«على الضفة اليسرى لنهر "الفرات"، تقع واحدة من أكثر مدارس "الرقة" تميزاً، فهي وبالرغم من كونها من مدارس الريف القريب، إلا أنها تضاهي وتكاد تتفوق على الكثير من مدارس المدينة، وذلك من جوانب عديدة.

فالمساحة الضخمة التي يشغلها بناؤها المتميز، والتنظيم والنظافة الشديدة التي يلحظها الزائر منذ لحظة دخوله الباب الرئيسي، إضافة للمرافق التعليمية والتربوية التي تحتويها المدرسة، والتي تمَّ الاستفادة منها بشكل عملي وفاعل، ناهيك عن الأسرة التعليمية والإدارية المميزة.

حتى يكتمل التواصل مع التلميذ، فإننا في إدارة المدرسة ارتأينا أن يعبر الطالب عما يريد، ولإدراكنا أنه قد يحجم أحياناً عن ذلك لعوامل نفسية واجتماعية، ولدت فكرة صندوق الشكاوى الخاص بالتلاميذ، فمن حق كل تلميذ أن يطرح مشكلته، التي قد تكون مع المعلم، أو في المنزل، أو في الباحة مع زميل آخر. وهذه المشاكل لا تُهمل بالمطلق، إذ أنها تتابع من قبل الكادر الإداري باهتمام كبير، وأثبتت هذه التجربة أنها مميزة وناجحة، حيث لاحظنا الإقبال الشديد في الطروحات، التي تجاوزت الشكاوى لتصل لاقتراحات بناءة من بعض التلاميذ، بإضافة لمسات جمالية على المدرسة، وتم توجيه بطاقات الثناء لأولئك التلاميذ، حتى يصبحوا قدوةً لزملائهم

كلُّ هذه الأمور مجتمعة، جعلت مدرسة "سيف الدولة" الريفية للتعليم الأساسي، تستحق وعن جدارة اللقب الذي منحتها إياه منظمة "اليونيسيف"، وهو لقب "صديقة الطفولة"».

الأستاذ أسعد النجم مدير المدرسة

هذا ما قاله لموقع eRaqqa بتاريخ (30/4/2009)، الأستاذ "جاسم الحمود"، رئيس قسم التوجيه التربوي في مديرية التربية في "الرقة". مما دفعنا لزيارة هذه المدرسة، ولقاء مديرها الأستاذ "أسعد النجم"، الذي حدثنا عن تاريخ تأسيس المدرسة، والواقع التعليمي فيها، حيث قال: «بدايةً، لقد سميت هذه المدرسة بهذا الاسم، تيمُّناً بمؤسس الدولة الحمدانية "علي بن عبد الله بن حمدان"، الملقب بـ"سيف الدولة"، وهي تقع على الضفة اليسرى لنهر "الفرات" العظيم، وتعدُّ واحدة من أقدم مدارس "الرقة"، حيث تم تأسيسها عام /1954/م، على رقعة أرضٍ زراعية تبلغ مساحتها /60000/م2، وتبلغ الكتلة العمرانية فيها حوالي /5000/م2، وهي مؤلفة من ثلاث طبقات حديثة على شكل صندوق مفتوح، مُراعى في هندستها المعمارية التهوية والضوء، وتتبع لها روضة للأطفال دون سن السادسة.

وتشمل مرحلة التعليم الأساسي فيها، الصف الأول وحتى الصف السادس، ويبلغ عدد تلاميذها /750/ تلميذاً وتلميذة، والمدرسة تحتوي على /19/ شعبة صفيَّة، كما يوجد فيها مكتبة ثقافية متميزة وشاملة، وهي هدية من منظمة "اليونيسيف"، يمارس التلاميذ من خلالها تطبيق درس المطالعة، كما تضم المدرسة غرفة منهج صحي، مزودة بكل وسائل الإيضاح الصحية، حيث تطبق فيها الدروس الصحية المشتركة بين التلاميذ ومعلميهم، وهناك قاعة متعددة الأغراض (رسم ـ موسيقى) يمارس التلاميذ هواياتهم فيها، وهي مجهزة بكل الوسائل والمستلزمات اللازمة لممارستهما.

الأستاذ أحمد الفرج الخليل مع التلاميذ في قاعة المعلوماتية

بالإضافة لوجود غرفة رياضية لممارسة الأنشطة والألعاب الرياضية، وهناك تنسيق ما بين الإشراف الرياضي في المدرسة ونادي "الفرات" الرياضي، حيث بلغ عدد التلاميذ المشاركين في الألعاب والمنتخبات /112/ تلميذاً وتلميذة، وقد تفوقت مدرستنا على مستوى المحافظة بألعاب القوى للإناث والذكور، وهي الأولى دائماً في لعبة كرة اليد، وتعتبر الرافد الأساسي لمنتخب مدارس "الرقة" ونادي "الفرات" الرياضي.

وبالنسبة للتعليم، فإنه يطبق في مدرستنا إلى جانب التعليم الوزاري المقرر، التعليم الوزاري الزراعي، حيث يتم استثمار الأرض الزراعية التابعة للمدرسة، والتي تبلغ مساحتها حوالي /55000/م، وذلك من خلال زراعتها بالمحاصيل الإستراتيجية، كالقمح والقطن، وتتم هذه العملية بشكل ذاتي من قبل المدرسة، وهي تشكل مورداً مستقلاً لها، وكل ذلك يكون بإشراف مديرية التربية، عن طريق شعبة التعليم الريفي، أما فيما يخصُّ التعليم النمطي، فمواردنا بطبيعة الحال، نحصل عليها من خلال مديرية التربية في "الرقة".

