ابتكر الإنسان طرائق عديدة لريّ مزروعاته حتى تعطي نتائج ملموسة، فمن الريّ بالأوعية الفخارية حتى الريّ بالتنقيط والرذاذ، مروراً بالأحواض والقنوات، حتى اكتشف المهندسون الزراعيون طريقة جديدة تدعى "الريّ تحت سطحي"، التي أعطت نتيجة مثلى وأوقفت الهدر.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 آب 2016، في أحد حقول مدارس المزارعين الحقلية في محافظة "السويداء"، المهندس "عادل الجرماني" الخبير الزراعي المختص بأشجار الزيتون، الذي تحدث عن هذه التجربة وكيفية القيام بها، وقال: «مع مرور الأيام واكتساب التجربة والمهارة في التعامل مع الأشجار المثمرة؛ ابتكرت طرائق جديدة للريّ هدفها الحصول على نتيجة مثلى في الإنتاج، والتقليل ما أمكن من هدر المياه، ومن هذه الطرائق طريقة "الريّ تحت سطحي".

توضع فوق الحفرة المحدثة "قارورة بلاستيكية" ملأى بالطف البركاني بشكل أفقي، وبعد ثقبها بكل الاتجاهات عدا الثلث العلوي منها، توصل فوهتها بأنبوب التنقيط الواصل بالجزء الأساسي من أنبوب التنقيط، ويردم فوقها التراب حتى نصل إلى نفس مستوى التربة الموجود تحت مسقط الشجرة

وهي عبارة عن الحفر تحت مسقط الشجرة مباشرة، والوصول إلى منطقة الجذور العظمى، التي تعدّ من أكثر المناطق التي توجد فيها الجذور، وبالنسبة إلى أشجار الزيتون يجب الحفر حتى 40سم تحت سطح التربة، بعد ذلك يوضع في الحفرة قليل من "الطف البركاني" المتوافر بكميات كبيرة في تل "شيحان" إلى الشمال من مدينة "شهبا"، وهو خامل غذائياً (أي لا توجد فيه أي مواد تشجع على نمو أو إنتاش البذور)، فنضمن مرور المياه منه بوجه دائم وسلس، حيث نقوم بتسويته وتمهيده ليصبح مستوياً عند الحفرة».

الجرماني يصل الأنبوب بالقارورة

ويتابع "الجرماني" وصف عملية الريّ ليصل إلى أهمّ مرحلة، مستخدماً فيها مخلفات الإنسان البلاستيكية، ويقول: «توضع فوق الحفرة المحدثة "قارورة بلاستيكية" ملأى بالطف البركاني بشكل أفقي، وبعد ثقبها بكل الاتجاهات عدا الثلث العلوي منها، توصل فوهتها بأنبوب التنقيط الواصل بالجزء الأساسي من أنبوب التنقيط، ويردم فوقها التراب حتى نصل إلى نفس مستوى التربة الموجود تحت مسقط الشجرة».

وعن آلية عمل هذه الطريقة، أضاف: «تدخل المياه إلى القارورة عن طريق الأنبوب، فتتوزع المياه عن طريق الثقوب الموجودة على جوانب القارورة، فتصل المياه إلى منطقة الجذور العظمى، ويتم الترطيب لكامل المنطقة عن طريق الانتشار في الأسفل 20سم، والأعلى 20سم، فتكون منطقة الترطيب هي منطقة الجذور العظمى من 20 حتى 60سم من سطح التربة، وهي المنطقة المثلى لوجود جذور الزيتون الفعالة».

رهام مرشد تملأ القارورة بالطف البركاني

أما فيما يتعلق بفوائد هذه الطريقة للأشجار والمزارعين، فقد تحدثت المهندسة الزراعية "رهام مرشد" الموظفة في إرشادية قرية "لبين"، وقالت: «من أهم الفوائد التي نجنيها من هذه الطريقة هي إيصال مياه الريّ إلى منطقة الجور الفعالة، وعدم هدر المياه، وخاصة عند الريّ على سطح التربة بالطرائق التقليدية المعتادة، مثل السيلان والتبخر، ومن أهم تلك الفوائد عدم حدوث أي بلل للتربة من شأنه إعاقة عمليات الخدمة أو نمو أعشاب تحت الأشجار، وإجراء عمليات الخدمة من حراثة وتقليم وقطاف من دون رفع أي جزء من أجزاء شبكة الريّ».

قام المهندسون الزراعيون بتنفيذ هذه الطريقة في حقول مدارس المزارعين الحقلية لمحصول الزيتون في قرية "أم الزيتون"، وقد أعطت أفضل النتائج مقارنة مع طريقة الري بالتنقيط العادية ووجود "النقاطات" على سطح التربة، حيث حصل المزارع "سالم عربي" القاطن في قرية "أم الزيتون" على نتائج جيدة مقارنة بالنتائج العادية، وأضاف: «أعتمد في ريّ أشجار الزيتون شبكة التنقيط المعروفة، وعندما دخل المهندسون الزراعيون حقلي لتجريب هذه الطريقة الجديدة، كانت النتائج جيدة، فلا يوجد هدر في المياه، أو أعشاب تنمو على الجذور، ونحن في العادة نقوم بجلب "الطف البركاني" لوضعه حول الجذور، وعندما تظهر المياه أثناء السقي أو التبخر تقوم الأعشاب بالنمو من "الطف" نفسه، ولكن هذه الطريقة منعته من أن يشارك الشجرة ماءها؛ وهو ما انعكس على الإنتاج».

فريق الاستكشاف مع المزارع سالم عربي