هو واحد من الشبان الذين راحوا يشقون طريقهم الفني، وليس معه زادٌ في رحلته الشاقة هذه، سوى عشقه للتمثيل، وموهبةٌ ما برحت تنمو معه منذ نعومة أظفاره. لم يقف الحظ إلى جانبه عندما قرع باب المعهد العالي للفنون المسرحية، عرفه الجمهور من خلال مشاركته الناجحة في برنامج "THE ACTOR" الذي عرضته قناة "الدنيا" الفضائية، ليشارك أخيراً في أول تجربة سينمائية له مع المخرج التونسي المعروف "شوقي الماجري".

موقع eRaqqa وبتاريخ (7/11/2010) التقى الفنان "مهند البزاعي" وسأله أولاً عن بداياته الفنية، والأعمال المسرحية التي شارك بها خلال مسيرته الفنية، فأجاب قائلاً: «ولدت وترعرعت في كنف أسرة مثقفة تعشق الفن، وقد بدأت هواية التمثيل لدي وأنا تلميذ في المرحلة الابتدائية، حيث حضَرت فرقة المسرح المدرسي من "دمشق" إلى "الرقة" وقدمت عرضاً مسرحياً للأطفال يحمل عنوان "حذاء أبي القاسم الطنبوري"، وقد كانت هذه المسرحية أول مسرحية أشاهدها في حياتي، تعرفت من خلالها على المسرح والتمثيل بشكل مباشر وعن كثب، وقد تملكتني منذ ذلك الحين رغبة عارمة لصعود خشبة المسرح.

ما يميز تجربة "البزاعي" غناها الثقافي، واهتمامه غير المسبوق بالتعلم، والمثابرة لمعرفة كل مفردات المسرح، وهي ما جعلته يستمر كل هذه الفترة، وزادت بتوجهه نحو العمل السينمائي، وهي إضافة جديدة في حياته المهنية، وستكون نقطة مضيئة في مسيرة حياته. "البزاعي" فنان بالفطرة، إضافة إلى ما ورثه عن أبيه من حب كبير للمسرح، وهذا من النادر أن تجده عند فنان آخر، وهو ما يكسبه من حضور لافت على خشبة المسرح، ويُنتظر منه الكثير في مجال الفن المسرحي

وبعد فترة من هذا العرض المسرحي اكتشفت أن والدي "إبراهيم مصطفى" كان يعمل في مجال التمثيل المسرحي في هذه المدينة، وقد شارك بعدد كبير من الأعمال المسرحية في فترة السبعينيات من القرن العشرين، لكنه اعتزل التمثيل عام /1981/م، بسبب ظروف اجتماعية كانت قد واجهته آنذاك بسبب دخوله هذا المجال. فأدركت لاحقاً أن هذا العشق الجنوني للمسرح الذي داهمني طفلاً ورافقني إلى الآن، قد ورثته عن والدي أطال الله بقاءه.

مع المخرج التونسي شوقي الماجري

وفي المرحلة الإعدادية كانت بدايتي الفعلية مع التمثيل، وذلك من خلال المسرح الشبيبي، وكان أول عمل أشارك فيه مسرحية بعنوان "أول من صنع الخمر"، وقد شاركت بعد ذلك بكثير من الأعمال الفنية، ولاسيما أنني عملت في المسرح الشبيبي فترة طويلة. لكن وفي المرحلة الثانوية صادف أن شاهدت أول عرض مسرحي جاد وهو بعنوان "حمام بغدادي" تمثيل الأستاذ "فايز قزق"، والأستاذ "نضال سيجري"، حيث تركت هذه المسرحية أثراً كبيراً في نفسي وزادت من عشقي للتمثيل والفن المسرحي، ومن حسن حظي حينها أنني استطعت أن ألتقي- بعد العرض- الأستاذ "فايز قزق"، والذي انتبه لعشقي للتمثيل وتعلقي بالمسرح، وقد شجعني على أن أتقدم للمعهد العالي للفنون المسرحية بعد حصولي على الشهادة الثانوية، وبالفعل طرقت باب المعهد العالي للفنون المسرحية، لكن الحظ لم يحالفني لأن أكون أكاديمياً في مجال التمثيل.

وعملت بعد ذلك مع فرقة المركز الثقافي في مسرحية "كفرنون" وقد قدم هذا العرض في مهرجان "الرقة" المسرحي في دورته الثانية، وترشحت بعدها لدورة مركزية عن طريق فرع الشبيبة في "الرقة"، دورة إعداد وتأهيل كوادر فنية في "دمشق"، وكان المشرف على هذه الدورة الدكتور "جمال قبش" في مجال مادة التمثيل، والأستاذ الكبير "محمود خضور" في مادة الإخراج المسرحي، والسيدة "سهير إبراهيم" في مادة تحليل النص، والأستاذ "مهيار خضور" في مادة اللياقة والحركة المسرحية، وحصلت على الدرجة الأولى في هذه الدورة».