قاعة المطالعة نافذة ثقافية للأطفال

ومن الأمور التي تتميز بها المدرسة، هي وجود حديقة بيئية وحيوانية وزراعية منتجة أُنشِئت حديثاً، كما يوجد فيها مشغل يدوي مستقل يمارس التلاميذ من خلاله تطبيق الأنشطة اللاصفيَّة، وخاصة الفنية منها والتي تُعنى بصناعة الوسائل التعليمية، ومن الجدير ذكره أن هناك قاعة خاصة للمعلوماتية، مجهزة بشكل كامل، وذلك لتدريب التلاميذ على استخدام الحاسوب واستثماره، مما يخدم العملية التربوية والتعليمية.

وأخيراً فإن هناك نشاطات مميزة للمدرسة، منها: النادي البيئي الذي يضم أغلب تلاميذ المدرسة، ويعنى بالنبات والحيوانات والطيور، وهناك فرقة مراسم طليعية، وفرقة كشافة خاصة بالمدرسة».

وعن سبب تميز هذه المدرسة، أجاب: «أعتقد أن الالتزام الكامل الذي تنتهجه المدرسة، هو من أهم العوامل التي ساهمت في نجاحها، حيث أن الدوام الفعلي فيها، يبدأ منذ اليوم الأول للعام الدراسي، ويتم تسليم الكتب مباشرة، والبدء بإعطاء الدروس، وفي حال تغيب أحد المعلمين لأي سبب كان، فيصار إلى ملئ الشاغر فوراً من قبل معلمي الاختصاص أو الاحتياط أو الإدارة، وذلك حتى لا تضيع أي فرصة على التلاميذ، وهذا مثبت من خلال الزيارات التي يقوم بها السيد مدير التربية، والسيد رئيس مكتب التربية والطلائع في "الرقة" لمدرستنا.

إضافة لتوفر التعاون الكبير ما بين الإدارة والكادر التعليمي، كما أن هناك متابعة مستمرة وفعلية، لمستوى التلاميذ، والعطاء من قبل المعلمين، وذلك عن طريق سبر المعلومات لدى كافة تلاميذ المدرسة، مما يساعدنا على مراقبة كافة التطورات التي تطرأ على المستوى التعليمي للتلاميذ، بحيث نستطيع أن نتدارك أي تقصير يؤثر على مصلحتهم، وذلك بالتعاون مع ذويهم، الذين يبدون تفاعلاً جيداً مع إدارة المدرسة، من خلال اجتماعات أولياء الأمور، التي تعقد بشكل دوري، أو من خلال زياراتهم الخاصة، وكل هذه الأمور أكسبت مدرستنا ثقة كبيرة، من ذوي التلاميذ، الذين هم بالنهاية أبناؤنا وأمانة في أعناقنا».

وبسؤال الأستاذ "أحمد الفرج الخليل" أمين سر قاعة المعلوماتية، عن نشاط هذه القاعة، والنتائج التي تم تحقيقها، أجاب بقوله: «تم افتتاح قاعة المعلوماتية عام /2006/م، من قبل دائرة المعلوماتية في مديرية التربية، وهي تضم /8/ حواسيب، وهناك مدرِّسة مختصة، تقوم بتعليم التلاميذ المبادئ الأساسية عن كيفية استخدام الحاسوب، ويعتبر العمل حتى تاريخه في هذه القاعة تجريبياً، ويتم خارج أوقات الدوام الرسمي، وذلك لتلاميذ الصف الخامس والسادس، حيث يتم تقسيم كل صف إلى ثلاث مجموعات، كون عدد التلاميذ في كل شعبة يفوق الأربعين تلميذاً، ويخصص لكل مجموعة ساعة، يتلقون خلالها درس نظري وعملي.

ومن النتائج التي حققتها هذه القاعة، هي استفادة غالبية التلاميذ من هذه الدروس، وبرز منهم التلميذ "علي الأحمد" الذي حاز المرتبة الأولى على مستوى القطر بالمعلوماتية، وذلك لمدة عامين متتاليين (2008ـ 2009)، ونأمل أن يتم في المستقبل القريب، ربط القاعة بشبكة "انترنيت" أسوة بالعديد من مدارس المدينة، كما نأمل أن يتم رفد المدرسة بعدد من الحواسيب لتتناسب مع عدد التلاميذ، وتخصيص مدرس للنظري وآخر للعملي».

ولفت نظرنا أثناء الزيارة وجود صندوق للشكاوى، حيث حدثنا عنه مدير المدرسة الأستاذ "أسعد النجم" قائلاً: «حتى يكتمل التواصل مع التلميذ، فإننا في إدارة المدرسة ارتأينا أن يعبر الطالب عما يريد، ولإدراكنا أنه قد يحجم أحياناً عن ذلك لعوامل نفسية واجتماعية، ولدت فكرة صندوق الشكاوى الخاص بالتلاميذ، فمن حق كل تلميذ أن يطرح مشكلته، التي قد تكون مع المعلم، أو في المنزل، أو في الباحة مع زميل آخر.

وهذه المشاكل لا تُهمل بالمطلق، إذ أنها تتابع من قبل الكادر الإداري باهتمام كبير، وأثبتت هذه التجربة أنها مميزة وناجحة، حيث لاحظنا الإقبال الشديد في الطروحات، التي تجاوزت الشكاوى لتصل لاقتراحات بناءة من بعض التلاميذ، بإضافة لمسات جمالية على المدرسة، وتم توجيه بطاقات الثناء لأولئك التلاميذ، حتى يصبحوا قدوةً لزملائهم».