مئة وسبع دول زارها "نضال رضوان" بقصد العمل والتعليم والسياحة، خدمت مخزونه الفكري والعلمي لتبقى صوراً حفظها لبلاده تماشياً مع مفهومه الخاص في المحافظة على التراث المحلي والعالمي الذي اكتنزه من رحلاته السندبادية تلك.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 كانون الثاني 2016، حاولت الإضاءة على تجربة اغترابية متنوعة النهج والنتيجة، وكانت البداية من خلال من تابعوا عن قرب قصة شاب خاض معركة الحياة بصبر وتحدٍّ ونية للنجاح والحصول على العلم، والمحافظة على صورة الوطن وتراث الأهل؛ وفق حديث صديقه "عثمان حمزة" من قرية "عرى" الناشط في مجال البيئة والزراعة العضوية، حيث قال: «تغرب وهو في عمر الصبا، وبدأ رحلته من ليبيا وصولاً إلى الخليج العربي، وكان عليه أن يجتهد ليجد لنفسه مكاناً في المجتمع، وتنقل بين أعمال كثيرة حتى استقر بعمل قريب إلى نفسه، فامتهن الزراعة في الإمارات العربية، لينشئ مصنعاً لمواد الري، ومن بعدها ساهم بإنشاء أكبر شركة زراعية تخصصت بالدراسة والتخطيط، وعمل مع إحدى الشركات الأوروبية؛ فتنقل بين دول كثيرة، فاجتهد ليعمل في مختبرات متقدمة، وطور عدة مواد من المغذيات والأسمدة الزراعية التي تعتمد فقط المواد العضوية، وكان صاحب قرار لتوكل إليه مهمة المسؤول عن قطاع شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وفي مطلع القرن الحادي والعشرين عمل في مجال الدراسات لمشاريع اقتصادية تفيد بلده، واللافت في مسيرته اهتمامه بكل ما يذكرنا بهوية بلدنا من أعمال يدوية وأشياء تراثية كانت تستخدم في بيوت أهلنا ومضافاتهم، وعندما تدخل بيته الذي يغترب ويعود إليه كل مدة يلفتك ما يحتويه من مواد وقطع جمعها، ولا بد من الضيافة العربية ورائحة البن والهال؛ فأنت في متحف مصغر يروي حكاية الماضي مع وجود أحدث الأجهزة التقنية لكونه من المجيدين في هذا المجال، وشرح مفصل لما لديه من مقتنيات فيها من الندرة والجمال الكثير».

في منزلي مئات القطع التراثية البسيطة، لكن لدي باقة كبيرة من المقتنيات على أمل الاستعداد لإظهارها ضمن الترتيب المكاني المناسب لها، فالموضوع لدي وبعد التنقل ما بين 107 دول يتمحور على دارسة التراث من زاوية قدرته على التعريف بالعادات وطبيعة وثقافة الشعوب، وحاولت الاستفادة من التجارب الخارجية، والعلاقة التبادلية بين تراث مادي ملموس ولا مادي بقي سجين ذلك الزمن لنبحث في روحية تلك المراحل، وبالتالي فعشقي للتراث وجمع مجموعات نحاسية ومعدات القهوة أو الإضاءة القديمة أو علبة (كولونيا) قديمة حصل عليها والدي من فلسطين وقدمها هدية لعمي بمناسبة الزواج، أو (محماسة) قهوة قصت من الحديد قصة لا تقف عند حدود المادة ورؤيتها، وهذا مشروع سعيت وأسعى إليه الآن في رحلاتي المتقاربة إلى الوطن لوضع مقومات مشروع للتعامل مع التراث بنهج حضاري خارج حدود الحفظ والعرض، واستخلاص قيم المجتمعات التي سبقتنا لاستثمارها في الحاضر، ولا أنكر أنني أفردت لموضوع التراث الوقت الطويل في رحلاتي إلى الوطن وخارجه ليكون البحث عن صورة لجدي التي ظهرت في وثائق مستشرقة، فقمت بزيارة ثلاث دول أوروبية للبحث عن مصدر الوثيقة واكتشاف مبررات حفظها في ذلك الزمن

