«يأتي مشروع التحول للري الحديث، وتطبيق وسائله في سورية، ضمن خطط الحكومة الهادفة لترشيد استهلاك المياه، وتحقيق استدامة الموارد المائية المتاحة، والاستغلال الأمثل لمصادرها، والاستفادة من فوائض المياه المهدورة بطرائق الري التقليدية، وتوجيهها نحو ري مساحات إضافية، تحقق التوسع الأفقي في المساحات المروية، وتزيد غلة الإنتاج، وتحافظ على التربة، وتشغّل مزيداً من الأيدي العاملة.

أدى الاستجرار الجائر للمياه، وخاصة بضخها من الآبار الجوفية، إلى نضوب عدد كبير من هذه الآبار في محافظة "الرقة"، وتدني منسوب المياه في بعضها الآخر، وجاءت سنوات الجفاف المتعاقبة لتزيد المشكلة تعقيداً، حيث تعتبر الهطولات المطرية المغذي الرئيسي لهذه الآبار، وكان لقرارات وزارة الزراعة في حصر المساحات المزروعة على هذه الآبار، وتحديدها، دورها في الحد من استنزاف المياه، وتقنينها، وتبعها اعتماد المشروع الوطني للتحول للري الحديث، الذي يساهم في ديمومة المصادر المائية».

طبعاً لا يُمنح المزارع قرض المشروع نقداً، إنما يقوم بشراء الآلات، وتجهيزات المشروع من شركات معتمدة من قبل إدارة المشروع، ولفتح مجالات واسعة وخيارات متعددة أمام المزارعين، تم التعاقد مع /42/ شركة محلية و/16/ شركة أجنبية، متخصصة بتركيب شبكات الري الحديث وتشغيلها، ويقوم مهندسو الفرع بالإشراف على المشروع، وتركيب الآلات بشكل دقيق وسليم، ونعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه المزارعين، وخاصة في بداية المشروع وذلك لعدم توفر الخبرات الكافية لديهم

ذكر ذلك السيد "سمير سلوم"، مدير الموارد المائية في "الرقة"، في معرض حديثه لموقع eRaqqa بتاريخ (16/1/2010)، عن تطبيق نظم الري الحديث، ودورها في ترشيد استهلاك المياه واستدامة مصادرها.

الري بالتنقيط

وتحدث المزارع "محمد الإبراهيم" من أهالي قرية "حمام التركمان"، قائلاً: «ما حال دون تطبيق نظم الري الحديث في محافظة "الرقة" عدة أسباب، أولها ارتفاع كلف تركيب الشبكات، التي تعادل في بعض مناطق المحافظة أضعاف السعر الحقيقي للأرض، والثاني الحيازات الكبيرة لبعض المزارعين وصعوبة تحويلها للري الحديث، والكلف الباهظة المترتبة عليها، ويكمن السبب الثالث في ارتفاع نسب الملوحة في معظم الآبار الجوفية في "الرقة"، والتي تساعد في تقصير العمر الزمني للشبكات، واهترائها المستمر، ويتمثل السبب الرابع والأخير في طبيعة تربة "الرقة"، فهي على الأغلب غير نفوذة، ولا تختزن كميات كبيرة من المياه تغذي النبات في أطوار نموه المختلفة، وبالتالي لا يلائمها سوى الري السطحي.

تتركز معظم المساحات التي طبقت أنظمة الري الحديث في مشاريع الري الحكومية، وعلى ضفاف بحيرة "الأسد" ونهر "الفرات"، حيث المياه نقية وعذبة، وتساعد في زيادة الفترة الزمنية لتشغيل الشبكات، وعلى الجهات المعنية أن تدرس طبيعة التربة والمياه قبل تطبيق المشروع، وبيان رأيها العلمي في إمكانية تطبيق نظم الري الحديث من عدمها».

ويقول المهندس "عثمان العلي"، مدير فرع الري الحديث في "الرقة": «اعتمد المشروع كقاعدة أساسية لتوفير جزء كبير من المياه المستخدمة في عمليات الري، ويعتمد المشروع على طرق الري الحديث، كالري بالتنقيط، والري بالرذاذ، والري السطحي المطور، والأخير متوقف بسبب عدم توفر أجهزة الليزر اللازمة، وتقضي الخطة بالتحول التدريجي للري الحديث، بديلاً عن الري بالطرائق التقليدية، والتي تعتمد أسلوب الغمر، وتتميز بهدرها لكميات مياه فائضة عن حاجة النبات الفعلية.

