سبق للكاتب والصحفي "تركي رمضان" أن كتب العديد من المواد الصحفية المتميّزة، كان الكثير منها دفاعاً عن الحيوان، ويقضي جلَّ وقته في مكتبته الخاصة لتعويض ما فاته من قراءة للأعمال العظيمة التي أبدعها الكتّاب الكبار، وأيضاً يجد الوقت للكتابة وإنتاج الأعمال الناضجة ويستشهد بـ "البير كامو" الذي قال: «إنَّ الصحافة هي مقبرة الأديب».

يقول الكاتب والصحفي "تركي رمضان" في حواره مع eRaqqa بتاريخ 8/1/2012: «إنَّ أول قصّة قصيرة نشرتها في "صوت المعركة"، وهي نشرة تصدر عن لجنة الدفاع عن الوطن، وحماية الثورة، في العام 1968، وكنتُ حينها في السابعة عشرة من عمري، ثم خلال عملي في سد الفرات كنتُ أُشاركُ في الأمسيات الأدبية، والنشر في جريدة "الجماهير" في صفحتها الثقافية التي تصدر في مدينة "حلب"، وفي باقي الصحف السورية، وآخر قصة قصيرة نشرتها في مجلة "العربي"، في شهر آب لعام 2001 بعنوان "صمْت الجدران"».

الكتابة في سنِّ الشباب فيها شيء من الاستعراض، والمراهقة، والشعرية، للإبهار، أما ما بعد مرحلة النضج ففيها حكمة، وصدق، وجودة، وقليل هم الكتّاب الذين تركوا أعمالاً مهمّة

وعن روايته "برج لينا" التي صدرت عن وزارة الثقافة، يقول: «كانت ضمن 70 رواية لكتّاب من القطر قدمت للوزارة خلال عام 2004 حيث تمت الموافقة على روايتين فقط، واحدة للكاتب "فيصل خرتش" من مدينة "حلب"، والثانية رواية "برج لينا" وذلك ضمن خطّة لجان القراءة في الوزارة في اختيار أعمال عالية المستوى، وحالياً تتم ترجمتها للغة الروسية، بالتعاون مع الكاتب السوري "عدنان جاموس" وتتحدث رواية "برج لينا"، عن بناء سد الفرات وما تلاه من غمر للقرى التي كانت في موقع البحيرة الكبيرة التي تشكلت في المنطقة، وعملية تهجير آلاف الناس من قراهم إلى مناطق إيوائهم الجديدة».

غلاف رواية برج لينا للكاتب تركي رمضان

وعن روايته المخطوطة "تحت الثلج"، يُشير الكاتب "تركي رمضان" إلى «أنَّ رواية "تحت الثلج" جاهزة للطباعة، وتقع في 400 صفحة من الحجم الكبير، وسبق أن فازت في مسابقة الرواية العربية، ونالت المركز الرابع من أصل 75 رواية شاركت في المسابقة التي أعلن عنها اتحاد الكتّاب العرب ضمن مسابقة "شكيب الجابري"، وقد أمضيت ست سنوات في كتابتها، بينما هي لاتزال مخطوطة منذ أربع سنوات، ولم أتمكن من طباعتها».

وعن رأيه في الأعمال التي تنشر لكتَّاب من مدينة "الرقّة"، قال: «هناك أعمال غاية في الأهمية، والجودة، وتشعر بأنَّ فيها نفساً إبداعياً، وهناك أعمال للإبهار فقط، وكما أنَّ هناك أعمالاً لزيادة العدد، لكنها لا تضيف شيئاً لصاحبها، ولا للأدب. هناك أعمال كتبت فقط للفائدة المادية، وكتّاب "الرقّة" في مجال القصة، والرواية تجاوزوا الـ 30 كاتباً بينما الذين تستطيع أن تقرأ لهم لا يتجاوزون الـ 5 ـ 6 كتّاب، وهم يعرفون أنفسهم، ومأخذي على هؤلاء أنَّ بعضهم يَخدعُ آخرين لإيهامهم بأنهم كتّاب، وهذا الاستسهال مضر وكريه!، وهناك أعمال روائية جيدة صدرت مؤخراً لأبناء "الرقّة" تستحق القراءة، ومثال ذلك: رواية "إبراهيم العلوش"، "وجه الصباح"، ورواية "الغلس" لـ "ماجد العويد"، و"اللّحاف" للروائي "أيمن ناصر"».

الكاتب والصحفي تركي رمضان

وعن انعزاله عن الصحافة وابتعاده عنها، قال: «مارستُ الصحافة منذ عام 1970 في دائرة الإعلام في "سد الفرات" حتى الأمس القريب، وفتحتُ الباب أمام الكثير من الشباب لممارسة العمل الصحفي كمراسلين، عندما كنتُ مديراً لمكتب جريدة "البعث" في "الرقّة"، وأنا اليوم عندما أقرأ موضوعاً جيداً لأيّ من هؤلاء أشعر بأنّي مازلتُ موجوداً من خلال هذه المواد الصحفية، لأن الصحافة لم تقدم لي إلاّ المتاعب، وعندما تركتها شعرت براحة غريبة، ورجعت للأدب- حبّي الدائم- الذي كانت الصحافة تَصرفّني عنه، لأني أعتقد بأنَّ الإنسان طاقة، حتى الكتابة لا يمكن أن أكتب بضعة صفحات في اليوم في مواضيع صحفية، وأستطيع في نفس الوقت الكتابة في الأدب، وقيل إنَّ الصحافة هي مقبرة الأديب، ومثالنا في "الرقّة" واضح، "محمد جاسم الحميدي"، ونصيحة، أنَّ الكتابة الصحفية تأخذ الحيّز المخصّص للكتابة الأدبية في عقل الأديب، ووجدانه.

المسألة مسألة طاقة على الكتابة، لكن استطعت خلال فترة العمل بالصحافة التعويض بالقراءة، إذ قرأت أعمالاً أدبية مهمّة جداً، وهذا يريحني، ويشفع لي تقصيري بالكتابة، وأتمنى أن أستطيع كتابة الأعمال التي أطمح إليها وتشغل كل وقتي حالياً».

ويمارس رياضة المشي باستمرار

وعن رؤيته في كيفية قراءته للكتابة بعد سن الخمسين، قال: «الكتابة في سنِّ الشباب فيها شيء من الاستعراض، والمراهقة، والشعرية، للإبهار، أما ما بعد مرحلة النضج ففيها حكمة، وصدق، وجودة، وقليل هم الكتّاب الذين تركوا أعمالاً مهمّة».

أخيراً ماذا يقول الكاتب والصحفي "تركي رمضان": «أتمنى ألا يتسرّع الكتَّاب الجدد في السباق نحو الألقاب، كعدد الأعمال، أو عضوية الاتحادات، بقدر ما يكون تركيزهم على جودة العمل، واحترام القارئ، لأن القارئ هو الرصيد الحقيقي، والباقي للأديب، وأيضاً أن تفتحُ الجهات الوصائية على النشر، أبوابها أمام الكتّاب، ولاسيما أنَّ الكثير منهم لا يستطيع طباعة أعماله على نفقته الخاصة، وأن تكون هناك خطط لنشر مسابقات أدبية سنوية لكل صنف أدبي، يرعاها ويحكمها أسماء معروفة في مجالات الرواية والقصة والشعر، كما أتمنى أن تحظى أعمالي المنشورة بتسليط الضوء عليها من قبل الإعلام، وروايتي "برج لينا" التي طبعتها وزارة الثقافة، نفدت نسخها خلال عام واحد من كل مراكز البيع ولم ينشر عنها حرف واحد».