ليس لهذه اللعبة الشعبية التي ما زالت تمارس بين الأطفال في ساحات وحدائق الريف أي علاقة بالسمك أو الماء، وهي كناية عن صيد الأشخاص بواسطة كرة مطاطية خفيفة. واللافت في هذه اللعبة أن شروطها البسيطة تحقق العدالة بين الأطفال.

مدونة وطن "eSyria" وفي إطار بحثها عن الألعاب الشعبية القديمة في محافظة "السويداء"؛ التقت مدرّس التربية الرياضية "عماد محسن صالحة" القاطن في قرية "الجنينة" بتاريخ 20 أيار 2016، فتحدث عن مكان اللعبة وأدواتها، قائلاً: «هذه اللعبة تحتاج في العادة إلى مكان فسيح لكي يمارس الأطفال أكبر قدر من الحرية، فـ"صياد السمك" تحتاج إلى الركض والمناورة والدهاء والتركيز، ويفضل أن تكون في بيادر القمح أو ملاعب المدرسة أو الحدائق العامة، حيث يكون الأطفال بأمان بعيداً عن السيارات، ولا يتسببوا يإزعاج أحد. أما الأداة الوحيدة لهذه اللعبة، فهي الكرة المطاطية العادية».

تعلمت "صياد السمك" في المدرسة من خلال الفتيات اللواتي يكبرنني، وأكثر ما أحبه بها هو صدّ الكرة بالرأس لكي أعيد إحدى زميلاتي التي خرجت من اللعبة، وهي لعبة متعبة جداً لأنها بحاجة إلى الحركة الدائمة، لكنها مفيدة جداً ومسلية

أما عن طريقة اللعبة والبدء بها، فيضيف: «قبل بداية اللعبة يتم اختيار الصيادين عن طريق القرعة، وهي تتم عادة بطريقة العدّ من الواحد إلى عشرة، أو "الطرّة والنقش"، وعند اختيار الصيادين يبقى باقي الأطفال عبارة عن أسماك بحاجة إلى الصيد.

القرعة على طريقة الصيادين

يقف الصيادان متواجهين على بعد ستة أمتار تقريباً، بينما تقف باقي الأسماك في الوسط، حيث يقوم أحد الصيادين بحمل الكرة والقذف بها باتجاه الأسماك، بينما تحاول الأسماك تفادي الكرة أو صدّها بواسطة الرأس، فإذا أصابت الكرة إحدى الأسماك بأي منطقة في الجسم خلاف الرأس فإنها تخرج من اللعبة، وإذا صدت بواسطة الرأس تستطيع السمكة التي صدّتها أن تدخل أي سمكة خاسرة تختارها لمتابعة اللعب. أما في حال لم تصب الكرة أي سمكة من الأسماك؛ ففي هذا الوضع تنتقل الكرة إلى الصياد الثاني الذي يتابع اللعب حتى لا يتبقى في الوسط غير سمكة واحدة فقط، عندها يتوقف اللعب قليلاً للاتفاق مع السمكة المتبقية على عدد الضربات التي يجب أن يقوم بها الصيادان، حيث يفوز باللعبة إما أحد الصيادين في حال نجح في إصابتها بعيداً عن الرأس، أو السمكة في حال لم يصبها أي من الصيادين بعد انتهاء عدد الضربات المتفق عليها».

توصف هذه اللعبة بالعدل، نظراً إلى ما تحققه شروطها من نتائج تقود إلى جعل الجميع متساوين في اللعبة، حيث يقول مدرّس الرياضة المتقاعد والخبير بألعاب الأطفال "هيثم دنون" القاطن في مدينة "شهبا": «تتحقق العدالة في هذه اللعبة عندما نعلم أن الصياد لا يمكنه أن يتحكم بالأسماك إذا أخطأ الهدف؛ وهذا ينطبق على الصياد الثاني أيضاً، وإذا استطاعت إحدى السمكات صدّ الكرة بالرأس بإمكانها عند ذلك إدخال إحدى السمكات التي خرجت باكراً من اللعبة. وهي على العموم من الألعاب التي ما زالت تمارس بكثرة في المدارس والأحياء، وكذلك الأمر في القرى التي حافظ أبناؤها على الألعاب القديمة مع تطوير بعض الإمكانيات والشروط، وتتميز هذه اللعبة بأنها تحتاج إلى الحركة والدهاء والمناورة، أي تحتاج إلى طفل رياضي».

تأهب الأسماك لصد الكرة

الطفلة "ريم غرز الدين" عشر سنوات، قالت عن معرفتها بهذه اللعبة: «تعلمت "صياد السمك" في المدرسة من خلال الفتيات اللواتي يكبرنني، وأكثر ما أحبه بها هو صدّ الكرة بالرأس لكي أعيد إحدى زميلاتي التي خرجت من اللعبة، وهي لعبة متعبة جداً لأنها بحاجة إلى الحركة الدائمة، لكنها مفيدة جداً ومسلية».

مدرّس الرياضة "عماد صالحة"