من النحت إلى التصوير، تطير "غنوة حاطوم" بحلم شاب في فضاء تعاشر فيه الألوان فيض أحلامها؛ بدافع البحث عن الذات ومسار واضح التفاصيل يحكي عنها.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 نيسان 2017، التقت "غنوة حاطوم" للإضاءة على تجربتها، فقالت: «الفن حالة من التنفس العميق، وأوكسجين أستمد منه استمراري في الحياة ليعكس حالتي الداخلية بين ما أختزن في ذاكرتي، وبين مشاعر وأحاسيس لا أجد إلا الفن طريقاً للتعبير عنها ونقلها بأمانة على القماش، هي حالة من الارتباط وثقتها بالدراسة بعد المعهد، لأكون على مسافة قريبة من مورد المعرفة.

"غنوة حاطوم" تجربة فيها شغف وطموح للإقدام على الحياة وتطوير البحث، لم تستقر بعد على إيقاع معين، وأتصور أن التجربة قادرة على ضبط هذا الإيقاع، ولكونها تجربة شابة، فالطموح واعتناق حالة البحث مشروع لا نهاية له، وبما أن بدايتها كانت مع النحت؛ فللنحات عين جميلة لدراسة الكتلة والتكوين، وملكات تسدلها اليوم على تجربتها بالتصوير وتوظفها لتقدم عدة تجارب، تحاول فيها الحديث عن رؤية فيها الكثير من الخيال، وأتوقع أننا سنعايش تجارب أكثر نضجاً، فقد يريد الفنان نقل خيالات وأفكار، وقد يصيب مرات، وقد ينحرف عن المسار، لكن تكرار الغوص في معالجة اللون يبقى الطريق الأمثل للوصول إلى نقطة عبور، وما شاهدناه من أعمالها يتحدث عن الجمال، وهي بعمل دؤوب تحاول صياغة الأجمل

تخصصت بالنحت، وعملت مدة على مشروعي الخاص، لكن وفي مرحلة لاحقة، وبفعل إصابة في اليد انتقلت إلى التصوير، مستفيدة من عين النحات القادرة على التشريح، التي تعطيني رؤية مختلفة للمحيط لأرى المجال بمنظور مختلف، وكل التحولات التي نلتقطها بقصد أو من غير قصد، أوثقها في أعمال كانت في البداية منتمية إلى التعبير الواقعي، ولفكرة اختبرت بها مدى قدرتي على الخروج بنتائج من معالجة اللون والخطوط، لتكون مراحل أولية شغلت مرحلة الانتقال من الحجر والنحت إلى التصوير الذي راح يشدني إلى معالجات أعمق وتفاصيل نازعت الخيال، لكونه أقوى من حيث التأثير من الواقع، ومعه نسير من دون تردد نحو عوالم وفضاءات أعجبتني ووجدت فيها ما كنت أبحث عنه في اعتناق الفن».

الفنانة غنوة حاطوم في معرض حواء الثاني

وتتابع: «كانت البداية مع المرأة باقتناص لمفردات الجمال، ونثر رسائل متمردة؛ ففي المرحلة الأولى، ظهر اهتمامي بجسد المرأة؛ لأنني أجد فيه مفردات الجمال التي لا تنتهي، وكانت تجربة جميلة، فمن الضروري، أن يرسم الفنان بالأسلوب الواقعي ويتمكن منه لينتقل إلى مدارس أخرى، مثل: الانطباعية، والتكعيبية، والتجريدية، وغيرها من المدارس، وهنا حاولت أن ألقي الضوء على ما درسته كفنانة أكاديمية في هذه المرحلة عندما تناولت جسد المرأة لأعبر عن قوة خطي وتمكني من عجينة اللون، وبعدها كانت المجموعة الأخيرة، التي عبرت عن تحول واضح إلى المدرسة التجريدية، ولأكون صريحة، فقد نتجت بمحض المصادفة عندما ظهرت انفعالاتي العفوية، وعليه اختبرت هذا العمل بالمدرسة التجريدية، وكانت تجربة خجولة تحت عنوان عريض هو التمرد على الوضع الراهن، وعلى كل ما يؤثر في المرأة في هذه الأوضاع، ولأن المفردات التي استخدمتها والتوازن بين الجسد والتعبير من خلال جمال جسد المرأة لم تشفِ غليلي، كان انفعالي خلف دفع الريشة لتمرد أعمق من حيث الفكرة لتطغى على الشكل، وليتماهى وينساب بتشكيلات لونية عبرت عن أنوثتها بلا وجود واضح لجسدها، لتعايش ألواني الروح الأنثوية التي طغت على أعمالي في هذه المرحلة، وقد عرضتها في معارض مشتركة ولاقت القبول، لتنتقل إلى دول أجنبية، وأعدّها سفيرة جميلة عني وعن الفنان السوري».

تتابع "غنوة": «اخترت أن أدرس الفن أكاديمياً؛ لأن البحث ينضج بالدراسة الأكاديمية؛ فبعد النجاح في الثانوية الفنية بمعدل جيد، دخلت معهد إعداد المدرسين، قسم الرسم، وتفوقت ودرست بالتزامن مع المعهد في مركز الفنون التشكيلية، وعدت لدراسة الشهادة الثانوية، الفرع الأدبي؛ لأدخل كلية الفنون الجميلة؛ حلمي الأول، وتفوقت وقررت التفرغ للفن، هذه السنوات جعلتني أكثر تمسكاً بحلمي الذي بات حقيقة يحفزني لتجريب كل الخامات، وكنت نشيطة أجرب كل الخامات لكوني نحاتة بالخشب والحجر والجبس المباشر والصلصال والمعدن، وشاركت لمدة عشر سنوات بكل المعارض لطلاب مركز الفنون التشكيلية، وكانت أول تجاربي مع النحت بمادة "الستريوبور". أما اليوم، فقد تخصصت بالتصوير، وهذه تجربة أعمل على دراسة خطواتي فيها جيداً، فهنا للون سحر يتماشى مع خيالي ومع ما يمنحني من حرية للقبض على أفكار ملونة عميقة الحس والطرح من وجهة نظري، وأحاول تجسيدها. وفي المطلق، هي تجارب قد تقودني إلى مساحات جديدة وآفاق أجمل».

من أعمالها

الفنان "منصور الحناوي" عنها قال: «"غنوة حاطوم" تجربة فيها شغف وطموح للإقدام على الحياة وتطوير البحث، لم تستقر بعد على إيقاع معين، وأتصور أن التجربة قادرة على ضبط هذا الإيقاع، ولكونها تجربة شابة، فالطموح واعتناق حالة البحث مشروع لا نهاية له، وبما أن بدايتها كانت مع النحت؛ فللنحات عين جميلة لدراسة الكتلة والتكوين، وملكات تسدلها اليوم على تجربتها بالتصوير وتوظفها لتقدم عدة تجارب، تحاول فيها الحديث عن رؤية فيها الكثير من الخيال، وأتوقع أننا سنعايش تجارب أكثر نضجاً، فقد يريد الفنان نقل خيالات وأفكار، وقد يصيب مرات، وقد ينحرف عن المسار، لكن تكرار الغوص في معالجة اللون يبقى الطريق الأمثل للوصول إلى نقطة عبور، وما شاهدناه من أعمالها يتحدث عن الجمال، وهي بعمل دؤوب تحاول صياغة الأجمل».

الفنان منصور الحناوي