روائي جادّ في رصده للوقائع وتوظيفها في سردياته الروائية، ويحاول أن يتفرد بتجربته في صناعة رؤية تجسّد الواقع بدراما روائية، وشبكة من الحوارات المشوقة في بنية النص، ليلتحم مع البيئة الفراتية في سياق متماسك.

مدونة وطن "eSyria "، بتاريخ 8 أيار 2018، تواصلت مع الأديب والقاصّ "محمد أحمد الطاهر" ليتحدث عن سيرته، حيث قال: «ولدت في قرية "كسرة عفنان" في ريف "الرقة" الجنوبي ضمن أسرة فلاحية، درست المرحلة الابتدائية في القرية، وأكملت المرحلة الإعدادية في مدرسة "صقر قريش"، والثانوية في مدرسة "عمار بن ياسر" في مدينة "الرقة"، وتابعت الدراسة الجامعية في كلية الحقوق في "حلب"، عام 1986.

بالنسبة لروايته "مدينة الحزن" يمزج الكاتب "الطاهر" في قصه بين الواقع المأساوي، وبين فن القص، ليجعلنا نرقب بحذر وتوجس لحظات حرجة تسفر أحياناً عن نهاية قد تقشعّر لها الأبدان، وتهتز لها الضمائر المتوقدة، فما حدث فوق هذه الأرض رهيب ومتوحش بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وأيضاً هذه القصة لها دلالات أكثر، وربما أعمق، حيث صار الحزن يخيم دائماً فوقنا، وهو مثل غيمة قاتمة وبغيضة حاصرت وهددت مدننا بالموت والجوع، وربما أقسى من ذلك

منذ صغري كنت مولعاً بقراءة المجلات والقصص التي كان يجلبها شقيقي "حسن"، ثم بدأت نوازع التعلق والاهتمام الأدبي تظهر من خلال مسرحية "أم الشهيد"، التي أدتها الفرقة المؤسسة من قبل شقيقي في "القنيطرة"، حيث كان يعمل مدرّساً في مدارسها عام 1983، واشتركت من خلالها كممثل. وفي المرحلة الثانوية بدأت كتابة بعض القصص القصيرة، حيث كنت أستلهم موضوعاتها من الواقع الاجتماعي المحيط، وأقرؤها لزملائي بإشراف وتشجيع مدرّسي اللغة العربية بالثانوية، وخلال دراستي في "حلب" بدأت المشاركة في الندوات والأمسيات الأدبية، وأثناء التحاقي بالخدمة الإلزامية، اخترت دراسة اللغة العبرية التي أجدتها وأتقنتها خلال مدة وجيزة استطعت من خلالها الاطلاع على الكثير من القصص والروايات العبرية».

أعماله الأدبية

أما عن أهم أعماله وإنتاجاته الأدبية، فيقول: «كانت باكورة أعمالي القصصية "عرس ليلة هادئة" الصادرة عن دار "الشجرة" عام 1996، حيث نالت إعجاب أيقونة القصة والرواية الراحل الدكتور "عبد السلام العجيلي" بعد اطلاعه عليها، وكان لقائي الثاني معه على "جسر الرقة" الذي ما زال في ذاكرتي ووجداني. وفي عام 2004، أصدرت مجموعة قصصية بعنوان: "سنابل الصيف المحترقة"، وعام 2007، صدرت لي رواية: "مأساة رجل محترم"، ومجموعة قصصية بعنوان: "لعل السماء تمطر فرحاً"؛ الصادرتين عن دار "الينابيع" بـ"دمشق".

ومن أعمالي أيضاً رواية: "المجانين والهيفاء"، وديوان شعر غير منشور بعنوان: "تراتيل على صدى الذكريات"، ونظراً لتأثري بالأدب اليهودي؛ كتبت مخطوط الإله "يهوه"، وقد تبنته وزارة الثقافة السورية.

وبعد الأزمة التي عصفت بمدينتي "الرقة"، انتقلت إلى "دمشق" لممارسة مهنة المحاماة، وتابعت نشاطي الأدبي، حيث كتبت مجموعة "مدينة الحزن" عام 2017، ثم مجموعة قصصية بعنوان: "هذيان الفرات". وفي العام الحالي كتبت رواية "أرض الجهاد"، حيث كانت تعبيراً تصويرياً لمحنة مدينة "الرقة". كما شاركت في العديد من الندوات والأمسيات الأدبية التي كانت تجري في العاصمة، وخلال مشاركتي بمسابقة القصة القصيرة التي أقامها اتحاد الكتاب العرب نلت جائزة المركز الثاني».

الروائي والقاصّ "محمد الحفري" تحدث عن روايته، وما وجده فيها، فقال: «بالنسبة لروايته "مدينة الحزن" يمزج الكاتب "الطاهر" في قصه بين الواقع المأساوي، وبين فن القص، ليجعلنا نرقب بحذر وتوجس لحظات حرجة تسفر أحياناً عن نهاية قد تقشعّر لها الأبدان، وتهتز لها الضمائر المتوقدة، فما حدث فوق هذه الأرض رهيب ومتوحش بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وأيضاً هذه القصة لها دلالات أكثر، وربما أعمق، حيث صار الحزن يخيم دائماً فوقنا، وهو مثل غيمة قاتمة وبغيضة حاصرت وهددت مدننا بالموت والجوع، وربما أقسى من ذلك».

ويتابع: «وفي روايته "مأساة رجل محترم" تبدو السخرية واضحة من العنوان، فذلك الرجل الذي يحمل بطولة الرواية ليس له نصيب من تلك التسمية، وهو من ضباط الجيش التركي الذي فرّ إلى الأراضي السورية ليعيش فوقها بعد أن اختطف امرأة من هناك. ولوحظ اهتمام الكاتب بمسألة تصعيد تلك اللحظات والارتقاء بها في درامية حركة البناء الروائي في توصيفه لتلك الشخصية التي من صفاتها الأبرز قلة الوفاء؛ فقد قتل فرسه التي رافقته لسنوات طويلة، وخان المرأة وظلمها معه، ونسي أنها ضحّت بكل شيء من أجله».

مما يذكر أن الأديب "محمد أحمد الطاهر" من مواليد قرية "كسرة عفنان" عام 1967.