بني هذا القصر على شكل مستطيل باتجاه شمال جنوب, مع بعض الانحراف في زواياه, وبلغت مقاييس القصر/106× 117/م، أي ما قدره /1900/ متراً مربعاً, وجدر القصر مستطيلة الشكل، مبنية من مادة اللبن المجفف تحت أشعة الشمس، مقاساتها /36×36×12/سم, وثخن الجدار الواحد /180/سم، تدعمه من الخارج مجموعة من الأبراج نصف مستديرة الشك. يبلغ قطر الواحد منها /15,3/م, والمسافة بين كل برج وبرج/13/م, ودعمت زوايا القصر الأربع بأبراج مستديرة الشكل قطر الواحد منها /4,60/م, وهذا المقياس يقارب إلى حد بعيد مقاييس أبراج قصر "الحير" الغربي.

إنَّ هذا القصر فسيح في مخططه المعماري, كامل التنظيم يمكن أنْ يحاكي قصور بني "أمية" العظيمة المشيَّدة في بادية الشام, كقصري "الحير" الشرقي والغربي، وقصر "المشتى"، وخربة "المفجر"، وقصر "خرانة"، وقصر "عميرة", وغيرها من القصور الأخرى. ولهذا القصر خمسة أقسام عمرانية وهي: قسم الشؤون العامة ويقع ضمن مستطيل القصر في الجهة الغربية, وهناك الدور الخاصة وتقع في وسط المستطيل, ومداخل القصر الخارجية والشارع الرئيسي, تليهما في الشرق الحدائق، أما القسمان المتبقيان, فهما يقعان خارج السور، مثل المسجد الذي شيد عند الزاوية الشمالية الغربية للقصر، والقسم الخامس والأخير هو الحمام الواقع في الجانب الغربي بالقرب من الباب الإضافي.

وللقصر"ج" مدخلان شمالي وجنوبي, الشمالي يقع بالقرب من زاوية القصر الشمالية الغربية، والأخر يقع في الجنوب. ويعتبر الباب الشمالي هو الباب الرئيس، لاتصاله المباشر بباحة القصر. أما الباب الثاني فيقع في أول الشارع المستقيم، الذي يخترق القصر من الجنوب إلى الشمال، وعلى جانبيه تقع غرفتين للحراسة والاستقبال، وعرض هذا الباب متران ونصف المتر، طرفاه مدعمان من الخارج ببرجين لهما شكل ربع مستدير، وهما بذلك يشبهان برجي مدخل قصر الخرانة. ويؤدي هذا الباب إلى شارع داخلي عرضه /5,5/م، يشكل محور الاتصال بين قسم الشؤون العامة، ودور السكن الخاص, وقد رصفت أرضية الشارع بآجرات مربعة الشكل, شوهد العديد منها وهي لا تزال قائمة على أرضية الشارع.

أعمال تنقيب في القصور العباسية

ويحد هذا الشارع من الشرق الجدار الغربي للدور السكنية، وهذا الجدار مبني من مادة الآجر المشوي، أما من الغرب فيحده حائط قسم الشؤون العامة، وهو مبني من مادة اللبن المجفف تحت أشعة الشمس وملفح بمادة الطوب. أما المدخل الشمالي، وهو المدخل الرئيس، القريب من الزاوية الشمالية الغربية، فوضعه كان مأساوياً، إذ لم يبق منه سوى فتحة كبيرة عرضها /12,60/م، مع آثار الركائز الجانبية.

وبعد أن أزال المنقبون الأنقاض الهائلة من فتحة المدخل، عثروا على قطع كثيرة من الكسر الجصية المزخرفة، والتي كانت تشكل أقواساً تعلو البوابة الرئيسية، فهي تشكل بمجموعها أطر جصية منحوتة، بأشكال نباتية متنوعة مثل ورقة الكرمة، وعناقيد العنب المحورين إلى أشكال مختلفة، ومتداخلة ومبسطة تضفي على الإطار المزخرف منظراً أخاذاً وجميلاً.

حفريات في أحد القصور

الباحة الكبرى: مباشرة خلف المدخل الرئيس، تقع باحة واسعة بلغ طولها /52/م وعرضها /37/م، بما في ذلك الأروقة الجانبية، وهذه الفسحة لم تكن مبلطة بمادة الآجر، باستثناء الأروقة الجانبية فهي مبلطة بمربعات من الأجر قياس /24×24/سم, ويرجح بأن تكون هذه الأروقة قد كانت مسقوفة، ومزينة بأقواس عليها زخارف نافرة، وقد عثر المنقبون على كسر جصية كثيرة عليها زخارف، وجدت بين الأنقاض، وهي قد تعود لتلك الأقواس، ويعتبر الرواق الغربي من أكثر الأروقة جمالاً وتنظيماً، وهو مكان مخصص للراحة والمتعة والنزهة..

