تتقدّم عصافير "الزرعي" قائمة طويلة من الطيور التي تعبر منطقتنا في هذه الأيام من العام؛ لتزيّن المكان بوجود قصير الأجل تفرضه ضرورة الهجرة، وقد يكون شغف الصيد.

طيور "الزرعي" عصافير صغيرة تنتقل كأسراب كثيرة العدد تألف الوجود في هذه الأيام بمنطقتنا وحول المنازل، حرصت مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 13 تشرين الثاني 2016، على متابعة الحدث من خلال المهتمين الذين ترقبوا عبورها لنقل رسالة المحافظة عليها، وعدم الاعتداء على هذه الطيور الجميلة وغيرها من الطيور المهاجرة الغريبة والنادرة التي تقدم حالة من التنوع الحيوي؛ وفق حديث "وجيه القنطار" الباحث في مجال التنوع الحيوي المتخصص بالطيور، الذي بيّن أهمية رحلة هذه الطيور التي تختار منطقتنا للتكاثر، وقال: «كثيرة هي الطيور التي تكون مسيرة حياتها معتمدة على الهجرة، حيث تنتقل من بلد إلى آخر تفادياً للبرد وهرباً من الموئل الضعيف الذي لا يهيّئ لها الظروف المناسبة.

من الطيور التي تزور مناطقنا أيضاً: "الهدهد"، و"الفري"، وأنواع "الحساسين"، ومجموعة الطيور الجارحة، مثل: "عقاب السهول"، و"العقاب قصير الإصبع" الذي يعبر عن الشعار الوطني لبلدنا "سورية"، و"الصقر الحوام"، و"الباشق"، و"العوسق"، وغيرها، حيث أدى نقص هذه الطيور في بيئتنا إلى تأذي أنواع كثيرة من الأشجار؛ بسبب كثرة الفئران التي كانت الغذاء الحقيقي لهذه الطيور، وخصوصاً أشجار التفاح في منطقة "ظهر الجبل"، ونحن نسعى دائماً إلى حثّ الجهات المسؤولة على ردع أعمال الصيد لتكمل الطيور رحلتها باتجاه أفريقيا سالمة، والتعريف بأهمية هذه الهجرة التي في حال توافرت شروط إقامتها تكسب المنطقة الكثير من الفوائد؛ أولها جمالية وطبيعية، وثانيها والأهم هو تكامل دور الحياة الطبيعية؛ ليقدم الطائر خدماته لبيئتنا، وتستمر دورة الحياة كما خلقها الباري ونظمها

طائر "الزرعي" هو نوع من العصافير صغيرة الحجم، يزور "سورية" مع أنواع كثيرة من الطيور، منها: الطيور الجارحة، والمائية، وأنواع أخرى من العصافير الصغيرة، و"السمن"، و"الفري"؛ ففي هذه المدة ما بين شهري تشرين الثاني وكانون الأول، تأتي الطيور المهاجرة متجهة من آسيا وأوروبا إلى أفريقيا طلباً للدفء؛ فتقيم مدة طويلة في "السويداء"، حيث الموئل المناسب، والحرارة المعتدلة.

الباحث وجيه القنطار

يظهر "الزرعي" الذي نعرفه، حيث تأتي أسراب كبيرة منه، وتعشش في غاباتنا الصغيرة، ومعه مجموعة أنواع، منها "القبرة المتوجة" الذي نسميه "جعيطي"، و"القبرة قصيرة الإصبع"، و"قبرة السماء"، هذه الطيور جميلة، ولكثافتها في الهجرة جمال وروعة.

ولسوء حظّها أنها تصطدم بالواقع المرير هنا؛ حيث الصيد الجائر من دون رحمة؛ وهو ما يؤدي إلى نقص شديد بالطيور المهاجرة عالمياً؛ وهذا يؤدي إلى انقراض الكثير من الأنواع».

