«يعتبر القطن من أهم المحاصيل الإستراتيجية في سورية، حيث تنتشر زراعته في محافظة "الرقة" على سرير نهر "الفرات", وفي مشاريع الاستصلاح, ومجرى نهر "الجلاب", وقد حافظت "الرقة" على مركز متقدم بين المحافظات في إنتاج هذا المحصول، إلا أن المساحات المزروعة به، باتت تشهد تقلصاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب غلاء أسعار المحروقات والأسمدة، مما أثر بشكل عكسي على التوسع بهذه الزراعة.

كما أحجم عدد من الفلاحين عن زراعة محصول القطن، لأن هذا المحصول يحتاج لكميات كبيرة من المياه في فصل الصيف، وقد بدأ منسوب المياه الجوفية ينخفض في العديد من الآبار الارتوازية، هذه الأسباب التي أدت لتقلص المساحات المزروعة بالقطن».

ينبغي أن يبتعد الفلاحون عن زراعة البذور المهربة، والتي غالبا ما تكون مغشوشة، والالتزام بزراعة البذور التي تتلاءم مع الظروف المناخية للمحافظة، ويجب أن يستفيد الفلاحون من توصيات الوحدات الإرشادية المنتشرة في المحافظة، والتي توصي بضرورة إتباع دورة زراعية منتظمة، وتجنب حرق بقايا المحاصيل، لأنها تتسبب بالقضاء على الأعداء الحيوية المتواجدة في التربة، وعدم الإفراط في استخدام المياه لأنه يؤدي إلى تسبخ التربة، وبالتالي تدني إنتاجيتها

هذا ما قاله المزارع" عبد الرزاق الدرويش" لموقع eRaqqa بتاريخ (21/11/2009)، وهو يتحدث عن واقع زراعة القطن، وأسباب تقلص المساحات المزروعة في محافظة "الرقة".

حقل قطن

وأضاف "الدرويش" قائلاً: «إن الزراعة عمل متكامل حيث ترتبط المحاصيل الزراعية ببعضها، فخسارة المزارع في أي محصول تؤدي لتقلص مساحات زراعة هذه المحصول في السنة القادمة، وتؤثر على المحاصيل الأخرى، كما أن ارتفاع مستلزمات الإنتاج بشكل عام, ومحدودية الدعم المقدم للمزارعين جعل الكثير منهم يعزفون عن زراعة محصول القطن، حيث يحتاج هذا المحصول لصرف مبالغ مادية كبيرة، وعلى الرغم من ارتفاع جميع مستلزمات الإنتاج من حراثة، وأسمدة وبذور، وأيدٍ عاملة، ثلاثة أضعاف، زاد سعر المحصول بنسبة /25%/ فقط، ومع هذا مازال إنتاج محافظة "الرقة" من محصول القطن مرتفعاً، حيث وصل الإنتاج العام الفائت /2008/ إلى نحو /180/ ألف طن، وذلك لأن عدد كبير من المزارعين استطاعوا تعويض جزء من ارتفاع التكاليف بزيادة إنتاجهم، بإتباعهم طرق وأساليب علمية حديثة في زراعة المحصول».

وحول أبرز الطرق الحديثة التي يستخدمها الفلاحون في "الرقة" في زراعة محصول القطن بغية زيادة إنتاجهم من هذا المحصول، حدثنا الفلاح "خالد أحمد" عن تجربته في زراعة القطن قائلاً: «إن ارتفاع إنتاج وحدة المساحة في محصول القطن، يساهم في الحد من أثر ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وقد قمنا باعتماد أساليب زراعية منظمة في زراعة محصول القطن مكنتنا من الوصول إلى أرقام عالية في الإنتاج، حيث قارب إنتاج الدونم الواحد /520/ كغ قطن.

لقطة قريبة لمحصول القطن

سبب كمية الإنتاج العالية يبدأ من إدخال تحسينات كثيرة على الأرض الزراعية، حيث قمت بإنشاء شبكة صرف للمياه الزائدة داخل الحقل من البحص الفراتي، وهذه الشبكة تمتد عبر خطوط تتلاءم مع ميل الأرض تغطي كامل الحقل، وتلتقي لتصب في مصرف رئيسي يقوم بتصريف المياه الزائدة إلى خارج الحقل، ولهذه الطريقة إيجابيات كثيرة، حيث تنقي التربة، وتغسلها من الأملاح، وتحافظ عليها من الانجراف، وبالتالي تكون الأرض مهيأة لاستقبال البذور.

كما أنني أتقيد بنظام دورة زراعية منتظمة، فأعمد إلى إراحة الأرض لمدة /6/ أشهر، ولا أحرق بقايا المحاصيل، بل أقوم بفرمها داخل الحقل كي لا تعيق عملية الحراثة، وبعد ذلك أقوم بحراثة الحقل، وأضيف أسمدة من نوع ترابي فوسفات، ثم يتم تخطيط الأرض وفق خطوط طولية تتلاءم مع ميل الأرض، وبهذا تكون التربة مهيأة لاستقبال البذور».

