مرّت بلدة "عين عيسى" بعدّة مراحل، حتّى وصلت إلى إحدى أكبر البلدات في محافظة "الرقة"، فقد كانت ولادتها عبارة عن نبع مائي، ثم بيوت من الشعر والطين، ثم كانت رحلة الحضارة العمرانية.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 2 تشرين الأوّل 2018، زارت بلدة "عين عيسى" التي تبعد عن مدينة "الرقة" مسافة 50كم، والتقت الباحث "إسماعيل الشيخ أحمد" لينقل تفاصيل تاريخيّة تتعلق بتلك البلدة، فقال: «قبل مئات السنين تمّ اكتشاف نبع ماء في هذه المنطقة، وبناء على تسمية النبع العائدة إلى اسم شخص، تمت تسمية البلدة باسم "عين عيسى"، وجدت الحياة البشرية في هذه المنطقة من خلال بناء بيوت من الشعر حولها، واستثمار الأهالي العمل في الزراعة وتربية الحيوانات، فقد كان النبع ذا أهمية كبيرة للزراعة والحيوانات الداجنة، إضافة إلى أن البلدة كانت موقعاً سياحياً لوجوده. توسعت العلاقات الاجتماعيّة بين أبناء البلدة وأبناء جميع المحافظات الأخرى، لكونها كانت نقطة سياحية، ولا بدّ من الإشارة إلى أنه حتى نهاية الأربعينات كان الأهالي يعيشون ضمن خيم الشعر، ومع بداية الخمسينات بدأ الأهالي بناء البيوت الطينية، وانتشار مساحة السكن والبناء، في هذه المرحلة قام أحد وجهاء المنطقة ببناء منزل من الإسمنت المسلح؛ وهو "نوري بن مهيد"، حيث سمي البناء عند الأهالي (القصر)، وهو حتى الآن موجود في البلدة، إضافة إلى ما ذكر، نستطيع الجزم بأنه مع بداية عام 1966 تشييد أول نقطة عسكرية في البلدة، وبعدها انتشر تأسيس أبنية ودوائر متعددة للدولة، وتحولت البلدة إلى منطقة شاسعة من الأبنية والدوائر والمؤسسات الرسمية والمدينة والعسكرية».

تزرع فيها مختلف المحاصيل الصيفية والشتوية، خاصة القمح والشعير والقطن والعدس، كانت الفائدة كبيرة من النبع حتى بزراعة الأشجار وانتشار الخضار في مساحات شاسعة خلال السنوات الأخيرة، ثم تحول أغلب المزارعين إلى العمل في التجارة العامة، بسبب انخفاض المساحات المزروعة بالمحاصيل الزراعية

ويتابع الباحث حديثه عن بلدته بالقول: «عدد سكان البلدة في الستينات وصل إلى 10 آلاف نسمة، ومع مرور الزمن وصل العدد إلى أربعة أضعاف، تطورت البلدة اقتصادياً وتجارياً من خلال الحركة التجارية الجيدة التي شهدتها منذ السبعينات وحتى تاريخه، مع حفاظ أبنائها على الزراعة وتربية الأنعام، ولو بنسبة أقل بعد اندثار النبع. تتوفر فيها كافة الخدمات من صحة وطبابة وتربية وتعبيد طرق وتنظيمها. أبناء البلدة حصلوا على شهادات علميّة متنوعة وعديدة، ساهموا من خلالها بخدمة بلدتهم، وهنا نشير إلى وجود مدارس تابعة للتربية بمختلف مراحلها: الابتدائية، الإعدادية، الثانوية، وفي البلدة أيضاً مفكرون وأدباء وشعراء، وبجهودهم تطورت البلدة، وأصبحت من أهم المناطق في المنطقة الشرقية علمياً وأدبياً وزراعياً وتعليمياً، والكثيرون من أبناء المناطق المجاورة توافدوا إليها، واستقروا فيها للعمل والتجارة والزراعة، ولم تتوقف طاقاتهم حتى يومنا هذا بالعطاء والنتاج المثمر».

الباحث إسماعيل أحمد يتحدث عن بلدته

المزارع "خليل سيد العلي" من أبناء البلدة، تحدّث عنها من الناحية الزراعية بالقول: «تزرع فيها مختلف المحاصيل الصيفية والشتوية، خاصة القمح والشعير والقطن والعدس، كانت الفائدة كبيرة من النبع حتى بزراعة الأشجار وانتشار الخضار في مساحات شاسعة خلال السنوات الأخيرة، ثم تحول أغلب المزارعين إلى العمل في التجارة العامة، بسبب انخفاض المساحات المزروعة بالمحاصيل الزراعية».

"علي المدهون" من أبناء مدينة "القامشلي" تحدّث عن زيارته لبلدة "عين عيسى"، فقال: «تتميز البلدة بمساحتها الواسعة، وتاريخها التراثي والحضاري، والحيوية في الأعمال والمهن المختلفة، إضافة إلى الإبداع في بعض المجالات الفنية والعمرانية، إلى جانب رحابة الصدر وكرم الضيافة من قبل أبنائها، الأهم من ذلك، هناك حرص من أبنائها على نقل جميع الأحداث التاريخية والحضارية للبلدة إلى الجيل الحالي وزوّار البلدة، وهي مهمة جداً للحفاظ على عراقتها وتاريخها الثري».

جانب من البلدة
موقع عين عيسى عبر غوغل إيرث