يقع الجامع الحميدي في وسط الرقة القديمة، في مكان ليس ببعيد عن سورها الجنوبي الذي يحاذي الفرات سابقاً، وتحديداً شمال شرق السرايا القديمة «متحف الرقة حالياً» والمبنى الحالي كبير جداً، بني على أنقاض المسجد القديم الذي لم يتبق منه سوى المئذنة القديمة، وبعض الغرف الملحقة بالمسجد.

ففي عهد السلطان العثماني عبد الحميد، لم تكن الرقة سوى بضعة بيوت متناثرة، ولم يكن عدد سكانها يتجاوز بضع مئات، ويقول الباحث حمصي فرحان الحمادة تأسيساً على ما ذكرته «الليدي آن بلانت» في كتابها الشهير «عشائر بدو الفرات»، حيث رصدت رحلتها التي قامت بها إلى المنطقة، إن عدد سكان الرقة كان عام «1878م» لا يتجاوز مائة نفس، من بينهم القائمقام والدرك، وكانوا من منشأ بدوي، وعددهم ما بين «30 ـ 40» رجلاً، كما شاهدت عدداً من العطارين المهاجرين من مدينة حلب، وشاهدت كذلك ما بين أربعة إلى خمسة عشر مسكناً بائس المنظر تقع في الجنوب الغربي، والعدد نفسه على مقربة منها عند السور الجنوبي، ومن هذا السور يستطيع الإنسان أن يرى الأرض المنبسطة التي تؤدي إلى سفينة عبور الفرات، وأيضاً كما ذكر الغزي في تاريخه أن عدد سكان مدينة الرقة عام «1892م» بلغ «131» نسمة.

ويروي الباحث الحمادة لموقع eraqqa قصة بناء المسجد قائلاً: نتيجة توسع البناء في مدينة الرقة، وازدياد عدد سكانها نتيجة للهجرة ولتزايد عدد جنود المخفر، احتاج سكان الرقة إلى بناء مسجد جامع، لأن مسجدهم الصغير، الذي بني مع بناء المخفر، وموقعه في شارع القوتلي قد ضاق بالمصلين، وبناءً عليه تم إرسال وفد من أهالي الرقة، بمعرفة المفتي عبد الرحمن الحجار للمطالبة ببناء مسجد جامع.

المئذنة القديمة تقابلها المئذنة الجديدة

ويضيف الحمادة: وفي العام 1896م تم الحصول على الموافقة السلطانية ببناء المسجد، وأحضر له البناؤون من مدينة دير الزور، بينما كان العمال من أهل الرقة، وأشرف على بنائه هاشم بك، وكان أمين الصندوق عبد الله العلوش، وكان يعطي قرشاً واحداً لكمية من الفخار، كما يعطي قرشاً آخر لكمية من الجص، كما ألحق به مكتب وبعض الخلوات، وكانت نفقة البناء وقدرها 156500 قرشاً من أموال الخزانة الخاصة، ومما يؤسف له أن هذا البناء الأثري قد أزيل بسبب محاولة بعض الجاهلين لطرق الترميم صيانته، مما أدى إلى تصدعه وإزالته، وبناء المسجد الحالي على أنقاضه، وكان خسارة كبيرة لا تعوض، ولم يبق منه سوى المنارة والغرف الملحقة بالمسجد.

المئذنة الجديدة للجامع الحميدي «الكبير»
المئذنتان المتقابلتان