بدأت اللجنة الفرعية عملها في محافظة "الرقة" في أواخر عام /2008/، وتحولت إلى فرع في أواخر عام /2009/، ومنذ إنشائها منحت اللجنة /122/ قرار منح، فخلال عام /2008/ منحت عشرين قراراً، تم تنفيذ عشرة منها، وخلال عام /2009/ منحت /92/ قراراً، نُفذ منها /52/ قراراً، وبهذا يبلغ عدد مشاريع الري الحديث المنفذة في المحافظة منذ انطلاق المشروع نحو /75/ مشروعاً، من أصل /122/ قراراً، والمشاريع قيد التنفيذ هي /52/ مشروعاً، وتبلغ مساحة الأراضي المحولة إلى الري الحديث /11778/دونماً، منها /10208/ دونمات مروية بالرذاذ، و/1571/ دونماً مروية بالتنقيط، وقد ثبتت كفاءة الري بالرذاذ بنحو /80%/، والتنقيط بنحو /90%/، وهذا يوفر على المزارع الجهد والأسمدة والتكاليف، ويعطي إنتاجاً أفضل بنسبة تتراوح ما بين /20/ ـ /40%/».

وعن خطط الفرع للتحول للري الحديث، والمزايا الممنوحة للفلاحين، يتابع "العلي" حديثه، قائلاً: «خطة تنفيذ الري الحديث هي خطة إلزامية، تمتد خلال الفترة الواقعة ما بين عامي /2008/ و/2015/، وتشمل تحويل /44788/ هكتاراً من الأراضي التي تعتمد في ريها على مياه الآبار، و/14092/هكتاراً من الأراضي التي تعتمد في سقايتها على الأنهار، وأقنية الري الحكومية، وإلى الآن لم ننفذ سوى ربع هذه المساحة، ونأمل في الفترة المتبقية أن يتجاوب معنا الفلاح، ويسعى لتطبيق أنظمة الري الحديث في حقله، ويمكنه بالتالي التأكد من إيجابيات هذه التجربة.

يمنح المزارع الراغب بالتحول إلى الري الحديث، قرضاً بدون فوائد، ويغطي القرض تكاليف المشروع كافة، ويبدأ بتسديد الأقساط المترتبة عليه بعد سنتين من تاريخ تركيبه للشبكة، كما تساهم الدولة بما نسبته /20%/ من قيمة القرض الممنوح، فمن يأخذ مليون ليرة سورية يعيدها /800/ ألف ليرة، ويحتاج كل قرض ما دون مليون ليرة سورية إلى كفالة شخصية، بينما يحتاج إلى كفالة عقار إذا تجاوز عتبة المليون، وفي حال أراد الفلاح التحول للري الحديث وشراء الشبكة نقداً، تساهم الدولة معه بما يعادل /40%/ من كلفة المشروع الإجمالية، علماً أن كلفة المشروع وسطياً تقدر بحدود ثمانية آلاف ليرة للدونم الواحد».

ويضيف مدير الفرع، قائلاً: «طبعاً لا يُمنح المزارع قرض المشروع نقداً، إنما يقوم بشراء الآلات، وتجهيزات المشروع من شركات معتمدة من قبل إدارة المشروع، ولفتح مجالات واسعة وخيارات متعددة أمام المزارعين، تم التعاقد مع /42/ شركة محلية و/16/ شركة أجنبية، متخصصة بتركيب شبكات الري الحديث وتشغيلها، ويقوم مهندسو الفرع بالإشراف على المشروع، وتركيب الآلات بشكل دقيق وسليم، ونعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه المزارعين، وخاصة في بداية المشروع وذلك لعدم توفر الخبرات الكافية لديهم».

ويختتم "العلي" حديثه عن الصعوبات التي تواجه عمل الفرع، قائلاً: «بالرغم من إمكاناتنا البسيطة كفرع محدث، حققنا مرتبة متقدمة على بقية الفروع، مع العلم أن /122/ قرار منح ليس بالإنجاز الكبير، ولكن إذا قيس بالصعوبات التي نواجهها، والإمكانيات المتواضعة التي نملكها يعد إنجازاً، ومن أبرز الصعوبات التي تواجهنا عدم تعاون المصارف الزراعية معنا، رغم أنها تقوم فقط بدور الوسيط، وتأخذ لقاء عملها عمولة تصل إلى /2%/، ولمسنا ذلك من شكاوى المزارعين المستمرة من تأخر إنجاز معاملاتهم في هذه المصارف.

وتتمثل الصعوبة الثانية في عدم توفر السيارات الحقلية لدى الفرع، اللازمة لقيامها بأعمال الإشراف على المشاريع المنفذة، وإجراء المسح الحقلي ونشر التوعية بين الفلاحين، وإقامة الندوات العلمية بالتعاون مع الوحدات الإرشادية في القرى والبلدان، ويجب أن نشير إلى ضرورة منح الفلاحين قرضاً، يضاف إلى قرض الشبكة، على ألا يتجاوز ألف ليرة سورية للدونم الواحد، لتغطية تكاليف ونفقات الوقود، وكخطوة تشجيعية للانطلاق بالمشروع، في ظل عدم توفر مصادر الكهرباء في معظم المشاريع الزراعية، مما يستلزم إضافة مولدة كهربائية مع جهاز الري المحوري».