المصور أجود الزغير في رحلة تصوير الطيور

عن الطيور التي تزور المنطقة أيضاً، يحدثنا بالقول: «من الطيور التي تزور مناطقنا أيضاً: "الهدهد"، و"الفري"، وأنواع "الحساسين"، ومجموعة الطيور الجارحة، مثل: "عقاب السهول"، و"العقاب قصير الإصبع" الذي يعبر عن الشعار الوطني لبلدنا "سورية"، و"الصقر الحوام"، و"الباشق"، و"العوسق"، وغيرها، حيث أدى نقص هذه الطيور في بيئتنا إلى تأذي أنواع كثيرة من الأشجار؛ بسبب كثرة الفئران التي كانت الغذاء الحقيقي لهذه الطيور، وخصوصاً أشجار التفاح في منطقة "ظهر الجبل"، ونحن نسعى دائماً إلى حثّ الجهات المسؤولة على ردع أعمال الصيد لتكمل الطيور رحلتها باتجاه أفريقيا سالمة، والتعريف بأهمية هذه الهجرة التي في حال توافرت شروط إقامتها تكسب المنطقة الكثير من الفوائد؛ أولها جمالية وطبيعية، وثانيها والأهم هو تكامل دور الحياة الطبيعية؛ ليقدم الطائر خدماته لبيئتنا، وتستمر دورة الحياة كما خلقها الباري ونظمها».

تابعها لأعوام متلاحقة المصوّر الفوتوغرافي المحترف "أجود الزغير"، ولاحظ كثافة الأعداد التي تعدّ مغرية للصيادين، لكنها أكثر إغراءً وجمالاً لكاميرات المصورين المحترفين الذين ينتظرون هذه الأيام من العام لالتقاط ذكريات هذه الرحلة الموسمية، ويضيف: «ترقبت هذه الطيور في هذه الأيام من السنة، وحتى منتصف الشهر القادم تأتي الطيور المهاجرة من "الشمال السوري" ومن قارات أخرى متجهة إلى الأردن والسعودية والأماكن الدافئة، واستراحتها الوحيدة في "جبل حوران" لتستقر مدة من الزمن، قد تكون من أجمل المواسم وأغناها باللقطات الجميلة لطيور "الزرعي" التي تنتشر بكثرة بين المنازل لأوقات قصيرة؛ ففي العام الفائت وصلت ليلة التاسع من شهر تشرين الثاني، وهذا العام تأخرت قليلاً وقضت ليلتها، ومع بزوغ الفجر غادرت، ربما إلى مكان قريب لتتنقل بهدوء مانحة جمالها على هذه الرقعة.

طيور "الزرعي" بين المنازل

ما يثير الانتباه أنها لا تصدر أي أصوات، وتقضي استراحتها في المدن وبين البيوت، ربما لأن بيئتها في الأصل هي كذلك، كبعض المدن في لبنان، أو الساحل السوري، أو تركيا.

هذا العام حرصت على دعوة المهتمين والمصورين لترقب وصول تلك الطيور لعلنا نساهم في حمايتها من الأذى، لكن -يا للأسف- كانت الإشارة الأولى لوصولها صور يعرضها الصيادون لكميات كبيرة منها وقعت فريسة شباكهم، وبالنسبة لي، فهذه خسارة كبيرة قد تؤدي إلى تغيير مسار هجرتها؛ ففقدان الأمان تلتقطه الطيور بالغريزة.

ومن المعروف أيضاً أن عدداً من الطيور الغريبة والمهاجرة وحتى المستقرة تغير أماكن إقامتها حسب عوامل الاستقرار، مثل الماء والطعام والأمان، وإن أنواعاً من الطيور التي تشترك مع "الزرعي" بمواعيد الهجرة لا تهاجر هجرة جماعية مثل "النسور" و"الصقور" وعشرات الأنواع وأنواع من "البوم" والفصائل النادرة، وبفضل هذه الهجرة حظينا بلقطات رائعة تثبت مرورها، ونتمنى أن تصل النداءات إلى من ينتظر هذا الموسم للصيد؛ للتفكير قليلاً بالخطر الناتج عن ذلك».

ما يجدر ذكره، أن هواة الخروج إلى الطبيعة لديهم فرصة للاستمتاع بجمال هذه الطيور وجمال حضورها، وعلى المقلب الآخر، وبعد هذا الموسم تظهر لدى متخصصي التحنيط إلى جانب الصيادين أنواع مختلفة من الطيور، ويظهر تنوع غريب ونادر للطيور العابرة، وأرقام وحيدة لفصائل مهددة بالانقراض، ونال منها الصيد.