«تعتبر المنطقة الشرقية بمحافظاتها الثلاث "الرقة" و"الحسكة" و"دير الزور" إحدى أهم الدعائم الرئيسية للاقتصاد الوطني، ومصدراً للخير والعطاء الذي يغدق بغلاله الوفيرة على أرجاء الوطن، إلاّ أن الجفاف المتكرر الذي تعرضت له المنطقة، وانحسار نهر "الخابور" وجفافه، دفع آلاف الأسر التي تعيش في هذه المنطقة للهجرة بحثاً عن لقمة العيش التي تضمن لهم البقاء».

بهذه المقدمة يبدأ حديثه لموقع eRaqqa المهندس "عصام ذنون" مدير "مشروع التنمية الريفية في المنطقة الشرقية"، وهو يحدثنا بتاريخ (2/5/2009) عن مكونات وأهداف مشروع التنمية الريفية والجهات الممولة له.

أخيراً فإن المكون الخامس للمشروع ينحصر في عمليات التنسيق والإدارة، ويضمن هذا المكون التنسيق والإدارة الفعالة لنشاطات المشروع، ومكوناته الرئيسية والفرعية، ويضم الدعم لتأسيس إدارة مركزية للمشروع في مدينة "دمشق" على المستوى الوطني، وفرع في كل من المحافظات الثلاث، إضافة إلى خمسة مراكز دعم مجتمعية

وعن الخطوات الأولى لإحداث مشروع التنمية الريفية في المنطقة الشرقية، يقول "ذنون": «أدى الجفاف المستمر إلى انتشار الفقر، وتردي الأوضاع المعيشية لسكان المنطقة، فقامت بعثة "الصندوق الدولي للتنمية الزراعية" (إيفاد) استجابة لطلب من الحكومة السورية، وبمشاركة فنيين من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، بزيارة المنطقة في شهر تشرين الأول من عام /2005/ للإطلاع على واقع المنطقة ومعاناتها، وأعدت تقريراً تمهيدياً للمشروع، وتمت صياغته في نيسان عام /2006/، هدفه تخفيف الفقر من خلال تمكين سكان الريف الفقراء اجتماعياً واقتصادياً، والمحافظة على الموارد الطبيعية.

الأمية من أهم تحديات المنطقة

وقد تم تجميع المعلومات والبحوث والمناقشات مع وكالات الحكومة السورية والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية والأفراد، ولاسيما المزارعين وسكان الريف، وقد تضمن العمل الميداني زيارة /24/ قرية، ومقابلة السكان الذين أبدوا آرائهم حول أسباب فقرهم، وقدموا اقتراحاتهم حول المشروع.

كما قامت بعثة أخرى بإجراء تقييم بيئي للمشروع بمشاركة فنيين من وزارتي الزراعة والبيئة في سورية، وقد ناقشت نتائج عملها مع مسؤولين من الحكومة والوكالات المانحة، وتم صياغة مسودة العمل للمشروع، وفي بداية عام /2008/ تم إحداث المشروع وانطلاقه ليحقق أهدافه في التنمية المستدامة للمجتمع في المنطقة الشمالية الشرقية».

الاستخدام الأمثل لموارد المياه

وعن المشروع ووسائل التمويل والفئات المستهدفة، يضيف "ذنون" قائلاً: «يسعى المشروع لتحقيق التنمية المتكاملة للسكان الريفيين في المحافظات الشرقية، وتحويل المنطقة إلى بقعة نماء حقيقي، ورفع مستوى الدخل، وتعزيز معيشة السكان المحليين، واجتثاث الفقر وتقوية مبادئ المساواة، وبشكل هام تأمين تنمية إقليمية متوازنة.

وتبلغ كلفة المشروع /58,1/ مليون دولار، تساهم الحكومة السورية بـ /36%/ من تكلفته، و/35%/ من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، و/29%/ من صندوق "أوبك" للتنمية، ومدته ست سنوات، وتنفذه وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارت الري والمالية والإدارة المحلية والبيئة، وهيئة تخطيط الدولة.

من مشاريع الري الحديث

ويستهدف المشروع الأسر الفقيرة المعدمة، والتي لا تملك أراض، وتهاجر بحثاً عن لقمة العيش، وصغار المزارعين، الذين يعانون من تدني الإنتاج بسبب الجفاف المتكرر، والشباب الذي يبحث عن فرص العمل، وسيبلغ عدد المستفيدين من المشروع /220/ ألف أسرة تشكل نسبة /70% من سكان ريف المنطقة، و/300/ ألف شاب وفتاة من العاطلين عن العمل».

كما تحدث لموقعنا المهندس "محمود إيبش" مدير فرع "الرقة" لمشروع التنمية الريفية، موضحاً أهداف المشروع، قائلاً: «إن الهدف الأساسي للمشروع هو تحسين الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأسر الريفية الفقيرة في المنطقة الشرقية، وتتجسد الأهداف في أربع نقاط، الأولى تنظيم المجتمعات الريفية عن طريق إدارة الموارد المستدامة والعمليات التجارية، وثانياً الاستخدام المنطقي والإدارة المثلى لموارد المياه في الري، وثالثاً وصول المزارعين إلى الخدمات الاستشارية ذات الفعالية والصلة، وأخيراً توفير الاستثمارات الخاصة التي ستخلق فرص عمل وزيادة في الدخل».

