في شارع فرعي من شوارع مدينة "تل أبيض" الحدودية، يقع مطعم "الكايد" الشعبي، الذي يعتبر من أقدم مطاعم هناك، حيث استطاع هذا المطعم الشعبي الذي يقدم لرواده كل صنوف المشاوي، أن يحقق معادلة الاستمرار مقرونةً بجودة الخدمة المقدمة، حتى أضحى برغم بساطته مقصداً لكل من يزور مدينة "تل أبيض"، من أي مكان في القطر.

ولا عجب أن يبادر أهالي هذه المدينة فور زيارتك لهم، بأخذك إلى هذا المطعم، حيث كما يقولون ستتذوق "كباباً" لا أشهى ولا ألذ، بحيث تعجز عن تقديمه كبرى المطاعم ذات التصنيف السياحي العالي.

في كل عطلة صيفية نأتي وإخوتي، وأبناء عمومتي للعمل مع جدي، ونحن نتعلم منه الكثير، على الرغم من عدم تهاونه في موضوع العمل، لكننا مسرورون كثيراً، فنحن نحب جدنا كثيراً، كما نحب هذا المكان

موقع eRaqqa وبتاريخ (15/6/2009)م، زار مدينة "تل أبيض"، التي تبعد عن مدينة "الرقة" حوالي /100/ كم، حيث قصدنا هذا المطعم الشهير، ومن فور وصولنا استقبلنا صاحبه السيد "خليل الكايد" ببشاشة، فسألناه عن هذا المطعم، والشهرة التي حققها فقال: «لقد أورثني والدي هذه الصنعة، إذ أذكر أنه اشتراه من رجل من مدينة "حلب"، كان قد افتتحه في هذا المكان، فباعه الرجل ورجع إلى مدينته، ومن حينها أطلقنا عليه اسم "الكايد"، لأنها كنيتنا.

البشاشة في الاستقبال والوداع

وكان الوافدون بقصد قضاء عمل ما في مدينة "تل أبيض" يقصدونه، بالإضافة لأهالي المدينة، ومنذ البدايات كان هناك أساسيات في هذه الصنعة لم نتهاون فيها بالمطلق، وقد تعلمت ذلك عن والدي رحمه الله، فلقد كانت لحومنا دوماً طازجة، وكان حسن تعاملنا مع الزبون مبعثاً للسور في نفسه، فيعاود المجيء».

وعن امتهانه لهذه الصنعة وبدايتها يقول "الكايد": «دخلت هذا المطعم وكان عمري حينها /20/ عاماً، وأنا اليوم أبلغ من العمر /62/ عاماً، قضيتها في هذا المكان، أطور عملي، واضعاً مخافة الله، ومصلحة الناس فوق كل اعتبار، ويكمن السر في إقبال الناس علينا، لإتقاننا عملنا بشكل كامل، فلقد مزجنا طريقة صنع الكباب الحلبي بأختها التركية، فكانت لدينا مع مرور الوقت نكهة مختلفة تماماً، حتى جيراننا الأتراك أعجبوا بها، وأنا حريص على استمرار هذا المطعم في عمله بهذه الوتيرة، فلذلك تجدني في عطلة المدارس أحضر أحفادي كي يتعلموا أصول العمل».

خليل الكايد وأربعون عاماً في هذا المطعم

وفي المطعم التقينا السيد "عيسى الأيوب"، الموظف في مستوصف "تل أبيض" المركزي، حيث حدثنا عن سبب مجيئه قائلاً: «يعتبر مطعم "الكايد" معلماً من معالم مدينة "تل أبيض"، فلقد ولدنا ونحن نعرف بوجوده قبل ذلك، وكانت الناس تتوافد إليه من مدن أخرى، واليوم زارني أحد أصدقائي من مدينة "الرقة"، فأحببت أن أدعوه إلى هذا المطعم لكي يتذوق اللحوم المشوية، ويقارنها تلك التي في مدينة "الرقة"، وقد اندهش كثيراً من هذا المذاق في "الكباب"، بحيث وعد بزيارة أخرى لأجل هذا المطعم، ونحن في مدينة "تل أبيض" تربطنا صداقة قوية مع صاحب المطعم السيد "خليل الكايد"، لثقتنا بجودة عمله، النابعة من حسن أخلاقه».

أما الطفل "ابراهيم الكايد"، الذي أنهى امتحانات مدرسته الابتدائية، وجاء للعمل في هذا المطعم مع جدِّه فقال: «في كل عطلة صيفية نأتي وإخوتي، وأبناء عمومتي للعمل مع جدي، ونحن نتعلم منه الكثير، على الرغم من عدم تهاونه في موضوع العمل، لكننا مسرورون كثيراً، فنحن نحب جدنا كثيراً، كما نحب هذا المكان».

في المطعم يتعلم الأحفاد لكي يستمر العمل

ونختتم جولتنا بحديث تحدث لجار مطعم "الكايد"، الحلاق "محمد العيسى"، المكنى بأبي "يوسف" فقال: «مطعم "الكايد" أشهر من أن يعرف في هذه المدينة، فهو قديم جداً، وتتميز المشاوي التي يقدمها بمنافستها لمطاعم كبيرة، وهذا ليس نتيجة عمل اليوم والبارحة، لكنه خبرة تراكمت على مدى أكثر من سبعين عاماً، أفتخر بجواره وبصداقته».

ويذكر أن السيد "خليل الكايد" من أهالي مدينة "تل أبيض"، وهو من مواليد عام /1947/م، ويدير هذا المطعم منذ مدة تتجاوز الـ/40/عاماً.