في الجهة المقابلة لجامع "الفواز"، وفي شارع فرعي يصل بين شارع "الوادي" وشارع "القنيطرة" المعروف بشارع "تل أبيض"، يقع أشهر محل "فرافيش" في محافظة "الرقة"، وهو محل "أبو عبدو"، حيث إن أي شخص يمر في تلك المنطقة، ما بين الساعة الثامنة صباحاً، والساعة الثامنة مساءً، لا بدَّ أن يشاهد حشداً كبيراً من الناس، يتجمعون أمام هذا المحل، ينتظرون سندويشات "الفرافيش" المحببة لديهم، موقع eRaqqa وبتاريخ (18/12/2008)، توجه إلى هناك، والتقى السيد "عبد الرزاق دالاتي" المعروف بـ"أبو عبدو" صاحب المطعم، الذي حدثنا عن بداياته مع هذه المهنة، حيث يقول: «في البداية كان لدي استراحة على الطريق العام "حلب" "الرقة" في قرية "الحمَّام"، قرب ناحية "المنصورة"، ولكن الاستراحة هُدمت، بسبب توسيع الطريق، وقد أخذت تعويضاً عن البناء من الدولة، ثم انتقلت للعمل في مدينة "الرقة"، لكونها أقرب إلي من "حلب"، وقد قررت أن أسكن فيها بشكل مؤقت، ريثما أجهِّز أموري وأبيع بعض العدَّة التي كانت في الاستراحة، وفي عام /1973/ توظفت في شركة "ساريكو"، في مدينة "الرقة" بوظيفة طبَّاخ للمهندسين المصريين، وكانت أحوالنا آنذاك متوسطة وأقل من متوسطة، وكنت أريد زيادة دخلنا الشهري، سيما وأن الأحوال المادية أيام الاستراحة كانت جيدة جداً، ولكن الدخل تدنى كثيراً، خلال عملي بالوظيفة، فبدأت أبحث عن مصدرٍ ثانٍ للدخل، فأخذت "كشكاً" صغيراً، بجانب جامع "الفواز" يطلُّ على شارع "القنيطرة"، حيث لا تتجاوز مساحته /2/م2، دهنته باللون السماوي، وكان ذلك في عام /1983/ وبدأت العمل به، وكان سعر السندويشة ليرة ونصف، وكنت أبيع "السودة" والقلوبات والكلاوي و"الفرافيش"، وكان الطلب أكثره على سندويشة "الفرافيش"، بسبب سعرها المنخفض، وكان لا يأكل منها سوى أبناء الطبقة الفقيرة، وكنت أعتني بها كثيراً، وأختار البضاعة الجيدة الممتازة، وكان يعمل على تجهيزها كل أفراد العائلة، حيث كنت أنا و"أم عبدو" وجميع أفراد العائلة الصغار، نعمل على تجهيز مستلزمات العمل، من لحوم وسلطات، وبقيت أعمل هكذا، لغاية عام /1991/، حيث قامت البلدية في هذا العام بإلغاء الترخيص، وبناء عليه تم إزالة "الكشك"، فاستأجرت محلاً صغيراً /3×3/ متر مربع، في الطرف الثاني من الشارع، وفي "دخلة" أو حارة فرعية من جارنا المدعو "جاسم الخابور"، لمدة خمس سنوات، وصار الزبائن يسألون عن كشك "أبو عبدو"، فوضعنا صانعاً يدلهم إلى المحل الجديد، وصار العمل من حسن إلى أحسن بحمد الله وفضله».

ويحدثنا المعلم "أبو عبدو" عن سبب الإقبال الشديد على مطعمه الشعبي، حيث يقول: «إن هذا السؤال حيَّر الكثير من الناس، فمنهم من يؤكد أنني أقوم بفرم "الفرافيش" وتتبيلها بزيت الزيتون والبهارات، وأتركها لمدة ثلاثة أيام، ومنهم من يقول أن لدي بهارات خاصة، لا أحد يعرف خلطتها سواي، وهناك من قال أن لدي "حجاب" لجلب الرزق، أما الفئة الغالبة من الناس كانت تقول أن عمل "أبو عبدو" نظيف، والأكل النظيف يأتي بالمذاق الطيب، وإنني أوصي أولادي دائماً، أن يخلصوا لمهنتهم، وأن يعطوها كل ما لديهم من جهد، وأن يعملوا بضمير، كي يحافظوا على هذه النعمة، والعمل النظيف يشمل كل شيء في السندويشة، من نوعية الفحم إلى التوابل إلى نوع اللحم إلى طريقة شيِّه، والخبز والسلطات، حتى طريقة لفِّ السندويشة، ونوعية الورق، والأهم نظافة اليد التي تلفها، وفي النهاية يبقى الرزق من عند الله، ولولا توفيقه لما نجحت في عملي، مهما فعلت».

لقد تم افتتاح المحل الثاني، بمشورة واقتراح من ابني الأكبر "عبد اللطيف" المدعو "عبدو"، وهو مخصص للكباب، وذلك لأن الزبون يطلب أحياناً "الكباب"، ولا يجده في محل "الفرافيش"، إضافة إلى أن هذا المحل يدعم المحل الأول، عندما يشتد الزحام عليه ويبدأ ضغط العمل، وذلك كي لا يتأخر الزبون، والحمد لله صار لدينا محل "كباب" من الطراز الأول، و"فرافيش" ممتازة و"سودة" وقلوب وكلاوي، وأصبحت كل فئات المجتمع تأكل عندنا، والمحل اليوم يعمل به الإخوة الخمسة، وهو باسمهم جميعاً، كل واحد له حصة قانونية، وكل واحد منهم، لديه سند تمليك بحصته، وذلك كي لا يتفرق الإخوة، وهم من الأكبر إلى الأصغر، "عبد اللطيف" و"محمد" و"أحمد" و"أمير" و"أنس"

وعن سبب افتتاح محل مجاور لمحل "الفرافيش"، يقول "أبو عبدو": «لقد تم افتتاح المحل الثاني، بمشورة واقتراح من ابني الأكبر "عبد اللطيف" المدعو "عبدو"، وهو مخصص للكباب، وذلك لأن الزبون يطلب أحياناً "الكباب"، ولا يجده في محل "الفرافيش"، إضافة إلى أن هذا المحل يدعم المحل الأول، عندما يشتد الزحام عليه ويبدأ ضغط العمل، وذلك كي لا يتأخر الزبون، والحمد لله صار لدينا محل "كباب" من الطراز الأول، و"فرافيش" ممتازة و"سودة" وقلوب وكلاوي، وأصبحت كل فئات المجتمع تأكل عندنا، والمحل اليوم يعمل به الإخوة الخمسة، وهو باسمهم جميعاً، كل واحد له حصة قانونية، وكل واحد منهم، لديه سند تمليك بحصته، وذلك كي لا يتفرق الإخوة، وهم من الأكبر إلى الأصغر، "عبد اللطيف" و"محمد" و"أحمد" و"أمير" و"أنس"».

أولاد المعلم "أبو عبدو" أثناء العمل

والجدير ذكره أن السيد "عبد الرزاق دالاتي" "أبو عبدو" من مواليد مدينة "حلب" عام /1944/.

كشك "أبو عبدو" في بداية تأسيسه عام1983
عندما يخف الزحام