تحتاج الظواهر السلبية التي يسلكها جيل الشباب في مرحلة عمرية معينة، إلى مبادرات عقلانية لتوجيهها نحو التنمية الاجتماعية بدلاً من انتشار تأثيرها السلبي، وقد حمل "رافع مقلد" وزر إعادة بوصلة أقاربه إلى وجهتها الصحيحة، وكوّن منهم نموذجاً تنموياً لخدمة المجتمع.

حول الظاهرة السلبية وتحويلها إلى فعل خير وديمومة عند بعض شباب قرية "رامي" التي تبعد نحو 30 كيلومتراً عن مدينة "السويداء"، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 7 كانون الثاني 2017، التقت "رافع مقلد" صاحب المبادرة، الذي بيّن قائلاً: «تميّزت قريتنا بأنها مكوّنة من عائلة واحدة، وهي "آل مقلد"، فيها مجموعة شباب متنوعة بفئاتها العمرية، تأثروا بالظواهر السلبية التي يمرّ بها البلد، وبدلاً من استخدام أساليب القمع والمخالفات، وقع الاختيار من نخب القرية المثقفة على استيعابهم والعمل على الاستفادة من طاقاتهم الشبابية، لتكون في تفعيل التنمية بدلاً من توسيع رقعة الأمراض الاجتماعية. وبالفعل بدأت معهم بوسائل التواصل الاجتماعي عبر تكوين مجموعات، ومن خلال الحوار الجادّ والمنطقي القائم على منظومة الأخلاق والتقاليد، بدأنا نستقطب هؤلاء الشباب، بلغ عددهم في البداية عشرة أفراد، ولأنهم يملكون خلفية إنسانية طيبة، وإرادة قوية للتغيير نحو الأفضل؛ كانت الخطوات الاجتماعية والتوجيهية تلقى القبول لديهم، وتحقّق الجزء الأهمّ من الهدف، حيث أخذوا يستمعون إلى بعضهم -ولو باختلاف الرأي- حتى ولدت بعد أيام قليلة الألفة فيما بينهم. وأخذت المجموعة تزداد يوماً بعد يوم حتى وصل عددهم إلى سبعين شاباً، وكان ذلك الازدياد يترافق مع ارتفاع مستوى الحوار ونوع النقاش، والاهتمام بهم، ولم يكن لدينا القدرة على جمعهم مباشرة إلا من خلال قيمة العمل، وكانت القرية بحاجة إلى أيدي الشباب للعمل على توفير خدماتها، وانطلقنا بالخطوة الأولى الواثقة».

كنت أخشى عدم القدرة على السيطرة عليهم، لكن المخزون الأدبي والأخلاقي، جعلهم يستجيبون إلى أول دعوة شخصية لهم في صالة القرية العامة. في البداية واجهنا صعوبة كبيرة في تحديد الطريق المناسب، لكنهم كانوا سبّاقين إلى خدمة القرية، وانعكس ذلك على تعاملهم اليومي، ومع أول تجربة خدمية ظهرت بوادر الفعل، وباتوا يطالبون بالعمل، ومعاً عملنا على تنظيف حدائق القرية وشوارعها بحملات تطوعية، ثم مشاريع خدمية، ومؤخراً زرعوا أكثر من 300 غرسة من الأشجار بقصد حماية البيئة، إضافة إلى الدوريات الليلية لحماية القرية وممتلكات أهلها، وتحولوا إلى عامل إصلاح حقيقي ومشاريع تنموية متطورة تساهم في زيادة المردود والناتج المحلي

وتابع: «كنت أخشى عدم القدرة على السيطرة عليهم، لكن المخزون الأدبي والأخلاقي، جعلهم يستجيبون إلى أول دعوة شخصية لهم في صالة القرية العامة. في البداية واجهنا صعوبة كبيرة في تحديد الطريق المناسب، لكنهم كانوا سبّاقين إلى خدمة القرية، وانعكس ذلك على تعاملهم اليومي، ومع أول تجربة خدمية ظهرت بوادر الفعل، وباتوا يطالبون بالعمل، ومعاً عملنا على تنظيف حدائق القرية وشوارعها بحملات تطوعية، ثم مشاريع خدمية، ومؤخراً زرعوا أكثر من 300 غرسة من الأشجار بقصد حماية البيئة، إضافة إلى الدوريات الليلية لحماية القرية وممتلكات أهلها، وتحولوا إلى عامل إصلاح حقيقي ومشاريع تنموية متطورة تساهم في زيادة المردود والناتج المحلي».

رافع مقلد

"عدنان ناظم مقلد"، أوضح حالة التحول والاهتمام بالقول: «لعل طيش الشباب وحب الفضول دفعنا إلى معرفة ما نجهل. لكن بفضل المجتمع والعادات والتقاليد الأصيلة، وصبر الشاب "رافع مقلد" الذي عمل على جذبنا كشباب لدينا رؤية وأفكار وتطلعات، حيث خاطبنا بلغتنا، وبالأسلوب الذي نرغب فيه، وكوّن معنا شخصية أخرى تحمل الأبعاد الاجتماعية والإنسانية، وأعادنا إلى جادة الصواب، فأصبحنا نشعر بأن مسؤوليتنا تجاه مجتمعنا أكبر، وأننا بتنا عناصر فعالة لها مساهمتها وعملها في التنمية وصنع مشاريع تنموية، وآراء ثقافية، وبات الحوار العقلاني المنطقي هو لغة الرقي والمعرفة والثقافة، والتسابق على نشر ثقافة التطوع والإنجاز بتحقيق الأفضل للقرية والمجتمع هو الهدف والغاية، وأشعرنا بأهمية الإنسان الفعال المعطاء في مجتمعه وبين أهله».

وبيّن "منتصر نسيب مقلد" أهمية العمل الجماعي وصناعة العمل الخيري الاجتماعي، بقوله: «إن الإنسان يعيش تجارب متنوعة ومتعددة، لكن الأهم أن يستفيد من تجربته، ويتحول من ظاهرة سلبية في مجتمعه، إلى عنصر فعال ومهمّ وذي رأي بين أهله وذويه، ويشعر بأن تكوين شخصيته قائمة على احترام الآخر والاستفادة منه. و"رافع مقلد" الذي تابع خطواتنا بصبره على رعونة الشباب وحبّ التمرّد، جعلنا نقف مع ذواتنا متأملين معنى الشخصية القيادية الحاملة لإنسانية المجتمع والمستمدة قوتها من منظومة العادات والتقاليد وأدب مضافاتنا، ولهذا انعكس فعلنا السلبي على أنفسنا، ليكون حاجة لنا في تغيير مسارنا نحو التنمية والتوافق والمصالحة الذاتية، وحققنا السبق أن اتخذنا من إرادتنا قوة واحدة لإنقاذ إخوة لنا كانوا سينغمسون في بحر الأخطاء الجامحة، واليوم باتوا بفضل التعاون وثقافة التطوع والسعي الدؤوب من عناصر الإصلاح الاجتماعي، والأيدي المنتجة على حساب الاستهلاك».

عدنان ناظم مقلد
منتصر نسيب مقلد