تم العثور على /12/ مصطبة مشيدة ضمن الجدار ذات مقياس /210×32/سم أعدت خصيصاً للجلوس، وعلى جوانبها وسائد منحنية وبين كل اثنين من هذه المصاطب، توجد دعائم جدارية بارزة عليها زخارف جصية ذات أشكال نباتية مختلفة، كما عثر المنقبون أيضاً على كتابة كوفية لم يتبين فيها سوى اسم "عبيد"، الذي يتكرر عدة مرات، وعلى ما يبدو أنه اسم لأحد البنائين الذين قاموا ببناء هذا القصر..

كانت جدران هذا القسم كلها مطلية بطبقتين من الجص الأسمر، وفوقه طبقة الجص الأبيض، وللقصر أيضاً أقسام أخرى مثل: قسم الشؤون العامة، وهو بناء كبير له باحة كبرى تحيط بها أروقة ومصاطب للجلوس لها زخارف بديعة، وبجوارها قاعات وممرات كبيرة معدّة لاستقبال الزوار، وقسم الدور الخاصة التي تقع في وسط القصر، ويفصل بينها وبين قسم الشؤون العامة شارع أُنشأ خصيصاً لتسهيل التجوال بين أجزاء القصر، وهذه الدور كل واحدة منها تشكل بيتاً يضم حاجات السكن الأساسية،

وقد نظمت هذه الدور على شكل مستطيل، يضم ستة دور، تتألف كل دار من مجموعة من الغرف وصحن وبعض الممرات الضيقة، المؤدية إلى قسم المطابخ، ودورة المياه المتوضعة دوماً خلف الغرف الشرقية، لجعلها مع المطبخ دوماً معاكسة لهبوب الرياح الغربية، وقد رمز المنقبون لهذه الدور بحرف أبجدي (أ- ب ـ ج ـ د ـ هـ ـ و ـ ع).

بقي أنْ أشير إلى أنَّه كان للقصر (ج) حديقة كبيرة ومسجد.. كان وجود الحديقة ضمن أسوار القصر، يشكل جزءاً هاماً من أجزاء القصر، ويلاحظ من خلال تنظيمها وترتيبها أنَّ المهندسون قد أولوها عناية خاصة، وذلك لجلب الراحة إلى النفوس، ولتأمين الظلال الوارفة, وهي تقع في الجهة الشرقية من القصر على شكل مستطيل محاط بالجدر الخارجي للقصر، وقد بلغت مساحتها /8085/متراً مربعاً.

أما المسجد, فهو الآخر أحد أهم أجزاء القصر، ويقع على يمين المدخل الرئيس للقصر عند الزاوية الشمالية الغربية خارج سور القصر مقاساته /13×3,5/م، ويتألف هذا المسجد على الأغلب من صحن رئيس مكشوف له أرضية مبلطة بمادة الآجر مقاس /20×20/سم، وله بعض الغرف وحرم يرتفع قليلاً عن أرض القصر، ومن هنا يمكن القول أنَّ المسجد بني في عهد غير عهد القصر..

يتألف الحرم من مستطيل يتوسط الجدار الجنوبي محراب مربع الشكل عمقه /60/سم وعرضه/90/سم، تحيط به من الطرفين أشكال أعمدة من الجص، وعلى جوانبها أشرطة جصية مزخرفة بأشكال نباتية. للمسجد مدخل يقع في الجدار الشمالي مؤلف من ثلاثة أبواب كبيرة، تفصل بينها عضادات من الطوب أبعاد الواحدة منها /120×70/سم, وهذا الشكل من العضادات نجده دائماً يتكرر في أغلب المباني سواءً الدينية منها أو المدنية، التي شيدت في عصر "الرشيد"، ويبلغ عرض الباب الأوسط وهو أكبرها /190/سم, كما أنَّ جميع الجدران بما في ذلك الأرضية طليت بمادة الجص الأبيض. إنَّ تنظيمات القصر العمرانية, تدل على أنه من القصور الفريدة من نوعها وترتيبها، وأنَّ مخططه يعتبر من المخططات المبتكرة في عصره وزمانه.