تعد الأجناس الأدبية على اختلاف أساليبها وطرائقها عامل علاقة تواصلية بين الأدباء، ويمثل حالياً روابط مشتركة بين الأدباء الشباب برؤية تختلف وفق طبيعة ونوع الجنس الأدبي الذي يكتب به كل شاب، وتبقى الدراسة بين التلقي والتواصل عند الشباب عاملاً مهماً في استخدام تقنيات التواصل لنشر ثقافة الإبداع.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 20 تشرين الثاني 2014، التقت الأديب "جهاد الأحمدية" عضو اتحاد الكتاب العرب وبين قائلاً: «ما قدمته الأديبة "وجدان أبو محمود" يدخل في باب العلاقة بين تأثير شبكات التواصل الاجتماعي في الأجناس وانتشارها في صفوف الشباب، خاصة أنها أصبحت ذات فعالية كبيرة وانتشار ضمن العالم الافتراضي، حيث قدمت معاناة ومساوئ هذه الميزة على الأدب وقيمتهن، وكذلك الإيجابيات التي جعلت التواصل أكثر بين فئات الشباب وعلاقاتهم الأدبية

حول علاقة وسائل الاتصال بالأجناس الأدبية مدونة وطن "eSyria" التقت الأديبة القاصة "وجدان أبو محمود" عضو اتحاد الكتاب العرب، وكان الحوار التالي:

الأديب جهاد الأحمدية

  • كيف ترين تأثير وسائل الاتصال الاجتماعي وتقنياتها على أدب الشباب؟
  • ** أصبحت وسائل الاتصال الحديثة عالماً سحرياً بامتياز، نستطيع الولوج فيه بضغطة زر واحدة، وبضغطة واحدة يمكنك النشر والتعليق والتنقل بين كتب ومجلات إلكترونية، وبين مدونات ومنتديات أدبية دون رقيب أو حسيب، من "فيسبوك" إلى "تويتر" إلى مواقع الدردشة والبريد الإلكتروني، فالأديب الكائن الافتراضي الساكن في كوكب آخر بالنسبة للقارئ منذ قديم الزمان أصبح الآن إنساناً محسوساً قابلاً للتجلي ذا عاطفة وانفعالات وحياة شخصية عامرة بالأحداث والتفاصيل والصور، ولا خلاف على أنَّ الشريحة الأكبر المستخدمة لهذه التقنية هي فئة الشباب، ومن ثم فإنَّ الشباب أنفسهم قد باتوا المتلقين والصانعين بآنٍ معاً، في إعلامٍ جديدٍ إلكتروني أصبح من أهم قنوات التعبير الحرة والمفتوحة والمباشرة.

    الأديبة وجدان أبو محمود

  • ما أهم المزايا التي حققتها وسائل الاتصال الحديثة خدمة للأدب؟
  • ** أهم المزايا برأيي؛ التعريف بالنتاج الأدبي ولا سيما للكتاب الشباب المغمورين في مجالات الشعر والرواية والقصة والمسرح والمقالة الأدبية، وخاصةً أولئك المنسيين من قبل الإعلام الرسمي والمنابر الثقافية، وإيجاد وسيلة سهلة وسريعة مجانية للنشر استطاعت التغلب على عوائق النشر الورقي من حيث الاستغلال المادي والبيروقراطية والرقابة، وتعميق التواصل على أكثر من محور؛ فقد أصبح بمقدور القارئ التواصل مع الكاتب ليجد نفسه مشاركاً حقيقياً في صناعة ورواج الأدب، أما الكاتب فقد حصل على سرعة التفاعل الحي والتواصل المباشر مع جمهوره ومع كتاب أكثر عبر العالم، والتشجيع على القراءة من حيث المساعدة في اختيار الكتاب، والإرشاد إلى أماكن بيع الإصدارات إضافة إلى تبادل الآراء حول مختلف الأعمال في الأجناس الأدبية كافة؛ إذ هناك مواقع مختصة مثل Good reads، وهو موقع يشارك به المؤلفون والناشرون والقراء على حد سواء، ويتبادلون من خلاله تجاربهم وآراءهم حول قراءاتهم. وذلك إضافة إلى إمكانية العرض والتصفح والتحميل المجاني، كما فرزت هذه الوسائل كتّاباً جُدد بدؤوا حياتهم كمدونين على شبكة الإنترنت.

