«بدأت مشاريع التحريج في محافظة "الرقة" منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكان الهدف منها إعادة التنوع الحيوي لبيئة المحافظة شبه الجافة، وتعديل مناخها، وتهيئة مناطق اصطياف واستجمام على ضفاف بحيرة "الأسد"، وخلق بيئة جاذبة لاستثمارات سياحية عملاقة في المنطقة.

أدركت دائرة حراج "الرقة" أن الأصناف التي تمت زراعتها سابقاً غير متلائمة مع الظروف الجوية والمناخية التي تسود المنطقة، وعملت على استبدالها بأنواع أكثر تلاؤماً مع البيئة، ولكن صحوة دائرة الحراج جاءت متأخرة، بعد أن زُرعت عشرات المواقع الحراجية، فإذا كانت الأنواع المغروسة لا تلائم بيئتنا الجافة، فلماذا زُرعت أصلاً؟».

تركزت أغلب مواقع التشجير في محافظة "الرقة" على ضفاف بحيرة "الأسد"، وقد تكون هذه المواقع هي الوحيدة التي تروى عن طريق نصب المحركات، وذلك لقرب مصادر المياه ووفرتها، ولكن ذات الأمر لا ينطبق على باقي مشاريع التحريج، التي تعاني من قلة مصادر المياه وندرتها، وتعمد دائرة الحراج إلى سقايتها بالصهاريج، وهو أمر يمكن تحقيقه لو كانت المساحات ضيقة ومحدودة، ولكن مع اتساع رقعة المواقع المحرّجة، وتوزعها على مناطق متفرقة من المحافظة، وبُعد مصادر المياه عنها، تصبح المهمة صعبة

ذكر ذلك المهندس الزراعي "علي الفياض"، وهو يتحدث لموقع eRaqqa عن واقع التحريج في محافظة "الرقة"، وآفاق زيادة الرقعة الخضراء على مستوى المحافظة. وأضاف "الفياض"، قائلاً: «تركزت أغلب مواقع التشجير في محافظة "الرقة" على ضفاف بحيرة "الأسد"، وقد تكون هذه المواقع هي الوحيدة التي تروى عن طريق نصب المحركات، وذلك لقرب مصادر المياه ووفرتها، ولكن ذات الأمر لا ينطبق على باقي مشاريع التحريج، التي تعاني من قلة مصادر المياه وندرتها، وتعمد دائرة الحراج إلى سقايتها بالصهاريج، وهو أمر يمكن تحقيقه لو كانت المساحات ضيقة ومحدودة، ولكن مع اتساع رقعة المواقع المحرّجة، وتوزعها على مناطق متفرقة من المحافظة، وبُعد مصادر المياه عنها، تصبح المهمة صعبة».

مدير زراعة الرقة

وعن احتياجات المواقع المحرجة، يتابع "الفياض" حديثه، قائلاً: «لا شك أن المياه هي عصب الحياة للغراس المزروعة، وتأمين مصادرها يأتي في سلم أولويات التحريج، ولكن الأشجار الحراجية بحاجة إلى أكثر من ذلك بكثير، فهي تحتاج إلى الفلاحة المستمرة، وتهوية الجذور، وتقليم الأغصان، وسواها من أعمال العناية بالشجرة ورعايتها، ودائرة الحراج وهي تعلن عن تنفيذ هذه المظلات الواسعة من الأشجار الحراجية، فهي بحاجة إلى أعداد كبيرة من العاملين لحراستها وسقايتها والعناية بها، وهذه العمالة يجب أن تكون ذات خبرة في هذا المجال، وهو ما يمكن استدراكه من خلال تأهيل العمالة المؤقتة، والسعي لإيجاد صيغ قانونية لتحويلها إلى عمالة دائمة.

إذا كانت الحراج جادة فعلاً في بث الحياة بالمواقع الحراجية، وزيادة مساحاتها، بما يسهم في حفظ التنوع الحيوي، فعليها أن تعمل ضمن خطط وبرامج واضحة ومحددة، تراعي الإمكانات المتوفرة، وتبدأ من توفير مصادر المياه للمواقع الحراجية، واختيار الأصناف الملائمة لترب ومناخ المنطقة، وتوفير العناية اللازمة للأشجار بشكل دائم ومستمر، وتأمين الخبرات الاستشارية والعمالة المؤهلة والمدربة».

