تعدّ المهندسة المعمارية "هيلين سهيل مراد" واحدة من المهندسات اللواتي بادرن بأعمال إنسانية ضمن اختصاصها العلمي، إضافة إلى سعيها الدؤوب إلى المعرفة والعلم، معتبرة أن العمل الإنساني طريق النجاح وبوابة للعلوم.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 27 كانون الأول 2016، التقت الدكتور "سعيد العفلق"، وعنها يقول: «خلال عملنا الطبي والمساهمة في بناء مستشفى "الشفاء" الخيري، تعرّفت المهندسة "هيلين مراد"، حيث وجدت فيها إخلاصها للعمل، والتفاني بالحصول على المعرفة. ولعل السؤال الأهم في كيفية الحكم والتوصل إلى نتيجة الإخلاص بالعمل؛ إذ تكوّنت تلك القناعة من خلال المخططات الهندسية المعمارية العالية في المستوى العلمي من دون مقابل مادي، وكذلك السعي بجهد مضاعف إلى البحث عن المعلومة العلمية وامتشاق سيف المعرفة، حيث قدّمت لفريق العمل بالمستشفى عملاً هندسياً ومخططات بقيمة ملايين الليرات السورية من دون مقابل، معتبرة أن هذا العمل أكسبها خبرة معرفية وقيمة إنسانية؛ لأنها أظهرت ما تحمله من طاقة إيجابية بحثية في المجالين العلمي والاجتماعي، وما زالت تبحث في بطون المراجع عن الأفضل والمعلومة الأحدث في عملها الدؤوب».

لقد وضعنا ضمن خطة عملنا أننا سنعتمد العائد العلمي والاجتماعي الإنساني أكثر بكثير من العائد المادي مهما كانت قيمته، لأن هذا المشروع بالنسبة لي فرصة كبيرة لي لأقدم كل إمكانياتي العلمية لإنجاز صرح يحاكي بتصميمه وخدماته المقاييس العالمية وحاجات المجتمع كافة، والأهم أنه يمثل الجانب الخيري بالمجتمع في ظل تداعيات ارتفاع أسعار المعيشة، وانتشار هذا المرض المشؤوم

وعن مبادرة المهندسة "هلين مراد" بالمخططات الهندسية مجاناً، بيّن الدكتور "عدنان مقلد" صاحب مبادرة مستشفى "الشفاء" الخيري بالقول: «حين بدأنا بفكرة مبادرة مستشفى الشفاء الخيري لمرضى السرطان، بحثنا في المكاتب الهندسية عن تكاليف إعداد مخططات هندسية معمارية ومدنية للمستشفى، وجميع المكاتب قدمت عروضها بأسعار معينة، حيث قدرت تكلفة أقل عرض بـ25 مليون ليرة سورية، وحين علمت المهندسة "هلين مراد" بذلك بادرت بالاتصال وقدمت لنا عرضاً أنها على استعداد لتقديم تلك المخططات مجاناً، حاولنا البحث عن الأسباب، وجدنا أن هذا العمل يمنحها السعادة القصوى، ويحقق طموحها في تقديم مبادرة علمية اجتماعية إنسانية، وبالفعل عملت على خلق عمل هندسي علمي نال القبول والاستحسان عند المختصين قبل العامة، وما زالت تعمل على تحديثه على الرغم من ارتفاع أسعار الأجور للمكاتب الهندسية، إلا أنها ظلت مصرة على العمل مجاناً».

الدكتور سعيد العفلق

وحول نشأتها الاجتماعية والتعليمية، بيّنت المهندسة "هلين سهيل مراد"، قائلة: «ولدت في مدينة "السويداء" عام 1981، ضمن أسرة محبة للعلم والمعرفة وداعمة للنجاح، أسرة مؤلفة من أم معلمة وأب أمضى جلّ عمره في الاغتراب، وأخوين؛ واحد مهندس إلكترون واتصالات، وآخر صيدلاني. درست في مدارس "السويداء" المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، ثم أكملت دراستي في كلية الهندسة المعمارية في جامعة "دمشق"، وتخرّجت فيها عام 2006 لتبدأ حياتي العملية بالخطوات الأولى في العمل الهندسي ضمن مكتب دار المهندسين الاستشاريين في "السويداء"، ومن خلاله نلت الدعم المهني والعملي وبناء شخصيتي للخوض في ميادين الهندسة، وفي عام 2010 تزوجت من زميلي وصديقي المهندس "طلال جربوع"، وقمنا بتأسيس مؤسسة زوجية وأنجبنا ثلاثة أطفال، ومؤسسة هندسية أثمرت مكتبنا "كروكي للهندسة"؛ مستثمرين طاقاتنا وخبراتنا العلمية لإنتاج مجموعة من المشاريع التنموية على مستوى المحافظة، حيث توّج سعيي إلى المستوى المهني والإنساني في مستشفى "الشفاء الخيري"، الذي به ومن خلاله ترسخت منظومة القيم الاجتماعية والإنسانية في داخلي بتحقيق شيء نما مذ كنت أدرس في الصفوف الأولى الجامعية، والشيء الآخر الشعور بالمساهمة في رسم ابتسامة على شفاه مريض أو محتاج، وخلق فرص عمل لأناس يحبون العمل في هذا المجال الخيري».

وعن مراحل العمل للمخططات الهندسية لمشروع مستشفى الشفاء الخيري، تابعت: «بدأنا العمل على المخططات الهندسية عام 2015 بالتعاون مع الدكتور "عدنان مقلد" رئيس جمعية "أصدقاء مرضى السرطان"، الذي عمل على التنسيق مع عدد كبير من الخبرات الطبية والفنية والإدارية والإعلامية الموجودة على ساحة المحافظة، حيث كوّنا فريق عمل متكاملاً لرفع مستوى المخططات بغية المحاكاة والتماهي مع أحدث ما توصل إليه الواقع الطبي؛ الأمر الذي دفع بنا إلى زيارة العديد من المشافي العامة والخاصة في محافظتي "السويداء" و"دمشق" للاطلاع على واقع المستشفيات، ومعرفة الاحتياجات والمتطلبات ضمن كل اختصاص، ونقاط القوة والضعف وتفاديها، وكذلك دخول العالم الافتراضي في العالم بهذا المجال، والاطلاع على أفخم المستشفيات العالمية وتجهيزاتها ومواكبتها، وهذا المنجز العلمي الذي يعدّ تطويراً في شخصيتي العلمية والثقافية من جهة، والطموح الأوسع لتقديم عمل تنموي فيه فرص عمل متعددة ولفئات مختلفة من أفراد المجتمع، وهذا الجانب أيضاً جعلني أعيش تجربة جديدة في التماهي مع متطلبات الناس واحتياجاتهم وخاصة ممن يعانون مرض السرطان في الظروف الراهنة المكلفة جداً للعلاج والتداوي والكشف عنه».

الدكتور عدنان مقلد

وحول العائد المرجوّ من تنفيذ تلك المخططات، أضافت: «لقد وضعنا ضمن خطة عملنا أننا سنعتمد العائد العلمي والاجتماعي الإنساني أكثر بكثير من العائد المادي مهما كانت قيمته، لأن هذا المشروع بالنسبة لي فرصة كبيرة لي لأقدم كل إمكانياتي العلمية لإنجاز صرح يحاكي بتصميمه وخدماته المقاييس العالمية وحاجات المجتمع كافة، والأهم أنه يمثل الجانب الخيري بالمجتمع في ظل تداعيات ارتفاع أسعار المعيشة، وانتشار هذا المرض المشؤوم».

المهندسة هيلين مراد