«تشغل فكرة المقامات الدينية أذهان الناس كثيراً، والمقام هو عبارة عن مزار ديني يأمه الناس للتبرك، وطلب الأماني، وتحقيقها في الواقع، وهو مكان يأوي إليه أحد الصالحين من الأولياء أو الصحابة أو التابعين..

أو يتمثل بالحلم لأحد الأشخاص فيقوم ببناء مقام للولي الذي رآه بمنامه، كما في حكاية مقام "البخاري" في مدينة "الرقة" المبني في دارة "خليل الحلبي"، وكانت فيما مضى مضافة عائلة "الحسون"، ومقام الصبي الأبيض في بلدة "حمام التركمان"، شمال "الرقة" بنحو /65/كم، ويعتقد أهالي الحمام أن صاحب القبر هو ابن الشيخ الجليل "عبد القادر الكيلاني".

تُنعش هذه المقامات السياحة الدينية، وهي تشكل أحد أهم مصادر الرزق في البلدة التي يتواجد بها قبور الأولياء والصالحين، ونتمنى من مجلس مدينة "تل أبيض" أن يولي مقام "إبراهيم الخليل"، ومقام الشيخ "أحمد الرفاعي" عناية أكبر لعلّها تكون مصدراً للرزق، وتضيف للمكان قدسية، وتحقق للزائرين الاطمئنان النفسي

هناك شخصيات كبيرة لها موطئ قدم في "الرقة"، ويعظمها أهلها، ومنها شخصية الصحابي "وابصة بن معبد الأسدي"، وله مقام في جامع "المنصور"، ويؤكد الباحث الرقي "حمصي فرحان الحمادة" أن قبر الصحابي "وابصة بن معبد الأسدي"، هو قبر "سعد الدين باشا العظم"، والي "الرقة" في القرن الميلادي التاسع عشر، والذي مات فيها مطعوناً، ويذهب العديد من الباحثين إلى أن موضع الصحابة والتابعين، ممن استشهدوا في "صفين"، ودفنوا في "الرقة"، هو في موضع مقام "عمار بن ياسر" الحالي، وفيه قبر التابعي "أويس القرني"، الذي يبجله ويعظمه أهل "الرقة" كثيراً، وكانت بالقرب منه أشجار التوت، يسميها العوام والخواص "توثات ويس"، وعندها كان يضع الناس حاجاتهم، ولا يقربها أحد، ومقام "عمار" يشكل اليوم نواة للسياحة الدينية في المحافظة».

الباحث محمد العزو

هذا ما ذكره لموقع eRaqqa الباحث الآثاري "محمد العزو"، وهو يتحدث عن المقامات الدينية في محافظة "الرقة"، وفكرة وجودها، وأهميتها لأبناء المنطقة، وكيفية التبرك بها.

وحول المقامات الدينية في منطقة "عين العروس"، شمال "الرقة" بنحو /100/كم، تحدث الباحث "حمصي فرحان الحمادة"، قائلاً: «يعتقد أهل منطقة "تل أبيض"، التي تتبع إليها بلدة "عين العروس"، أن العين التي تنبع فيها، هي عين مباركة، وهي تشكل المصدر الرئيسي لنهر "البليخ"، وتذكر المصادر التاريخية والدينية والشعبية، أن نبي الله "إبراهيم الخليل" مرَّ في المنطقة، ومكث فيها إلى حين، لذلك له مقام فيها، كما يوجد مقام له في مدينة "أورفة"، "الرها" التركية، وفيها أمر "النمرود" بحرقه، وهناك من يذكر بأن "النمرود" أمر بحرقه في منطقة "أور" في العراق، وآخر من يقول إنه ولد فيها.

الباحث حمصي فرحان الحمادة

أيضاً هناك بجوار مقام "إبراهيم الخليل" في "عين العروس" يوجد قبر، تظلله شجرة تين نبتت من بين جدار المقام، ويعتقد أهل العين، أنه مقامٌ للولي الشيخ "أحمد الرفاعي"، وقد بني حديثاً، وهو مهمل، يجلله بساط من الصوف، وتحيط بشاهدته آلاف من الأشرطة الملونة المعقودة على شاهدته أو في جواره».

ويقول السيد "حسين خلف الراعي"، من أهالي "عين العروس": «بني القبر في ستينيات القرن العشرين، وتزوره النسوة من أهالي العين والقرى المجاورة، ومعظمهن طالبات حاجة، يتمنين أن تقضى لهن ببركات الشيخ "أحمد الرفاعي"، وتقوم الزائرات بعقد شريط صغير من القماش على أغصان التينة التي تظلل القبر، أو تعقدها على شاهدة القبر، وتضمر في داخلها أمنية، تتمنى أن تحل عقدتها ببركات الشيخ.

مقام أويس القرني في الرقة

ويقول بعض المعمرين من أهالي العين، أن رجلاً مباركاً، قد تجلّى له الشيخ "أحمد الرفاعي" في المنام، وهو أحد أهم أقطاب الصوفية، وصاحب طريقة "الرفاعية"، وعند استيقاظه قام ببناء القبر تبركاً وتقرباً إليه. ومن يومها يؤمه الناس طالبين انقضاء حاجاتهم، وللشيخ "الرفاعي" مريدين وأتباع كثر في "الرقة" وضواحيها».

ويتابع "الراعي" في السياق ذاته، قائلاً: «تُنعش هذه المقامات السياحة الدينية، وهي تشكل أحد أهم مصادر الرزق في البلدة التي يتواجد بها قبور الأولياء والصالحين، ونتمنى من مجلس مدينة "تل أبيض" أن يولي مقام "إبراهيم الخليل"، ومقام الشيخ "أحمد الرفاعي" عناية أكبر لعلّها تكون مصدراً للرزق، وتضيف للمكان قدسية، وتحقق للزائرين الاطمئنان النفسي».