تأتي أهمية محصول الشوندر من كونه الثاني عالمياً بعد محصول قصب السكر، والوحيد في سورية للحصول على مادة السكر، ويشكل المصدر الوحيد لتزويد مصانع السكر بالمادة الأولية لصناعة السكر الأبيض، إضافةً لكونه ثالث المحاصيل الاستراتيجية الهامة بعد محصولي القمح والقطن، وبلغ إنتاج محافظة "الرقة" من الشوندر خلال موسم العام الفائت أكثر من /330/ ألف طن.

وللوقوف على واقع زراعة الشوندر السكري في محافظة "الرقة" التقى موقع eRaqqa المهندس "عمر ناصر" رئيس مركز البحوث العلمية الزراعة في "الرقة" قائلاً: «في إطار سعي وزارة الزراعة للحفاظ على الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وإيجاد سلة متنوعة من محاصيل زراعية متأقلمة مع الظروف المناخية السائدة في المنطقة، تقوم الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بالوزارة من خلال مركزها في محافظة "الرقة" بتجارب عدة في سياق إيجاد محاصيل داعمة للمحاصيل الإستراتيجية واستنباط أصناف جديدة منها تكون أكثر مقاومة للجفاف وتتناسب مع الظروف الجوية في سورية ومع سياسة الدولة في الحفاظ على الموارد المائية اعتمادا على الأساليب الحديثة بالزراعة لتقليل الفاقد المائي والتالف من غلال المحاصيل.

تزرع العروة الصيفية من الشوندر في الفترة ما بين 15/7 ـ 15/8 من كل عام، ودلت النتائج العملية للتجارب البحثية المطبقة في مركز البحوث في "الرقة" على أن مواعيد الزراعة المثلى لزراعة هذه العروة هي في النصف الأول من شهر آب، وموعد جني المحصول في شهر شباط، ويكون متوسط عمر النبات منذ زراعته حتى قلعه /210/ أيام

إن الوصول إلى نتائج مرضية وقابلة للتطبيق والتعميم في المجال الزراعي يحتاج إلى تجارب بحثية تمر بمراحل وتدوم لسنوات عدة في استنباط أصناف واستزراع أنواع تحمل مزايا جديدة من المقاومة والتأقلم مع التغيرات المناخية ومنعكساتها على الإنتاج.

شوندر العروة الصيفية

يعمل المركز بشكل مستمر وبالتعاون مع وزارة الزراعة على مواكبة آخر الأبحاث والتطورات العلمية والتكنولوجية الزراعية من خلال تأهيل كوادره البشرية الهندسية والفنية بالإيفاد الخارجي لاكتساب الخبرات، والاطلاع على أحدث التجارب البحثية المطبقة في دول العالم، إضافة إلى تشجيع الدراسات والتجارب المحلية التي ينفذها مهندسو المركز، وإقامة دورات تدريبية دورية لتأهيل كوادر الزراعة والفلاحين والمزارعين».

وحول أهمية زراعة الشوندر السكري، يقول "ناصر": «إن لزراعة محصول الشوندر السكري عموماً فوائد متعددة، أهمها تأمين المادة الأولية لتشغيل معامل السكر الموجودة في القطر وإنتاج السكر الأبيض وتأمين المادة الأولية لصناعة الكحول والخميرة، والمحافظة على خصوبة التربة من خلال وجوده كمحصول درني في الدورة الزراعية، والمساهمة بتأمين مادة علفية رخيصة الثمن من التفل الرطب سنوياً، إضافة للأوراق ومخلفات التصريم، وتأمين فرص عمل كثيرة لعدد من الطاقات العاملة الزراعية».

الفلاح إبراهيم العبد الاسماعيل

وللتعرف على مزايا زراعة العروة الصيفية التقينا المهندس "عبد البر ملا عارف"، الذي يحضر لشهادة الماجستير حول تجربة زراعة محصول الشوندر بالعروة الصيفية في مركز البحوث الزراعية في "الرقة"، حيث تحدث قائلاً: «إن مزايا هذه العروة متعددة تتيح إمكانية زراعة الشوندر كمحصول تكثيفي بعد محصول القمح، وإمكانية زراعة القطن بعد الشوندر الصيفي، وبذلك تمكن الفلاح من تطبيق دورة ثلاثية على نفس المساحة كل عامين، وتحقق الاستثمار الأمثل للأرض الزراعية، تتميز بسرعة إنبات المحصول لتوافر درجات الحرارة المطلوبة أثناء عمليات الزراعة صيفاً وانخفاض نسب إصابته بالآفات العوامل الممرضة لكون المحصول يقلع شتاءً ولا يتسبب في ازدحام أثناء عمليات التسويق كون الشوندر أكثر مقاومة للتلف في الجو البارد إضافة إلى توفيره لمجموع خضري كبير يؤمن مصدراً علفياً مهماً للثروة الحيوانية في وقت شح الأعلاف.

