ عددها 3300 حالة، منها 264 عملية جراحية متنوعة بين الكبيرة والصغيرة، بين مستشفيات "دمشق" و"السويداء"، وهناك 275 حالة متابعة شهرياً. أما بالنسبة للأعياد والمدارس، فإننا وصلنا إلى خمسة آلاف طفل بفضل الحملة الكبيرة التي قمنا بها بدعم من المغتربين وداعمي الفريق الدائمين في الداخل السوري».

وقد ساهم في هذا الفريق أطباء كثر من كافة الاختصاصات وممرضون ومعالجون فيزيائيون، لا يتلقون أي مقابل على عملهم، يقول اختصاصي الجراحة العامة الدكتور "منيف منذر": «أعدّ هذا الفريق الذي أسس على فعل الخير للمحتاجين مكملاً لأي عمل إنساني، فعند الشدائد تتجلى الإنسانية، ونحن كأطباء وطواقم طبية على استعداد دائم وبكل استطاعتنا لدرء المرض والوجع عن الناس الموجوعة، هذا أساس عملنا وقسمنا».