في سياق الحديث عن رحلة الاغتراب تفاصيل تربط العمل لديه بدراسات حصل عليها وفق حاجة وغاية الأعمال التي امتهنها ليحصل على شهادات من معاهد وجامعات بمجالات متخصصة كسبها بجهد وعمل ذاتي أفصح عنه المغترب "نضال كاين رضوان"؛ الذي قال: «اغتربت بعمر مبكر قبل الشهادة الثانوية التي حصلت عليها في الإمارات العربية المتحدة، وسجلت في جامعة "بيروت" لدراسة الحقوق وكانت لدي رغبة باستكمال مشروعي الدراسي، وقد كنت في البداية مشرف عمال في هذا البلد التي اختبرت فيها مجموعة كبيرة من الأعمال منها تأسيس مدرسة خاصة كانت الأولى في إمارة "العين" لمصلحة شخص لبناني حيث أدرتها لمدة، بعدها انتقلت إلى معهد تعليمي للثقافة والعلوم حرضني على دراسة دبلوم تعليم اللغات لغير الناطقين بها، وعملت مديراً تجارياً بإحدى الشركات، وبناء عليه درست تخصص إدارة الأعمال في قبرص لانسجامه مع احتياجات سوق العمل في تلك المرحلة.

عثمان حمزة

ولم يكن هنا المستقر؛ حيث اتجهت إلى الصناعة وأسست معمل معدات الري، وكانت ثاني شركة بهذا التخصص في الخليج العربي، وبتولي مركز المدير الإقليمي في إحدى الشركات الزراعية المتخصصة استكملت دراستي في معهد متخصص للبحوث الزراعية الذي دعم عملي مع الشركة، فتمكنت من إنجاز مجموعة من الأبحاث الزراعية والتعاون مع "الإيكاردا"، وإنجاز أبحاث في مجال التخطيط المالي؛ منها تقييم الروزنامة الزراعية في البلدان المتماثلة مناخياً وجغرافياً والطاقة البشرية في "سورية والأردن والعراق"، إلى جانب أبحاث التربة التي حصلت فيها على الدبلوم، وكان أن تمكنت من ابتكار ثلاث مواد كنوع من الأسمدة والمغذيات الخاصة للزراعة العضوية التي تعدّ من التوجهات إلى الزراعة العصرية، وبهدف الاقتراب من حالة الاستقرار أسست مكتب تمثيل تجاري لم تساعدني الظروف على إطلاقه في "سورية"؛ فاخترت لبنان لأعمل من خلاله، وكان ثمرة لعمل استمر عقوداً طويلة امتلكت الخبرة المطلوبة لإنجازه لكونه نمطاً عالمياً ومتداولاً».

جمعه للقطع التراثية مرهون برابط المرحلة الزمنية التي كانت فيها المقتنيات بيد أهلها ومنطق احتياج القدماء إليها، وقال: «في منزلي مئات القطع التراثية البسيطة، لكن لدي باقة كبيرة من المقتنيات على أمل الاستعداد لإظهارها ضمن الترتيب المكاني المناسب لها، فالموضوع لدي وبعد التنقل ما بين 107 دول يتمحور على دارسة التراث من زاوية قدرته على التعريف بالعادات وطبيعة وثقافة الشعوب، وحاولت الاستفادة من التجارب الخارجية، والعلاقة التبادلية بين تراث مادي ملموس ولا مادي بقي سجين ذلك الزمن لنبحث في روحية تلك المراحل، وبالتالي فعشقي للتراث وجمع مجموعات نحاسية ومعدات القهوة أو الإضاءة القديمة أو علبة (كولونيا) قديمة حصل عليها والدي من فلسطين وقدمها هدية لعمي بمناسبة الزواج، أو (محماسة) قهوة قصت من الحديد قصة لا تقف عند حدود المادة ورؤيتها، وهذا مشروع سعيت وأسعى إليه الآن في رحلاتي المتقاربة إلى الوطن لوضع مقومات مشروع للتعامل مع التراث بنهج حضاري خارج حدود الحفظ والعرض، واستخلاص قيم المجتمعات التي سبقتنا لاستثمارها في الحاضر، ولا أنكر أنني أفردت لموضوع التراث الوقت الطويل في رحلاتي إلى الوطن وخارجه ليكون البحث عن صورة لجدي التي ظهرت في وثائق مستشرقة، فقمت بزيارة ثلاث دول أوروبية للبحث عن مصدر الوثيقة واكتشاف مبررات حفظها في ذلك الزمن».

المغترب نضال رضوان

الجدير بالذكر، أن المغترب "نضال رضوان" من مواليد قرية "عرى"، عام 1957، حاصل على عدد من الشهادات الجامعية، ودرس في عدد من المعاهد المتخصصة التي جعلت لعمله حالة من الاستمرارية خارج القطر بأعمال استثنائية ذات طبيعة علمية، وليكون حفظ التراث هواية تكمل عشق البحث لديه.

من مقتنياته