حصدت جوائز أدبية متقدمة لسنوات متتالية على الرغم من صغر سنّها، أثبتت موهبتها وخيالها الخصب في رواية القصص، وإبداعها الذي وضعها في مصاف الكاتبات المميّزات.

"إيناس صالح عزام" كانت ضيفة مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 تشرين الثاني 2016، وهنا حاورناها للتعرف أكثر على نتاجها الأدبي وأهم المحطات في حياتها، والبداية كانت من الطفولة التي غالباً ما تكون المؤسس لبذور الإبداع لدى الكتاب والفنانين، حيث قالت: «أمي الوحيدة التي كانت تقول أنني أملك خيالاً خصباً، في حين كنت أتهم بالكذب، فلم يتقبل مجتمعي الحكايات المؤلفة من فتاة صغيرة، وحدها أمي من كانت تستمع إلى ما أكتبه، كل ما كنت أحكيه كان يدور في خيالي وليس نقلاً عن تلفاز أو قصص أو أي شيء آخر».

هذا الخيال أسّس مرحلة تميّز في المدرسة؛ فقد كانت مواضيع التعبير التي أكتبها، تزور جميع الصفوف لتقرأ أمام الطلاب، وأذكر أن المدرّس "منهال أبو حمدان" وقف وبدأ يصفق لي عندما كنت في الصف الثامن، عندما كتبت موضوعاً عن الخريف

وتتابع: «هذا الخيال أسّس مرحلة تميّز في المدرسة؛ فقد كانت مواضيع التعبير التي أكتبها، تزور جميع الصفوف لتقرأ أمام الطلاب، وأذكر أن المدرّس "منهال أبو حمدان" وقف وبدأ يصفق لي عندما كنت في الصف الثامن، عندما كتبت موضوعاً عن الخريف».

الكاتبة "إيناس عزام"

هذا التميّز في المدرسة تبعته سلسلة من النجاحات لسنوات متتالية وعدة جوائز، وعنه تحدثت "إيناس" بالقول: «أول جائزة أدبية كانت المركز الأول على مستوى القطر عام 2004 في الصف العاشر بقصة عنوانها: "السلحفاة والأرنب"، وفي الحادي عشر عام 2005 حصلت أيضاً على المركز الأول عن خاطرة بعنوان: "أنين الروح" مع قصة "امرأة من كبريت"، وفي الثانوية عام 2006 شاركت ضمن مسابقات الشبيبة، وحصدت المركز الأول في القصة، وكان عنوانها: "المدينة الثالثة"، وفي عام 2007 شاركت بمسابقة في "حمص"، وحصلت على المركز الأول أيضاً في قصة حملت عنوان: "خارطة الوجع"، في ذلك الوقت شعرت بأن حياتي أخذت منحى مهماً جداً على الصعيد الأدبي والشخصي، فقد حصلت القصة على جدال واسع بين أوساط النقاد، وقيل إن أحداثها أكبر من أن تكون لقصة، واكتشفت أن لدي نفساً روائياً طويلاً بشهادة النقاد والأدباء المشرفين.

وفي عام 2008 حصلت قصة "سيد النهر" على جائزة "المزرعة" دورة "حنا مينة"، وفي ذات العام أيضاً حصلت على المركز الأول في مسابقة الشبيبة لفئة الخاطرة، بخاطرة تحمل عنوان: "رجل اسمه الخابور"».

حملت "عزام" فيما كتبت الهمّ الوطني والعربي، حيث قالت: «نحن جيل لم يحمل السلاح، لكننا امتلكنا الكلمة، في خارطة الوجع كان همّي العراق، وما يدور على الساحة العربية حاضر في أعمالي بتفاصيل كثيرة؛ لأنني لا أستطيع الابتعاد عن أي مكان.

