يعتبر قصر "الحير" من أبرز القصور الأموية المشيدة في بادية "الشام" عند أقدام جبل "البشري"، ويقع بالقرب من مدينة "السخنة" على بعد /10/كم شرقاً، وعن مدينة "الرصافة" /60/ كم، ضمن نطاق مدينة أثرية كاملة كانت منتجعاً للخلفاء في العصر الأموي.

مدونة وطن "eSyria" التقت الخبير الآثاري "عقبة معن" بتاريخ 9/11/2013 الذي تحدث عن أهمية القصر التاريخية وقال: «يعتبر قصر "الحير" الشرقي والغربي مدينة أثرية كاملة مكونة من قصرين: الأول "الشرقي الكبير"، الذي يبلغ طوله /170/م، ويتألف من طابقين وله بوابة ضخمة محاطة ببرجين دائريين وثلاث بوابات في محيط القصر وأبراجه مستديرة، وتحيط به البساتين والبيوت الخاصة بالحاشية ودور الخدم والمخازن والمطابخ والحمامات في مدينة يزيد طول السور المحيط بها على ستة كيلومترات، وتحوي المدينة كافة الخدمات، إضافة إلى المباني ومسجد ومعاصر للزيت وصناعة الزجاج وخزانات ماء، تم اكتشاف قناة تمتد إلى مسافة /5700/ متر تنقل المياه إلى داخل أسوار المدينة وإلى القصر من الدير البيزنطي القريب من المكان».

إن بناء المسجد وبعض المرافق قد سبقت بناء القصر، الذي يعد نموذجاً للفن الأموي الذي انتشر في المدن الإسلامية والأندلس بعد ذلك

وأضاف: «أما "القصر الغربي" وهو الصغير فيأخذ شكلاً مربعاً غير منتظم ويبلغ طول ضلعه /70/ متراً وسطياً، وكشفت التنقيبات فيه عن نماذج رائعة من الفنون التي عثر عليها داخل قاعات القصر (كالرسوم الجدارية والزخارف الجصية وأرضيات الحجرات) وغيرها من النقوش الفنية التي تناولت مواضيع مختلفة نباتية وهندسية وحيوانية وإنسانية، التي تشهد على جمالية هذا الفن حيث يعتبر هذا القصر ومكوناته أحسن نموذج للعمارة الأموية».

وأوضح أن "هرزفيلد" أحد الأثريين الألمان الذين عملوا في الموقع قال: «إن بناء المسجد وبعض المرافق قد سبقت بناء القصر، الذي يعد نموذجاً للفن الأموي الذي انتشر في المدن الإسلامية والأندلس بعد ذلك».

أما الباحث الآثاري "رامز علوان" فأوضح عن قصر"الحير" الذي كان يطلق على الغربي منه اسم "الزيتونة"، وهو الاسم الأصلي له، أمّا "الحير" فهي تسمية حديثة استعيرت من معنى السور الذي كان يحدّه، وقد استخدم الحجر الكلسي في بناء القصر، ويعد بناؤه متأثراً بالفنون "الساسانية" في تشييد المباني الضخمة والقصور، ويعد من أهم الأوابد العائدة إلى الفترة الأموية في التاريخ الإسلامي».

وأوضح أن أول من أشار إلى موقع قصر "الحير" الغربي، المصور "بواديبارد"، الذي قام بأخذ العديد من الصور الجوية للبقايا الأثرية في المكان، وكان أهم ما تم تميزه تلك الصور بقايا القصر المتمثلة بسور مستطيل، وأحد الأبراج المؤرخة في العصر البيزنطي، وقناة ماء ممتدة بين القصر وسد "خربقة".

وأضاف "علوان": «أما بخصوص الأعمال الأثرية الأولى في الموقع فكانت من قبل "شلومبرجيه" عام /1936/ واستمرت حتى عام /1938/ م، لتتوقف بعدها حتى خمسينيات القرن العشرين، حيث قامت المديرية العامة للآثار بنقل واجهة القصر إلى "دمشق" وتمت إعادة تركيبه فوق واجهة المتحف الوطني بـ"دمشق" ومازال كذلك حتى اليوم، ويعتقد أن القصر بني على أنقاض دير يعود إلى العهد الغساني، وهو أحد القصور العامرة التي بناها خلفاء وأمراء الأمويين في بادية "الشام"، وقد تم تأريخ قصر "الحير" الغربي والشرقي في فترة حكم "هشام بن عبد الملك" عام /728/م».