تكتفي "أمية أبو فخر" باللقطة الواحدة، وتعدّ الكاميرا جسر عبور بين عين الروح والكون، تاركة للقطاتها -التي لاقت في وسائل التواصل الاجتماعي فرصة العرض والحوار- حرية التكوين.

من تجربة خاضتها خارج حدود مواهب المراهقة وفي مرحلة النضج، نشرت هذه المصورة أعمالها، بحالة عنوانها الذاتية ومعادلها الخطأ مرة والنجاح مرات، حيث تحاول التفاعل مع الكون وفق رؤيتها لهذا المحيط الواسع بفهمها لحركته والإصغاء لتناغماته، كما تحدثت عبر مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 آب 2017، وقالت: «لم أكن قريبة بالقدر الكبير من التصوير في مراحل سابقة، لكن منذ سنوات باتت الصورة تمثّل محوراً للرؤية، ونافذة للبحث في تفاصيل لقطات تعبر عبورها المعتاد والسريع، وقد لا يحالفنا الحظ بالتمعن بها ومناقشة تفاصيلها وتكوينها بين الظل والنور ومجازية تكرار اللقطة من عدمه، وكانت محاولاتي الأولى بلقطات مختلفة حرضتني على امتلاك كاميرتي الخاصة لأحفظ من خلالها حالة شعورية مرة في لحظة وساعة محددة تفك رموزها الذاكرة؛ فعلاقتي مع الكاميرا نتاج علاقتي مع الكون وجمال تفاصيله، وهي المترجم بزاوية بسيطة نوثقها لكنها عميقة التأثير والمعنى.

أعدّ لمعرضي الفردي، لكن هذا ليس غايتي اليوم، لأن عملية التعريف بأعمالي كانت من خلال شبكات التواصل لألمس ردود الفعل، وأجد متابعة من متخصصين كان لتقييماتهم أثر في تصويب عملي الفني وحالة التدريب الذاتي، وقد تابعتني مجموعات كبيرة ونشرت الأعمال، وكان الحوار غنياً، خاصة لقطات المرة الواحدة، وهي إحدى الطرائق التي حاولت تطبيقها بعفوية، وكانت نتائجها متميزة وأقرب إلى روحي لكونها التقطت بسرعة، وبوسائل أولية، لكنها حصدت نجاحاً؛ وهذا بحدّ ذاته اختبار جميل أسعدني

اهتمامي في هذه المرحلة بالتصوير جدي، وحاولت الاستفادة منه لتأكيد حقيقة تواصلي مع الواقع لأرسم رسائلي عبر الكاميرا، وهي بالنسبة لي رسائل للعين الثالثة، لروح تلك العين التي ترى أشياء لا يراها أحد غيرنا، فلكل مخلوق في هذا الكون لغة وصوت وحركة؛ علينا فقط أن نستمع ونرى».

من أعمال أمية أبو فخر

تترك للقطة حرية التكوين، مأسورة فقط بحالة الانتقاء التي فسرتها قائلة: «لا أنتقي اللقطة، ولا أبحث عن تكوين مناسب لها، ولا أبالغ بالقول إن اللقطة هي التي تختارني، ففي حالة اتجاه العين لمشهد وحركة فيها من المعاني ما يقودني إلى تثبيتها. ونعلم جميعاً أن اللقطة لا تتكرر، وهي مجرد لحظات ليس لنا إلا اقتناصها لنعيد إلى ذاكرتنا مرحلة عبورها، فكل ما يحيط بنا متجدد، وفائدة ما نقوم به من تصوير هو التثبيت، ليس فقط للحالة البصرية، بل لمشاعرنا وحديثنا الهامس للمحيط، وهي حالة الإصغاء المرافقة للسكون لفهم حالة حوارية تخلقها تفاصيل الحركة التي ينتجها كائن أو فعل الطبيعة.

ففي تناسق الحركة وروح التوافق أو التضاد تفاصيل مختلفة في كل لحظة جعلتني أسير مع روح الحركة ومحورها، مبتعدة عن اللقطة الثابتة والأسس الفنية المعتادة، وتفاصيل التكوين الجامدة، فالحركة صورة من صور الحياة تجسدها الكائنات على اختلاف أنواعها، وفي كثير من اللقطات كان للطائر حضور في تجمعاته الفطرية والنباتات في تحولاتها وتقلبات الليل والنهار، وخطوط ومنحنيات التلاقي بين الإنسان وما يتشارك معه، لأجد في النهاية أنني جمعت رصيداً من اللقطات يشكل حلقة متكاملة تدور في هذا الفضاء بطريقة بدأت بالفطرة، وتحولت إلى عمل منظم لكنه لم يخرج لغاية اليوم من إطار الهواية؛ لكون الاحتراف خطوة تحتاج إلى دراسة أكبر وجهد وتفرغ كامل لا يمكن توافره في هذه المرحلة».

المصور أجود الزغير

وجَدت في وسائل التواصل فرصة العرض واستطلاع الآراء، وقالت: «أعدّ لمعرضي الفردي، لكن هذا ليس غايتي اليوم، لأن عملية التعريف بأعمالي كانت من خلال شبكات التواصل لألمس ردود الفعل، وأجد متابعة من متخصصين كان لتقييماتهم أثر في تصويب عملي الفني وحالة التدريب الذاتي، وقد تابعتني مجموعات كبيرة ونشرت الأعمال، وكان الحوار غنياً، خاصة لقطات المرة الواحدة، وهي إحدى الطرائق التي حاولت تطبيقها بعفوية، وكانت نتائجها متميزة وأقرب إلى روحي لكونها التقطت بسرعة، وبوسائل أولية، لكنها حصدت نجاحاً؛ وهذا بحدّ ذاته اختبار جميل أسعدني».

المصور الفوتوغرافي "أجود الزغير" تابع أعمالها، وقال: «تابعتها من خلال شبكات التواصل، حيث اطلعت بالمصادفة على بعض اللقطات، ووجدت فيها ملامح لمصورة متميزة، ومن بعدها تابعت الأعمال التي واصلت عرضها ولمست أنها مصورة احترافية تمتلك عيناً ترى الألوان بصورة سليمة مئة بالمئة، وتحاكم الظل والنور بدقة، ولقطاتها فنية، ولها صور وثائقية، منها لقطة "بائع العفش"، و"الشجرة" التي يخيل للمتابع أنها درست الإضاءة، مع العلم أنها التقطتها بطريقة بسيطة ومن دون تقنيات تذكر؛ وهذا يدل على حرفية عالية ومهارة قابلة للتطور.

من أعمال أمية أبو فخر

وأتوقع أنها من المصورات القادرات على رسم خط خاص سمته الذاتية من حيث التفرد والفكرة، فاللقطة لديها موضوع وبحث وفكرة غنية تستحق المتابعة والرصد، وجميل أن تكون اللقطة بداية لحوار يكرسها في عين الناظر وفكر المتابع، وأتصور أن هذا أحد مواضيع التصوير الفوتوغرافي. وللعلم إنها تقوم بتدريبها الذاتي من دون دراسة، فللتجربة مستقبل أتوقع أنه ناجح ويقودها بخطى واسعة إلى الاحتراف».

الجدير بالذكر، أن "أمية أبو فخر" من مواليد "الجزائر" عام 1972، خريجة معهد التربية الفنية.