  • لكل عمل مزايا إيجابية وسلبية، ما هي أهم المساوئ التي أورثها طغيان هذه التقنيات؟
  • ** أولى تلك المساوئ قرصنة الكتب وعرضها مجاناً، والأثر السلبي للمجاملات واللباقة الاجتماعية التي تعد من أبرز خواص المجتمع الشرقي؛ حيث يضطر الكاتب الظاهر بصفته الشخصية إلى منح تقييمات غير صحيحة أو مبالغ فيها بالحد الأدنى، وهو ما يشجع القارئ الذي منحته وسائل الاتصال ملكة أن يكون كاتباً آخر إلى الولوج في عالم الكتابة جدياً؛ وهو ما يعني بالمحصلة زيادة عدد المتطفلين والدخلاء زيادة هستيرية، وهو ما جعل الأدب ينزاح نوعاً ما عن عمقه الإنساني لمصلحة دخوله في ثقافة "البريستيج"، يساعد في ذلك أن النشر في هذه القنوات لا يحتاج لأكثر من ضغطة زر كما أسلفت، ومعنى ذلك بالنسبة للمستهلكين عشرات ومئات القراء في لحظات، وتعاني الكتابة في شبكات التواصل من الضعف والركاكة حتى في تعليقات القراء؛ وهو ما يهدد بانهيار اللغة العربية الفصحى أمام سيطرة العامية وقُرب اختفائها من هذه الشبكات، ومن ثم رواج نوعيات متدنية من الكتب لدى قرّاء تنقصهم الكفاءة القرائية بهدف الاستعراض والتقليد، والكتاب الرقمي متاح أمام الجميع أنت لا تذهب إليه وإنما يأتي إليك، البيئة المناسبة لخلق وتطوير سرقات أدبية جديدة؛ وهذا يزيد من ضرورة سَنّ قوانين وتشريعات تنظم عملية النشر على الإنترنت.

  • ألا تلاحظين أن فوضى الاتصالات أوجدت اقتباسات غير مشروعة وسببت ظلماً لقراءة الأدب؟
  • ** بلا شك هناك حمّى منتشرة تهدف إلى ترويج الاقتباسات الأدبية والمقاطع الصغيرة والعناوين العريضة والطنانة أكثر بكثير من تعزيز فكرة القراءة كقيمة وحاجة ووعي؛ وهو ما يخدم الحالة السائدة في التباهي وأداء الثقافة؛ ومما يؤيد هذه الفكرة نسبة القراء في الوطن العربي التي لم تشهد ارتفاعاً موازياً لسيطرة هذه الوسائل، بل على العكس من ذلك شهدت هذه النسب انخفاضاً تحت ذريعة "لا وقت" التي خلقتها هذه الوسائل نفسها، حيث أثبتت بعض الدراسات أن نسبة لا بأس بها من روّادها لا تهتم بقراءة أي كتاب خارج حدود العناوين المتداولة، ومن ثم أصبح الاطلاع على الجديد محكوماً بتأثرنا بما نقرأ عنه في المواقع الإلكترونية وما نسمعه من الأصدقاء الافتراضيين؛ وهو ما جعل هذا الجديد مرهوناً بتسليط الضوء أو الإغفال والتجاهل من قبل الفئات الفاعلة أكثر في هذه الساحات بقطع النظر عن توجيهاتها، وهناك عزلة اجتماعية تضييق الخناق على ملكة الكتابة، فقد كشفت دراسة علمية مؤخراً أن قيام المراهقين بكتابة رسائل نصية قصيرة عبر الهاتف يؤثر سلباً في إمكانياتهم اللغوية والنطق الصحيح فهي تسبب تأخراً في مهارات التحدث والتعلم، وقد أتاح الأدب الرقمي تداخلاً غير مستحب بين الأجناس الأدبية من باب الدراية والقصور لا من باب الإبداع، أمام قبول عام غير مبرر، وفي المحصلة يبدو أننا مضطرون للاعتراف بتغلغل وسيطرة الوسائل الحديثة الرقمية على العلاقات الإنسانية والأدبية خاصة، غير أننا وفي ذات الوقت لا نستطيع الانتقاص من قيمة وجمالية وسحر الكتاب الورقي وشذا المكتبات، إذ يذكي عطر البيوت وحميميتها.

    الجدير بالذكر، أن هذه المحاور قدمت في الندوة التي أقامتها مدونة وطن "eSyria" بالتعاون مع فرع اتحاد الكتاب العرب بـ"السويداء"، بعنوان: "استخدام تقانات التواصل الاجتماعي وتأثيرها في إبداع الشباب".