قامت على موروث ثقافي يعود إلى أحقاب تاريخية بعيدة، وفي القرنين المنصرمين شهدت أحداثاً ووقائع كان لها الأثر الكبير في خلق علاقات تبادلية بين الأطياف الاجتماعية في قرية "خلخلة".

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 12 تشرين الثاني 2014، زارت مضافة "آل المغوش" والتقت صاحبها الشيخ المسن "معذى المغوش" الملقب بـ"أبي سعيد"، وعنها يقول: «من المعلوم لدى جميع السوريين من أبناء منطقة "جبل العرب" أن للمضافة قيمة إنسانية واجتماعية، وتحمل أبعاداً في عقل الإنسان الريفي في المنطقة، وهي التي كان لها الأثر الكبير في خلق علاقات وآراء وأفكار، إضافة لما قدمته من تربية اجتماعية، ومضافتنا التي ورثناها عن الأجداد جرى فيها أهم الأحداث قبل قرون من الزمن وحتى تاريخنا المعاصر، فيها اجتمع "أكابر" القوم للتشاور في حل النزاعات والخلافات وإبداء الراي في المشكلات والمعوقات العالقة في المجتمع، والأهم أنه فيها كان يتم المصالحة بين الأفراد المتخاصمين فكونت علاقات إنسانية قيمة، حتى طلب "المصاهرات" والخطبة كانت تتم فيها وخاصة "لآل المغوش"، كما أنها حملت الكثير من القضايا والرؤى والأفكار الثقافية والطروحات المهمة التي تسعى لتنمية المجتمع وأفراده وعرض الحلول الناجعة للقضايا الاجتماعية».

بعد أن ذاق الاستعمار الفرنسي الويلات من ثوار قرية "خلخلة" والقرى المجاورة، قام بقصف المضافة بالمدفعية والطائرات فتهدمت قناطرها القديمة والسقف، وفي عام 1926 أعيد بناؤها مجدداً بحجارتها المتراكمة من قبل المرحوم "محمد المغوش" الملقب "أبي شاهين"، وانتهى من ترميمها عام 1930، والأهم أنه ظل مكان "الخابية" (أي جرة الماء) قائماً وقدر عمره بأكثر من قرنين

ويتابع الشيخ "أبو سعيد": «بعد أن ذاق الاستعمار الفرنسي الويلات من ثوار قرية "خلخلة" والقرى المجاورة، قام بقصف المضافة بالمدفعية والطائرات فتهدمت قناطرها القديمة والسقف، وفي عام 1926 أعيد بناؤها مجدداً بحجارتها المتراكمة من قبل المرحوم "محمد المغوش" الملقب "أبي شاهين"، وانتهى من ترميمها عام 1930، والأهم أنه ظل مكان "الخابية" (أي جرة الماء) قائماً وقدر عمره بأكثر من قرنين».

أبو سعيد معذى المغوش

ويضيف: «المتأمل في المضافة يشعر كم هي قديمة حينما يرى سقفها المصنوع من الحجر والقصيب، وشكل أقواسها وذاك المحراب الذي لا يزال قائماً ويدل على قدم المضافة، وهناك دلالات تاريخية أخرى نوه عنها المطران "الهزيم الرابع"؛ فأبوابها تحتوي على بابين واحد طويل والآخر قصير، كناية على أنها مرت في العصور المسيحية وكانت كنيسة، وهناك كلام نشر لمستشرق بريطاني جاء إليها في الماضي وكتب قائلاً: (لقد نمت عند صانع البارود في "خلخلة" ومكثت في المضافة لثلاثة أيام، ويقال إنه معبد لسيدهم الخضر)، أما البابان فقد بين المطران "الهزيم" أن قاماتهم سابقاً كانت طويلة وكان الفارس يدخل عاصياً ويخرج طائعاً؛ أي من يدخل من الباب الطويل عاصياً ويخرج متعبداً من الباب القصير».

وعن تاريخ المضافة ونشوئها يقول "معذى المغوش": «يعود تاريخ المضافة إلى أكثر من ستة آلاف سنة قبل الميلاد عندما كان عبدة الشمس في هذه البلاد؛ وهذه المعلومة قدمها لنا المطران "أنطونيوس الرابع هزيم" الذي أعلن عن هذه المعلومات عام 1981 عندما زار المضافة، وذلك حين جاء لتقديم العزاء بالمرحوم "أبو نواف صابر المغوش"، حيث أشار إلى أنها تعود وفق النقوش المتواجدة على أحد جدران المضافة التي نقش على شكل محراب مكان لعبدة الشمس، مؤكداً أن قرية "خلخلة" سكنت في عام 1850، ومن ظلم العثمانيين هاجر أهلها إلى منطقة "الصفاء" وبقيوا فيها عاماً ونصف العام، وهذه المنطقة (أي الصفاء) تقع إلى الشرق من القرية، ثم عادوا إليها بعفو مزور من العثمانين، تلك المعلومات لم نكن لنعملها لولا المضافة التي نستضيف فيها ضيوفاً وزواراً يتحدثون ويتناقلون الأحداث والمعلومات فيما بينهم خاصة أنها تجمع بين الناس في الملمات والمناسبات».

المحراب القديم قبل آلاف السنين

"بركات المغوش" أحد أهالي قرية "خلخلة" عن المضافة يقول: «يوجد أمام المضافة بئر تكفي لسد احتياجات الدار وأهلها، وجدت منذ القدم ومازالت إلى هذا اليوم قائمة، وكنا (كأطفال) نرتاد المضافة للشرب من البئر والتعرف إلى عمرانها، وكان الأهل والأجداد يقيمون فيها الولائم والحفلات والمناسبات، وتحمل مضافة "آل المغوش" مآثر تاريخية وأوابد، إذ على جوانبها باتجاه الغرب يوجد مخدع وطابقان لكاهن من الكهنة، وكذلك معلقات وقناطر وسقفها المبني على الطريقة التي كانت عليه وهو ما قبل العصر الروماني خاصة أن مساحتها حوالي 120 متراً».

السيد "نواف أبو حمرة" الذي أوضح دور المضافة في الحياة الاجتماعية، يقول: «حين تدخل إلى مضافة "آل المغوش" تستقبلك أشجار الكينا المعمرة وساحتها والحجارة المنبسطة والبابان الكبير والصغير، وتشعر بأنك أمام تاريخ غابر من زمن كان للإنسان فيه دور كبير في صنع حضارة وثقافة موروثة قديمة، فهي المضافة التي تستقبل زوارها وتعبر عن ارتباط الماضي بالحاضر فيها حيث تعاقبت عليها أجيال وأجيال، وحين نتحدث عنها نتحدث عن عصر مجتمع ساد فيها قبل ستة آلاف عام».

نواف أبو حمرة وبركات المغوش

يذكر أن، قرية "خلخلة" تبعد عن مدينة "السويداء" 50كم.