فقلائل من الروائيات والكاتبات طرقن باب السياسة في الأدب، لكنني أحب السياسة وأديرها كما منزلي، متابعة ومواكبة لما يدور من أحداث، وبالنهاية أكتب هموم الناس وتفاصيل يومهم. ومع حضور الوضع السياسي الراهن والمحيط في أعمالي، إلا أنني لا أتخلى عن أنوثتي وعن كوني أنثى شرقية، أتناول المرأة في أعمالي على أنها كائن قادر على قيادة أي دفة تغيير، من استطاعت أن تصنع المربى من الفواكه التالفة؛ تستطيع أن تصنع من أسوأ الرجال أكثرهم جمالاً».

لكل كاتب بصمته الخاصة، وبصمة "إيناس" الأدبية في النهايات المفتوحة، أضافت: «هي هوية خاصة بي، أنا أعمل على شخصيتي الخاصة في الأدب، أحب أن يكون القارئ شريكي في صنع الحدث.

علم النفس علمني أن أعرف جيداً ماذا يريد القارئ، وأنا أقدّم له الحلول وأتركه يختار النهاية التي يريد، ثلاث من قصصي أطلق عليها ثلاثية؛ لأنني لم أستطع فيها إنهاء حياة أبطالي، قصة "خارطة الوجع" النهاية بقيت مفتوحة، ثم كتبت قصة "جدران الصمت" ولم تنته، وقصة "سيد النهر" ولم تنته أيضاً».

وعن الأمسيات وأماكن نشر نتاجها، تابعت: «نشرت في "الأدباء الشباب" وصحيفة "تشرين" و"الثورة" و"الجبل"، وموقع "السويداء" اليوم، وأقمت أمسيات في "السويداء" و"صلخد" و"قنوات" و"الصورة"، وفي محافظات "دمشق" و"اللاذقية" و"الحسكة"، ودولياً في مصر في الإسكندرية عام 2008 بمؤتمر دولي للسلام تم فيه إحياء أمسيات أدبية».

ويبقى للطموح والأحلام الكلمة الفصل، وعنها قالت: «الأدب ليس مهنتي حتى لو أصدرت أكثر من عمل فأنا مجتهدة، ولآخر العمر سأظل مجتهدة، يهمني الوصول إلى الاحتراف في موهبتي الأدبية، لكنني لا أسعى إلى الكسب المادي من خلالها، فمهنتي هي التدريس للمرحلة الابتدائية، فأنا أحمل شهادة تربية حديثة (مناهج تقنيات التعليم)، ودبلوم تأهيل تربوي».

الشاعر "خالد هنيدي" المتابع لنتاج "إيناس عزام" الأدبي، تحدث بالقول: «عندما تكتب "إيناس" تفعل بنا ما يفعله الرسام بلوحة الغروب، تمزج ألوانها بقلوبنا الصغيرة، وتعطي للكلمة لون أحمر الشفاه، تفرد مفرداتها كعابرة من أقصى الغيم إلى أقصى المنتهى، تترك القارئ حائراً بين نصّ وآخر، وتشبك بمخيلته دبابيس فرحٍ مرة ووجع مرة، تأخذ من بيادر اللغة الناصعة بذورها الممتلئة، تبدأ بالقارئ في الحكايات، وتنتهي به في ألف ليلة وليلة، هكذا هي لغة "إيناس" الأدبية، في قصصها وطريقة سردها، دائماً تحضر الدهشة والضوء، وكأن الكلمة تستعد لصلاة ما، فتتوضأ بمشاعر لهفة القارئ، وتأخذ به على سجادة فاخرة من المعنى لتصل به إلى محراب من كلمة. وما يميزها أكثر تعابيرها المسبوكة بعناية طبيب، وطريقة السرد المدروسة، وحضور الومضة أو الدهشة في خاتمة لا تقل براعة عن البدء».

بقي أن نذكر، أن "إيناس عزام" من مواليد قرية "مياماس" في محافظة "السويداء"، عام 1987، ولديها مشروع روائي قيد التحضير.