وسألنا المهندس "إيبش" عن مبررات المشروع، فأوضح قائلاً: «تنحصر مبررات المشروع في أمور عديدة أهمها تدهور التربة والمراعي نتيجة الجفاف المتكرر، وضعف الموارد المائية نتيجة انخفاض معدلات المياه الجوفية، وانحسار مياه "الخابور"، وضعف إدارة المياه الجوفية، ومحدودية مهارات المزارعين بتقنيات الري الحديث، إضافة لتدني الإنتاج الزراعي، والواقع الاجتماعي المتمثل بارتفاع نسبة الأمية، خاصة عند النساء، وزيادة عدد أفراد الأسرة، وعدم توفر النشاطات المدرة للدخل، وعدم مشاركة المصارف الخاصة، والتدخل المحدود للمنظمات غير الحكومية».

وعن مكونات المشروع، يقول "إيبش": «نبدأ أولاً بالتمكين المجتمعي، حيث سيعمل المشروع على النهوض بقدرات المجتمع ليأخذ دوره في تنظيم وإدارة العملية التنموية المستدامة، من خلال تشكيل مجموعات ولجان مدربة ومؤهلة فنياً وإدارياً تعمل في النشاطات التي يدعمها المشروع، وتشارك في الخطط التنموية للقرى.

ثم رفع الإنتاجية الزراعية، حيث ستكون الخدمات الإرشادية المقدمة من الوحدات الإرشادية أساسية لدعم المزارعين، من أجل تغيير أنماط الزراعة، وتحسين الثروة الحيوانية لديهم، ورفع سوية إدارة مزارعهم بهدف وصولهم إلى الخدمات الاستشارية الفعالة والهامة، وسيتم تقوية ثلاثين وحدة إرشادية في المحافظات الثلاث لتصبح مسؤولة بالتحديد عن الخدمات الاستشارية للمزارعين في القرى الـ /96/ المختارة والمستهدفة من المشروع، وستكون الخطوة الأولى في زيادة قدرات الوحدات الإرشادية.

أما المكون الثالث فينحصر في إدارة الموارد الطبيعية والري، وسيساهم في الحد من استنزاف الموارد المائية الجوفية والسطحية، من خلال إدارة وتنظيم مياه الري وترشيد استهلاكها، وتحديد معايير فنية لمصادر المياه وكيفية استخدامها، وإدخال تقنيات الري الحديث لتحسين الكفاءة الإنتاجية، وتخفيف الطلب الزراعي على المياه.

ويقوم المكون الرابع على تنمية المشاريع الصغيرة والصغرى، من خلال دعم المشاريع الزراعية وغير الزراعية لصغار مستثمري القطاع الخاص، وسيكون هدفه الاستثمارات في المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تخلق فرص العمل، وترفع الدخول، وستبرز مكونات فرعية متمثلة في الخدمات المالية الريفية التي توفر قروضاً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والخدمات غير المالية المتمثلة بتأسيس الجمعيات التسويقية، ومراكز تطوير الأعمال الريفية».

ويختتم إيبش" حديثه، قائلاً: «أخيراً فإن المكون الخامس للمشروع ينحصر في عمليات التنسيق والإدارة، ويضمن هذا المكون التنسيق والإدارة الفعالة لنشاطات المشروع، ومكوناته الرئيسية والفرعية، ويضم الدعم لتأسيس إدارة مركزية للمشروع في مدينة "دمشق" على المستوى الوطني، وفرع في كل من المحافظات الثلاث، إضافة إلى خمسة مراكز دعم مجتمعية».

وينهي "ذنون" حديثه لموقعنا بالحديث عن مهام المشروع، قائلاً: «يساهم المشروع في تخفيف الفقر في منطقة عمل المشروع، وفق الخطط والسياسات المقررة، وتوفير القروض للأنشطة الصغيرة المولدة للدخل، وتطبيق النهج التشاركي، من خلال تنظيم المستهدفين ضمن جمعيات متخصصة، والعمل على دعم تأسيس مصرف متخصص في التمويل الصغير، والتنسيق مع الجهات المتخصصة لتمكين صغار المزارعين من استخدام تقنيات الري الحديث، وتحديد المناطق اللازمة لحصاد المياه، وتطوير سياسة إدارة المياه للري ومراقبة المياه الجوفية.

وأخيراً لابد من وضع أسس جديدة لدعم برامج النوع الاجتماعي، وتنمية المرأة الريفية، لرفع قدراتها بأنواع التدريب المختلفة، وتدريب وتأهيل الجهاز الإداري والفني للمشروع والمساهمين فيه والمستفيدين منه في منطقة عمله المترامية الأطراف».