وأضاف "الأحمد" قائلاً: «تبدأ عملية البذار عادة في الأسبوع الأول من شهر نيسان، وعملية زراعة البذور تتم يدوياً، وأستخدم بذار نوع "رقة" /5/، وبمعدل /7/ كغ للدونم الواحد، ثم تبدأ عملية السقاية برية خفيفة، بحيث لا تغمر المياه المساكب، كي تبقى التربة رخوة، وتساعد على سرعة إنتاش البذور، ونمتنع عن السقاية مدة /20/ يوماً حتى يكتمل إنبات الحقل بشكل كامل، وبعد ذلك تبدأ عملية تفريد النباتات، حيث نترك مسافة /7/سم بين كل نبتين، وننزع الباقي، كما نتخلص من الأعشاب الضارة بالحراثة، بين الخطوط بالمحراث اليدوي، وبعد الانتهاء من إزالة الإعشاب الضارة نقوم برش سماد من نوع "يوريا" بمعدل /20/كغ للدونم الواحد، ثم تبدأ عملية السقاية برية ثانية للحقل، وبعد مرور عشرة أيام على الرية الثانية، تبدأ الرية الثالثة، ويتم إضافة الأسمدة العضوية بدءاً من هذه الرية، ثم تتالى عمليات الري وفقاً للظروف المناخية بمجموع كلي يصل إلى /10/ ريات، ولتسريع عملية تلقيح الأزهار خلال فترة تفتحها أقوم بتربية خلايا نحل داخل الحقل، وهي عامل مسرع ومساعد على سرعة تلقيح الزهر، وعدم استخدام المبيدات الحشرية أدى إلى وجود أعداء حيوية داخل الحقل تقضي على الحشرات الضارة، فمثلاً يوجد "أسد المن" العدو الحيوي "للمن".

إذا ظهرت الديدان الأميركية الشوكية القرنفلية نجلب لها أعداء حيوية من مركز الوقاية والبحوث في "الرقة"، ومنها "الهيبراكون" الذي يقضي على يرقات الديدان و"التريكوغراما" الذي يقضي على بيوض الديدان المتموضعة في القمم النامية للنبات، وقبل الرية الأخيرة نقوم برش سماد عالي "البوتاس" بكميات مناسبة، وهذا يساعد على الإسراع في نضج الجوزة، وعلى سرعة تفتحها، وبعد الرية الأخيرة نترك الحقل مدة عشرين يوماً، وهذه الرية الأخيرة لها أهمية كبيرة فهي تساعد على بقاء القطن طويل التيلة بحالة جيدة من ناحية الرطوبة».

وحول أبرز الإجراءات الواجب اتخاذها لتوسيع زراعة القطن في محافظة "الرقة" حدثنا السيد "أحمد الهلال" نائب رئيس اتحاد فلاحي "الرقة" قائلاً: «تشير الإحصائيات الصادرة عن مديرية الزراعة في "الرقة" إلى تذبذب إنتاج القطن خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث أن الربح المادي من محصول القطن أصبح محدوداً ولا يتناسب وحجم الجهد المبذول من الفلاح، حيث تستهلك محركات الديزل مبالغ مالية ضخمة.

كما أن غلاء أسعار البذور والأسمدة، وجميع مستلزمات الإنتاج، وارتفاع أجور اليد العاملة بنسبة /100%/ لم يعد يترك هامشاً من الربح المادي للفلاح، وأدعو الجهات المعنية إلى ضرورة زيادة مبالغ الدعم للفلاحين الذين يعتمدون على الآبار الارتوازية، كما يجب الإسراع في تنفيذ مشاريع الري في سهول "الرصافة" و"الجرنية"، وتحويل مجرى نهر "الجلاب" إلى وادي "قره موخ" لإرواء المناطق التي يمر بها النهر، وتسهيل إجراءات الحصول على قروض مشاريع التحول إلى الري الحديث، وذلك سيكون له أثر كبير في المحافظة على مواردنا المائية من الهدر وزيادة الإنتاج والحفاظ على التربة من التملح».

واختتم "الهلال"حديثه، قائلاً: «ينبغي أن يبتعد الفلاحون عن زراعة البذور المهربة، والتي غالبا ما تكون مغشوشة، والالتزام بزراعة البذور التي تتلاءم مع الظروف المناخية للمحافظة، ويجب أن يستفيد الفلاحون من توصيات الوحدات الإرشادية المنتشرة في المحافظة، والتي توصي بضرورة إتباع دورة زراعية منتظمة، وتجنب حرق بقايا المحاصيل، لأنها تتسبب بالقضاء على الأعداء الحيوية المتواجدة في التربة، وعدم الإفراط في استخدام المياه لأنه يؤدي إلى تسبخ التربة، وبالتالي تدني إنتاجيتها».