تتنقل كاميرا المخرج "وليد العاقل" في فيلمه الجديد "بنت القليب" بين أماكن غابت عن الذاكرة، وشخصيات نسائية من لحم ودم، منهن من قضين في الثورات الحقيقية ضد المستعمر، ومنهن من قدمن أولادهن شهداء في الحرب التي تشنّ على "سورية".

يقول المخرج "وليد العاقل" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 آذار 2017، عن الهدف من هذا الفيلم في الوقت الحالي: «في ظل الظواهر السيئة الدخيلة على مجتمعنا السوري المُحافظ، وانتشار حالات بعيدة كل البعد عن تربيتنا الأخلاقية والوطنية، رغبت باستصراخ القيم الحقيقية والفضائل الإنسانية في داخل كل من يشاهد "بنت القليب"؛ بالعودة إلى الماضي المجيد والتاريخ الساطع لجداتنا اللواتي ساهمن بحركات التحرر الوطني، وكنّ الرديف الحقيقي للثوار، غير دورهن الطبيعي بتربية المناضلين الشرفاء المؤمنين بعمق ثوابتنا الوطنية والاجتماعية».

جاءت أهمية هذا الفيلم من كونه يتحدث لأول مرة عن نضال المرأة ضد الاحتلال الذي تعرّض له الوطن، من دون التطرق إلى دور الرجل، وهي محاولة لإنصاف نضال النساء اللواتي كنّ شريكات في المعاناة، وربما تحمّلن أكثر من الرجال

عن المحرض الأساسي الذي دفعه إلى هذا العمل، أضاف: «من يجهل تاريخه لا يمكن أن يستشرف المستقبل. موجع أن نجري استطلاعاً على مختلف الشرائح لنكتشف حجم الهوة بيننا وبين شخصيات من لحمنا ودمنا ساهمت بصنع استقلال بلدنا. وفي أبهى الحالات وجدنا أن جيلاً كاملاً ربما سمع بالاسم، لكنه لا يعي التفاصيل. نحن كان لنا شرف المحاولة لنذكّر بالتفاصيل ونوثق الحكاية؛ وخاصة بعد تفشي حالات الفساد والعبث بأخلاقية أبناء "جبل العرب"، وتقاليدهم الاجتماعية. مع أن هذه الحالات قليلة، إلا أنها طافية على السطح، والفيلم موجه إلى هؤلاء لتذكيرهم بالقيم والأخلاق».

لقطة من الفيلم

يظهر في "برومو" الفيلم أعداد كبيرة من الممثلين أغلبهم غير محترفين أو معروفين، حيث اعتمد المخرج في اختيارهم على أبناء محافظة "السويداء"، وقال: «معظمهم أصدقاء مقربون آمنوا بفكرة العمل وساندوني لإنجازه، وأغلبهم أشخاص لم تتح لهم الفرصة ليقفوا أمام عدسة الكاميرا، وليس لهم أي علاقة بالأعمال الفنية، لكن الحوارات والنص المكتوب يحاكي حياتهم اليومية سلوكاً وفعلاً؛ لذلك أبدعوا وكانوا أجمل من جسّد الأدوار بنظري. أعرف أنها مغامرة، لكني سعيد بها، وقد خففت عبئاً مادياً على الشركة؛ لأن العملية الإنتاجية اليوم مكلفة جداً».

مدير الإنتاج "زياد أبو طافش" تحدث عن الصعوبات التي واجهت العمل، وقال: «تداخل النهضة العمرانية الحديثة بالأبنية الحجرية القديمة؛ جعلنا نبحث مطولاً عن أماكن تناسب روح العمل والمشاهد الدرامية فيه، ولحرص المخرج وإيمانه بقيمة المكان، إضافة إلى السرد التاريخي وحبكة السيناريو والحوار؛ كان الحجر والتراب والأرض من الأبعاد المهمة في تتويج المشاهد بالعمق التاريخي للأجداد، ونضالهم الوطني في ذلك الوقت.

الفنانة اعتدال شقير

الكادر الفني والتقني ثلاثة أشخاص فقط، كانوا يقومون بتجهيز المواقع والديكور المناسب والملابس والإكسسوارت للشخصيات، وبذل المخرج جهداً مضاعفاً لإنجاز الفيلم في ظل انعدام المقومات الأساسية من إضاءة ومعدات الصوت والمكياج والكوادر الفنية الأخرى، فكان يعدّ نفسه أمام تحدٍّ لإنجازه وظهوره للعلن. واضطررنا في أحد المشاهد الليلية للتصوير إلى استعمال كشافات السيارات الموجودة في المكان سعياً لتقديم مادة ورسالة تكون بصمة فارقة في العمل الدرامي بصرف النظر عن الجهد والعناء، فالمشاهد لا يهمه سوى النتيجة النهائية والعمل المتكامل على الشاشة».

"داوود أبو شقرا" الإعلامي والشاعر المعروف، الذي كان الراوي الرئيس في الفيلم، قال: «جاءت أهمية هذا الفيلم من كونه يتحدث لأول مرة عن نضال المرأة ضد الاحتلال الذي تعرّض له الوطن، من دون التطرق إلى دور الرجل، وهي محاولة لإنصاف نضال النساء اللواتي كنّ شريكات في المعاناة، وربما تحمّلن أكثر من الرجال».

تل القليب

يذكر أنّ مدة الفيلم ستون دقيقة، ويصادف عرضه في "عيد الأم"، الذي يتوافق مع ذكرى رحيل "سلطان باشا الأطرش".