كما يمتاز الشوندر الصيفي باحتياجه المائي القليل بسبب امتداد فترة نموه خلال فصل الشتاء والاستعاضة بالهطولات المطرية عن الري ولا تتجاوز عدد رياته من ست إلى سبع ريات في حين تحتاج العروات الأخرى ما بين /10/ إلى /12/ رية، ويكون المحصول أقل عرضة للإصابة بأمراض الذبول والتعفن لكونه يقلع شتاءً، وترتفع درجة حلاوته لتصل من /16/ إلى /20/ درجة في فترة النضج مقارنة مع درجات الحلاوة التي لا تتجاوز /13/ في باقي العروات».

مخبر الشوندر في مركز البحوث

وأشار "عارف": «تزرع العروة الصيفية من الشوندر في الفترة ما بين 15/7 ـ 15/8 من كل عام، ودلت النتائج العملية للتجارب البحثية المطبقة في مركز البحوث في "الرقة" على أن مواعيد الزراعة المثلى لزراعة هذه العروة هي في النصف الأول من شهر آب، وموعد جني المحصول في شهر شباط، ويكون متوسط عمر النبات منذ زراعته حتى قلعه /210/ أيام».

وينصح "عارف" الفلاحين بقوله: «يفضل ألا يتجاوز معدل البذار /10/ كيلوغرامات في الهكتار الواحد إذا كان البذار متعدد الأجنة و/1,4/ وحدة بذرية من البذار وحيد الجنين، وبذلك يمكن الحصول على نسبة إنبات تتراوح ما بين/10/ آلاف و/13/ ألف نبتة في الدونم الواحد بعد نقع البذور لمدة /12/ ساعة لتسهيل الإنبات وتسريعه.

كما يجب أن يقوم الفلاح بتهوية الحقل وإزالة الأعشاب الضارة وتفريد المحصول في مرحلة الورقة الرابعة من النمو مع الأخذ بالحسبان أن زيادة الكثافة أو نقصانها يقلل من إنتاج وحدة المساحة التي وصل معدلها في الحقول الإرشادية بالرقة بين /6/ إلى /7/ أطنان في الدونم، كما يخفض من نسب حلاوة المحصول مشيراً إلى أن أفضل الجذور تلك التي لا يتعدى وزنها الكيلو غرام الواحد وأن عمليات ترقيع المساحات الفارغة يجب أن تتم بعد شهر كامل من زراعة المحصول وريه».

من جانبه قال المزارع "إبراهيم العبد الاسماعيل" الذي يطبق زراعة الشوندر ذي العروة الصيفية في قرية "الحليبين" التابعة لوحدة "الجزرة" الإرشادية: «قمت بتطبيق زراعة العروة الصيفية لمحصول الشوندر السكري خلال موسم عام /2005/، وكانت النتائج مرضية، وتقيدت بالإرشادات الزراعية اللازمة، وكانت النتائج جيّدة ومبشّرة ووصل إنتاج الدونم الواحد إلى حدود ستة أطنان، صعوبات هذه العروة تدني نسب إنباتها مقارنة مع العروتين الشتوية والخريفية وترافق تعشيب المحصول مع موسم جني الأقطان وتزامن الرية الأولى للمحصول مع فترة صيانة أقنية الري».

وللوقوف على أسباب ارتفاع مادة السكر في الأسواق التقى موقعنا عدداً من المواطنين والفلاحين، وتحدث المواطن "أحمد أبو حامد" قائلاً: «السكر المحلي مطلوب وهو مادة أساسية لجميع المواطنين، وتوجد في محافظة "الرقة" أراضي زراعية خصبة، ومن خلال التجارب السابقة اكتشفنا أن أراضي المحافظة تتناسب مع زراعة الشوندر السكري بشكل كبير، وفي ظل الارتفاع الكبير لسعر مادة السكر في السوق المحلية، نتمنى من اللجنة الزراعية في "الرقة" الموافقة على زيادة المساحات المخصصة لزراعة الشوندر السكري في عروته الصيفية، ما يساعد في زيادة غلة الفلاح الإنتاجية، مع مراعاة خفض أسعار البذار والأسمدة، وفي هذه الحالة فقط يتمكن معمل سكر "الرقة" بالعمل لدورة إنتاجية ثانية، وبالتالي تتوافر مادة السكر في الأسواق المحلية، وتنخفض قيمته».

أما المواطن "بدران الجاسم" تحدث قائلاً: «السبب الرئيسي لارتفاع مادة السكر في الأسواق هو عدم توافره بالسوق المحلية، ولا يمكن أن تحل هذه المشكلة إلا في حال السماح للفلاحين بزراعة مساحات واسعة من الشوندر السكري دون الالتزام بالخطة المعدة لزراعته في محافظة "الرقة"، أي بدل من أن يُزرع لدورة إنتاجية واحدة يزرع لدورتين بعروة خريفية وأخرى صيفية، خاصة أنه تتوافر لدينا مساحات واسعة تتناسب مع طبيعة هذه المادة الزراعية».