يتسلق "زعتر اللجاة" الصخور متسلحاً بعناية الطبيعة، وباهتمام السكان الذين يعلمون قيمته العالية وفائدته الغذائية، ومع كل ربيع يخرج القرويون إلى حضن "اللجاة" لجلبه طازجاً من أجل صنع زعتر المائدة، والاحتفاظ به طوال العام.

فريق الاستكشاف في مدونة وطن "eSyria" جال في كتف "اللجاة" بين مثلث قرى "أم الزيتون" و"صميد" و"مجادل" بتاريخ 15 حزيران 2016، والتقى المزارع "سالم عربي" الذي اعتاد التجول في حضن "اللجاة"، والبحث عن خيراتها، فقال: «منذ سنوات طويلة وأنا أصنع الزعتر من هنا، فالمادة الرئيسة متوافرة بكثرة، ويمكن لأي شخص أن يستثمرها من دون أن تؤثر بالأصل، فهي منتشرة بين الصخور وفي الوديان، وعلى الطرقات، وتجدها بكميات وفيرة في الأماكن التي لا يطولها الرعي، وجذورها قوية تصل في أحيان كثيرة إلى الصخور العالية، وفي النهاية المجيء إلى هذه الأرض متعة وفائدة حتى لو لم تحصل على شيء، يكفي أنك في أرض بكر لتمتع ناظريك بعظمة الطبيعة».

هذا المنتج المجاني التي تقدمه أرض "اللجاة" هو مصدر للدخل لكل من يعمل، ومتوافر بكميات كبيرة، وما على الناس سوى القدوم إلى هنا من أجل استغلال خيرات الطبيعة المجانية، والراغب في الاستثمار والبيع بإمكانه جني ثروة معقولة أو على أقل تقدير الاكتفاء من مادة الزعتر سواء كطعام للمائدة أو شراب

المساعدة الفنية الزراعية وربة المنزل "سهام عامر" التي اعتادت جلب النباتات الغذائية من "اللجاة"، قالت عن طريقة صنع الزعتر: «بعد قطف الزعتر البري الذي نجلبه من جوار قريتنا "أم الزيتون" نقوم بتنظيفه من الشوائب، حيث نفصل الأوراق عن الفروع ونقوم بوضعه في الظل للتجفيف، وبعد التجفيف تدق هذه الأوراق يدوياً بأجران حجرية أو نحاسية، وبعد أن تصبح ناعمة جيداً يتم تنخيلها بواسطة منخل صغير متوفر في أغلب المحال التجارية.

سالم عربي في اللجاة يجمع الزعتر

وعندما تكون جاهزة يضاف إليها المواد العادية التي توضع للزعتر، وهي حسب ذوق الأسرة، ومنها السماق المطحون، و"القضامة الصفراء" المقشورة بعد دقها وتنخيلها جيداً، ثم نضيف السمسم والملح.

بعد ذلك تخلط هذه المواد كافة خلطاً جيداً فتصبح الخلطة جاهزة للاستخدام، حيث نقوم بتعبئتها بأوعية زجاجية بعيدة عن الرطوبة حتى تبقى محافظة على نكهتها طوال العام».

السيدة سهام عامر تحضر خلطة الزعتر

من المعروف أن الزعتر البري هو أحد النباتات الطبية المهمة التي لها فوائد كبيرة للصحة، ويشتهر برائحته الزكية وطعمه الحار، حيث يضيف المهندس الزراعي "عادل الجرماني" عضو فريق الاستكشاف: «ينمو "الزعتر" في منطقة "اللجاة" بشكله البري، وبكميات كبيرة على شكل تجمعات بين الصخور، يتحمل كافة الظروف المناخية التي تمر فيها المنطقة، إضافة إلى الرعي الجائر والقطف القاسي له من قبل الإنسان، فتجده يتحدى الجميع فينمو من جديد ولا يأبه بأي ظرف من الظروف.

ظهر الزعتر من المكونات الأساسية لمائدة الأسر قديماً، أما في وقتنا الحاضر فقد بينت مجموعة من الدراسات والتجارب العلمية أن الزعتر البري من الأعشاب الطبية التي لها فوائد عديدة لصحة الإنسان؛ حيث يساعد في علاج التهابات الجهاز التنفسي، ومرض السعال الديكي، وضيق التنفس الناتج عن مرض الربو، ويساعد في التخلص من البلغم، ومفيد في حالات الإصابة بالتهاب الرئة، ويلطف الشعب الرئوية، ويمكن تناول منقوع الزعتر، أو استخدام زيته في تدليك الصدر قبل النوم، فهو يقوي جهاز المناعة، ويقوي العضلات، ويمنع الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وهو مسكّن للألم ويعمل على تنشيط الدورة الدموية، ويمنع حدوث الالتهابات في المسالك البوليّة والمثانة، ويخفّف من آلام المغص الكلوي، ويخفض مستوى الكولسترول الضار، ويساعد على التخلص من الغازات في الجهاز الهضمي، ويعالج الإصابة بالإسهال لأن له خصائص قابضة.

المكونات الكاملة لزعتر المائدة

ويفضل تناول الزعتر مع زيت الزيتون، وبذلك يقوي الذاكرة، ويزيد الاستيعاب، وينشط عمل وظائف الدماغ، وينشط فروة الرأس، ويمنع تساقط الشعر، ويحسن نموه، وكذلك يخفّف من آلام الأسنان، ويمنع التهابات اللثة، وذلك بغلي القرنفل مع الزعتر ويترك ليبرد، وتتم المضمضة بهذا المغلى، ومن فوائده الموثوقة أنه يحارب تسوّس الأسنان عن طريق مضغ أوراق الزعتر الأخضر. يدخل في صناعة مستحضرات التجميل والعطور، ويدخل في "تتبيلات" الشواء.

والحقيقة إن فوائده كثيرة جداً، وقد أثبتت الدراسات العلمية والعملية خصائص كثيرة للزعتر غير التي ذكرت».

عضو فريق الاستكشاف وجامع التراث المعروف "جمال مهنا" قال: «هذا المنتج المجاني التي تقدمه أرض "اللجاة" هو مصدر للدخل لكل من يعمل، ومتوافر بكميات كبيرة، وما على الناس سوى القدوم إلى هنا من أجل استغلال خيرات الطبيعة المجانية، والراغب في الاستثمار والبيع بإمكانه جني ثروة معقولة أو على أقل تقدير الاكتفاء من مادة الزعتر سواء كطعام للمائدة أو شراب».