«تشكل الغيبية عنصراً من عناصر المنظومة الفكرية لأهل وادي "الفرات"، مثلنا في ذلك مثل الكثيرين من البسطاء من أهل هذه المعمورة، لذا سكننا منذ الطفولة، نحن جيران الأوابد التاريخية حكايات الجن الذي يقيم في الخرائب والدوارس، وقصص العفاريت التي لا يخلو منها ربع أو طلل، وطالما اعتقد الناس أن أشباحاً تحوم في جنبات بيوتهم، منتهكة حرمتها وسكينتها تتعقبهم باللعنة والعقاب، وما ذلك إلاَّ لأن الساكنين من البشر بنوا في ممتلكات الجن، فيقوض الأخير بناياتهم، ويبدد النيران التي بالإفك يشعلونها في مواقدهم، فتحرق الزاد والعتاد، وتجعله هشيماً تذروه الرياح، فلا يقوم لعمرانهم قائمة، ولا تقر بين جنباتهم سكينة.

شارع "الوادي" في مدينتنا "الرقة"، كان جزءاً من المنظومة الدفاعية لمدينة "الرافقة" العباسية، التي بناها "المهدي" ابن الخليفة "المنصور"، عام /155/ هجري، على شاكلة "بغداد"، كان كما نتذكره أطفالاً، طللاً أسود من أوابد "الرافقة"، التي دمرّها المغول عام /657/ هجري، فباتت خرائب ليس بها أنيس، في حين بقي الخندق "الوادي" مع أسوار "الرافقة" "الصغير والكبير وفصيلهما" شواهد على همجية المحتلين في كل زمان، الذين قوضوا مجد مدينة عربية إسلامية، غارت في عمق الزمن».

لم يعد مجلس المدينة ينفذ أعمال الصيانة، كما كانت تنفذ في السابق، حيث أصبحت تشكل سماكة طبقة الزفت أكثر من /50/سم، لذلك عمدنا إلى حراثة الشارع، وإزالة طبقات الإسفلت القديمة، والنزول إلى طبقة الأساس، حيث يجري إعادة تأهيله بالكامل بالطرق الفنية الصحيحة، وستشكل هذه الطريقة أساساً للتعامل مع بقية شوارع المدينة. لم يكتفِ المجلس بلجنة الإشراف الهندسية التي تتابع أعمال التنفيذ، بل شكلت لجنة فنية أخرى يرأسها المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي، لمتابعة أعمال التنفيذ أولاً بأول، وبالتوازي مع إعادة تأهيل بنى الكهرباء والمياه والهاتف

هذا ما ذكره لموقع eRaqqa المهندس الاستشاري "عبد العظيم العجيلي" في معرض حديثه حول أهمية شارع "الوادي" وتاريخه.

المهندس عبد العظيم العجيلي

ويتابع حديثه في السياق ذاته: «عادت مدينة "الرقة" إلى الحياة في بدائية مشحونة بالجهل والحقد، تجسدت في ردم الوادي "خندق الرافقة" تحت حجج واهية، كما استبيح السور التاريخي، وعانى على يد الصلف المتخلف في أبراجه وجدرانه ما لم يعانيه على أيدي الغزاة المغول، فتتالت الأزمات في الأبنية المشادة داخل السور، وفوق خرائب المدينة القديمة، على خندقها المردوم، فلا الشوارع المرصوفة فوق طبقات الردم ثبتت، ولا شبكات الصرف والماء انتظمت، ولا الحلول الهندسية السطحية، والمعالجات المنقوصة أجدت، وكأنما حلّت لعنة جن الخرائب وعفاريته على أعمال ذاك الذي انتهك بالباطل وبقوة السلطة، وبلا رادع ما هو حق للبشر والتاريخ، فلا يعجبن أحد من انهيار البنية التحتية في شارع الوادي الذي يجري تأهيله وفي غيره من شوارع مدينة "الرقة" حالياً».

أمام هذا الواقع المزري لشارع "الوادي"، أو شارع "الثورة" كما هو مثبت في سجلات البلدية، كان لابد من إعادة تأهيله على وجه السرعة، كون الشارع يمثل أحد المسارات الحيوية في قلب مدينة "الرقة". وعن ذلك يتحدث المهندس "عبيد الحسن"، رئيس مجلس مدينة "الرقة"، قائلاً: «بناء على توجيه الدكتور المهندس "عدنان السخني"، محافظ "الرقة" بإعادة تأهيل شوارع مدينة "الرقة"، التي جرت بها أعمال المرحلة الثالثة من مشروع الصرف الصحي، أو بعضها التي جرى توسعتها، وإعادة تشجير منصفاتها بما يتناسب مع المعطيات الجديدة، تم وضع حجر الأساس لإعادة تأهيل شارع "الثورة"، "الوادي"، وشارع "23 شباط"، وشارع "هشام بن عبد الملك"، وغيرها من الشوارع التي تشكل المحاور الرئيسية لحركة المرور ضمن المدينة.

المهندس عبيد الحسن رئيس مجلس مدينة الرقة

تبلغ الكلفة الإجمالية لمشروع إعادة تأهيل شارع "الثورة" نحو /12/ مليون ليرة سورية، وهي مخصصة لأعمال قشط الزفت القديم، واستبداله بمواد تعبيد وحجر كلسي، وبقايا مقالع محسنة، واستبدال أجزاء من شبكة الصرف الصحي، التي تحتاج إلى استبدال، وتنفيذ أعمال الأرصفة والأردفة، وتزفيت الشارع بطول /1000/م، وبعرض /14/م، واستبدال شبكة الكهرباء الهوائية المارة في الشارع بأخرى أرضية، وتنفيذ أعمال إنارة متكاملة للشارع.

كما يجري إعادة تأهيل البنى التحتية للشارع، من أعمال كهرباء ومياه وهاتف، بالتوازي مع المشروع الأساسي على نفقة هذه الجهات، ومدة تنفيذ الأعمال أربعة أشهر، تبدأ بتاريخ 8/3/2010 وتقوم بأعمال التنفيذ شركات القطاع العام، وهي الشركة العامة للطرق والجسور، والشركة العامة للبناء والتعمير، والشركة السورية للشبكات، وتجري أعمال إعادة التأهيل ضمن المواصفات الفنية المطلوبة، والمدد العقدية المحددة للمشروع».

من أعمال إعادة تأهيل شارع الوادي

ويقول المهندس "عبد الله العليص"، رئيس الدائرة الفنية في مجلس مدينة "الرقة": «لم يعد مجلس المدينة ينفذ أعمال الصيانة، كما كانت تنفذ في السابق، حيث أصبحت تشكل سماكة طبقة الزفت أكثر من /50/سم، لذلك عمدنا إلى حراثة الشارع، وإزالة طبقات الإسفلت القديمة، والنزول إلى طبقة الأساس، حيث يجري إعادة تأهيله بالكامل بالطرق الفنية الصحيحة، وستشكل هذه الطريقة أساساً للتعامل مع بقية شوارع المدينة.

لم يكتفِ المجلس بلجنة الإشراف الهندسية التي تتابع أعمال التنفيذ، بل شكلت لجنة فنية أخرى يرأسها المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي، لمتابعة أعمال التنفيذ أولاً بأول، وبالتوازي مع إعادة تأهيل بنى الكهرباء والمياه والهاتف».