رئيس دائرة حراج الرقة

وحول واقع الحراج في محافظة "الرقة"، تحدث المهندس "حسن السليمان"، مدير زراعة "الرقة"، قائلاً: «تبلغ مساحة الغابات في محافظة الرقة /17327/ هكتاراً، منها /14713/ هكتار حراج اصطناعي، و/2614/ هكتار حراج طبيعي، و/1655/هكتار أشجار مثمرة، وتتوزع الحراج الاصطناعية على /30/ موقعاً أغلبها على ضفاف بحيرة "الأسد"، وقد أقرت اللجنة العليا للتشجير تحريج ضفاف البحيرة واعتبارها محمية بيئية، وذلك منذ الانطلاقة الأولى لمشاريع التحريج في محافظة "الرقة"، ونحن حالياً بصدد دراسة الجزر الفراتية، واعتماد اثنتين منها كمحميات بيئية، وافتتاحها لأغراض السياحة البيئية، على غرار محمية "الثورة".

منذ عام /2007/ توقفت دائرة حراج "الرقة" تماماً عن مشاريع تحريج جديدة، وسعت لترقيع المساحات الجرداء ضمن المواقع المحرجة، واستبدال الأشجار الميتة بأخرى متحمّلة لظروف الجفاف وأكثر مقاومة للعطش، ووفق هذا التوجه تقلّصت خطة الدائرة من ألفي هكتار في الأعوام الفائتة إلى /900/ هكتار في خطة العام الحالي /2010/، وهي تشمل ترقيع المواقع القائمة، مع إضافة مساحات محدودة ضمن المواقع الحراجية، لا تزيد عن /13/ هكتاراً، ونعمد إلى زراعة "البطم" بصورة خاصة، وأصناف أخرى تلائم بيئة المحافظة، وبتقليص خطة الدائرة ستتمكن من إنجاز خطتها، وإعادة تأهيل المواقع المحرجة».

المهندس علي الفياض

وعن المعايير التي يتم بموجبها اختيار أصناف الأشجار المزروعة، تحدث المهندس "صالح الأحمد"، رئيس دائرة الحراج في "الرقة"، قائلاً: «الأنواع التي زُرعت سابقاً في مواقعنا الحراجية حُددت مركزياً، وبذلك سادت أصناف "السرو" و"الصنوبر" و"الكينا" في معظم المساحات، وهي لا تناسب بيئة المحافظة الجافة، والتي لا يزيد نسبة الهطول المطري فيها عن /150/مم، وكانت هذه الأصناف تستجر من مشاتل خارجية، لأن مشتل "الرقة" الوحيد لم يكن يغطي آنذاك حاجة مشاريع التحريج، وحالياً نعمل على زراعة شجرة "البطم"، وهي تلائم البيئات الجافة والصحراوية، ولا تحتاج لكميات كبيرة من المياه، وخلال خطة العام الفائت /2009/ زرعنا /230/ ألف غرسة "بطم"، من أصل /515/ ألف غرسة تشكل كامل خطة الدائرة.

نعمل على ري المواقع المحرجة حديثاً بالصهاريج، ويدوم ذلك ثلاث سنوات كاملة، كما أننا نعمد إلى إعطاء رية للأشجار في السنوات غير المطيرة، وما نشاهده من قصر الأشجار في بعض المواقع رغم مضي سنوات على زراعتها، ليس دليلاً على العطش، بل يمكن تفسيره وتبريره بالقول: إن الصنوبريات من الأشجار المعمرة، وحجمها الحالي في كافة المواقع متلائم مع عمرها، ولا علاقة لذلك بعطش الأشجار، مع العلم أن أعداد العاملين في دائرة الحراج، من مهندسين وفنيين وعمال، غير كافٍ لإنجاز برامجها وخططها، وخاصة بعد إدخال مساحات جديدة، وأن الحاجة الفعلية تزيد أضعاف العمالة المتوافرة لدينا حالياً».