على الرغم من وجود العديد من الأسواق الشعبية المفتوحة في محافظة "الرقة"، كسوق الأحد وسوق السبت وسوق الاثنين وغيرها، إلا أن "سوق الجمعة" يبقى هو الأشهر والأضخم بين هذه الأسواق، كونه يقع ضمن الحدود الإدارية للمدينة من جهة، ومن جهة أخرى فهو يصادف يوم عطلة رسمية، بينما باقي الأسواق فهي تقام في بعض القرى والنواحي التابعة للمحافظة، ناهيك عن كونها تقام في أيام الدوام الرسمي.

وللحديث عن هذا الموضوع زار موقع eRaqqa وبتاريخ (28/8/2009) "سوق الجمعة" في مدينة "الرقة"، ورصد الأجواء هناك، كما التقى السيد "علي عبدو" وهو صاحب مطعم متنقل في "سوق الجمعة"، حيث حدثنا عن موقع وفعاليات هذا السوق قائلاً: «يقع "سوق الجمعة" عند المدخل الشمالي لمدينة "الرقة"، ويتوضع على يمين الطريق العام المؤدي إلى منطقة "تل أبيض"، وتبلغ المساحة التي يشغلها هذا السوق حوالي /35000/ م2، وتعود ملكية الأرض لأملاك الدولة.

لا تفوتني زيارة السوق الأسبوعية، فأنا احضر بهدف التسوق من بسطات الكهربائيات المستعملة، والقطع النادرة، وأشتري العديد منها، وأعود لأعرضها للبيع في محلي الكائن في حي "الفردوس"، إلى جانب قطع الأثاث المستعمل الذي أبيعه وأشتريه أيضاً، وغالباً ما أحظى بقطع نادرة توفر لي عائداً جيداً من الربح

وتبدأ فعاليات السوق منذ الساعة الخامسة صباحاً، حيث يأخذ الباعة أماكنهم المتعارف عليها مسبقاً، ثم يبدؤون بعرض بضائعهم قبل وصول الزبائن، الذين يتوافدون في أوقات متباينة، تتراوح ما بين السادسة صباحاً والثانية عشر ظهراً.

على بسطة الخردوات يتجمع عادة الباحثون عن القطع النادرة

أما البضائع المعروضة فهي متنوعة ومن الصعوبة حصرها، وتشمل المواد الغذائية والألبسة والأدوات المنزلية والكهربائية وغيرها، لكن أكثر ما يميز هذا السوق هو وجود البضائع المستعملة، التي تغري الزبائن بأسعارها الزهيدة وندرة وجودها في الأسواق التقليدية، وغالبيتها تنحصر بالأدوات الكهربائية والإلكترونية والخردوات و"الصمديات" إلى ما هنالك من هذه السلع، وعادةً يكون مصدر هذه السلع هو دول الخليج العربي ولبنان.

وكثيراً ما يحصل بعض الأشخاص على قطعة أو أكثر من هذه السلع المستعملة بأسعار بخسة لا تتجاوز بضعة عشرات من الليرات السورية، وقد يبلغ سعرها الحقيقي آلاف الليرات، وهي غالباً ما تكون صالحة للاستعمال.

أبو عبدو صاحب مطعم متنقل في سوق الجمعة

وزبائن "سوق الجمعة" ليسوا على سوية واحدة، فمنهم الزبون التقليدي الذي يأتي ليتسوق، وقد حدد سلفاً السلعة التي يريد شرائها، وغالباً ما يغادر فور حصوله على مبتغاه، ومنهم من يأتي إلى هذا السوق دون تحديد مسبق لما يود شرائه، بل يعتمد على الصدفة التي قد تسوق إليه سلعة نادرة وزهيدة الثمن، وهؤلاء غالباً ما يتواجدون عند "بسطات" الخردوات والأدوات الكهربائية والإلكترونية المستعملة، وتكون لديهم عادةً خبرة كبيرة بهذا النوع من السلع، ودراية كافية في كيفية الاستفادة منها، ونستطيع القول أن زيارة سوق الجمعة أضحت طقساً أسبوعياً لدى الكثير من هؤلاء الباحثين عن السلع النادرة.

كما يحتوي هذا السوق على نوع آخر من السلع التي يصعب الحصول عليها في الأسواق العادية، كالدجاج البلدي والإوز والبط وديك الحبش والأرانب والحمام وغيرها، وغالباً ما يكون مصدرها القرى المجاورة لمدينة "الرقة"، وتستمر فعاليات هذا السوق تقريباً حتى الساعة الثانية ظهراً».

الفنان التشكيلي سائد الفياض

كما تحدث لموقعنا السيد "ناصر الخلف"، وهو من زبائن "سوق الجمعة" الدائمين، قائلاً: «لا تفوتني زيارة السوق الأسبوعية، فأنا احضر بهدف التسوق من بسطات الكهربائيات المستعملة، والقطع النادرة، وأشتري العديد منها، وأعود لأعرضها للبيع في محلي الكائن في حي "الفردوس"، إلى جانب قطع الأثاث المستعمل الذي أبيعه وأشتريه أيضاً، وغالباً ما أحظى بقطع نادرة توفر لي عائداً جيداً من الربح».

أما الفنان التشكيلي "سائد الفياض" فقد قال: «أزور هذا السوق ثلاث مرات في الشهر، وذلك بهدف البحث عن بعض مستلزمات الرسم الأصلية، وذات الأسعار المعقولة، كسكاكين الرسم، أو الفراشي، أو الألوان وغيرها، والتي غالباً ما تكون غير مستعملة، أما عن هذا الأسبوع، فقد حصلت على ثلاث فَرَاشٍ للرسم غير مستعملة، وجميعها ذات ماركة عالمية، وهي ألمانية الصنع، والجميل في الموضوع أن سعرها لم يتجاوز الـ/200/ ليرة سورية، بينما سعرها في السوق ـ إن وجدت ـ فيتجاوز الـ/1500/ ل.س.

وأعتقد أن سبب تدني أسعار هذا النوع من السلع يعود لسببين، الأول هو أنه لا أحد غير الفنانين التشكيليين له مصلحة في شرائها، وهم قلة إذا ما قيسوا بعدد زوار السوق، والسبب الثاني هو عدم معرفة الباعة عادةً لقيمة هذه المواد، سيما وأنها معروضة مع مئات السلع على "بسطة" الخردوات.

وأستطيع أن أضيف سبباً ثالثاً، وهو يتمثل بعدم إظهار الاهتمام الشديد بهذه السلع من قبل الراغب باقتنائها، وهم في الغالب من الفنانين التشكيليين، وذلك خشية أن يتسلل الطمع إلى نفس البائع، فيستغل رغبة الزبون واهتمامه بالسلعة، ليفرض سعراً مرتفعاً يكون مقارباً لسعرها الحقيقي في السوق.

ومن السلع التي تستهويني أيضاً، تلك التي تندرج تحت خانة "الصمديات"، حيث أنني وعلى مدى عدة سنوات، استطعت أن اقتني مجموعة كبيرة منها، وكلها نادرة وهامة، وخاصة تلك المصنوعة يدوياً، وجميعها اشتريتها بأسعار لا تكاد تصدَّق».