خلال مشاركته في برنامج the actor

ويضيف في السياق ذاته: «بعد الدورة عملت مع فرقة اتحاد العمال في "الرقة"، وشاركت بعمل مسرحي وهو بعنوان "يا دنيا" وهذا العمل قدم على خشبة مسرح اتحاد العمال في "دمشق"، وهو من تأليف وإعداد وإخراج الأستاذ "ثائر مشوح"، ولكن في هذه المسرحية لم أكن ممثلاً، ولكنني أحببت أن أخوض التجربة في مجال الإضاءة، حيث كان لي في السابق تجربة مع هندسة الصوت في إحدى المسرحيات التي عرضت في مهرجان "الثورة" المسرحي.

وفي مجال مسرح الطفل الخاص، فقد أنتجت ومثلت في مسرحية قدمت على مسرح المركز الثقافي في "الرقة"، وكان لي تجربة مسرحية ثانية، ولكن بصفتي ممثلاً فقط، وقدمت على مسرح المركز الثقافي في مدينة "الثورة"، وآخر تجربة في مسرح الطفل كانت مع منظمة طلائع البعث في المسرح المدرسي، حيث قدمت عملاً مسرحياً عرض على مدى /35/ يوماً في جميع المدارس الابتدائية في المدينة. وشاركت أيضاً كمدرب في دورة إعداد ممثل لجامعتي "الفرات" و"الاتحاد" الخاصة، حيث قدمت مشهدين باسم "فوبيا" من تأليفي وإخراجي وكانت هذه المرة الوحيدة التي أعمل بها كمؤلف ومخرج، وقد نالت هاتان اللوحتان استحسان وإعجاب الجمهور».

مع الفنان الكبير خالد تاجا

وعن مشاركته في برنامج "THE ACTOR" والذي تم عرضه في قناة "الدنيا"، فقد قال: «كانت هذه المشاركة من المحطات الهامة جداً في حياتي الفنية، فمن خلالها تعرفت على كبار الفنانين الأكاديميين السوريين أمثال الدكتور "سامر عمران" والأستاذ "باسل خياط" والسيدة "يارا صبري" والآنسة "نورا مراد"، كما تلقيت منهم وبشكل مباشر العديد من النصائح الفنية الثمينة، التي ستبقى ترافقني ما حييت، لهم مني جميعاً جزيل الشكر. وقد كنت موفقاً إلى حدٍّ ما في هذا البرنامج، حيث إنني اجتزت فيه العديد من المراحل، لأصِلَ في النهاية إلى المرحلة ما قبل الأخيرة، وهي نتيجة جيدة نسبياً بالنسبة لي، خاصةً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار البعد عن العاصمة، والتي هي المدينة الأكثر نشاطاً من الناحية الفنية، والأكثر احتواءً على الكوادر الفنية الأكاديمية والمؤهلة علمياً و...».

أما عن تجربته السينمائية مع المخرج "شوقي الماجري" فيقول عنها: «لقد كانت تجربة رائعة تعرفت من خلالها على الكاميرا عن قرب، كما اطلعت على تقنيات التمثيل السينمائي التي تختلف كثيراً عما هي عليه الحال في المسرح، والفيلم كان بعنوان "مملكة النمل"، وهو عبارة عن فيلم روائي طويل للكاتب الفلسطيني "خالد الطريفي" يحكي قصة الصمود الفلسطيني في وجه المحتل الإسرائيلي. وقد تناول المخرج هذا الموضوع برؤية سينمائية فريدة ومغايرة لكل الأعمال التي تطرقت لهذا الموضوع، وتدور أحداث الفيلم بين عامي /2001/ و/2002/ وهي الفترة التي شهدت اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة "رام الله" الفلسطينية، وقد شارك في العمل مجموعة من كبار الممثلين السوريين كالأستاذ "خالد تاجا" والأستاذ "عابد فهد" بالإضافة لفنانين من مصر وتونس وفلسطين، أما عن دوري فقد كان دور ضابط إسرائيلي وهو بالطبع لم يكن من الأدوار الرئيسية في العمل، لكنني سعيد به لكوني نلت شرف المشاركة في هذا العمل السينمائي الكبير».

وفي نهاية هذا اللقاء حرص "البزاعي" على أن يتحدث عن واقع المسرح في مدينة "الرقة" في السنوات الأخيرة، والذي يبدو أنه لا يبشر بالخير حسب رأيه، حيث يقول: «أعتقد أن عدداً قليلاً جداً من المسرحيين السوريين وحتى العرب لم يسمع أو يشارك بمهرجان "الرقة" المسرحي، الذي ظل طوال أربع سنوات متتالية، منذ عام /2004/ وحتى عام /2008/م، يستقطب كبار المسرحيين في سورية والعالم العربي، الأمر الذي خلق حراكاً ثقافياً عاماً انعكس بصورة مباشرة على المسرح الرَّقي، ونفض الغبار عن خشبة هذا المسرح، الذي ظل غائباً سنواتٍ طويلة، لكن "يا فرحة ما تمت"، فقد توقفت عجلة هذا المهرجان عن التقدم منذ عامين، ليعود الغبار ويغطي الخشبة ثانية. ولا أعلم متى سيستقر وضع المسرح في هذه المدينة، والذي يعتبره العالم "أبو الفنون"، فرغم وجود عدد جيد من الكوادر المسرحية الجيدة والواعدة، ورغم وجود جمهور عريض متعطش للعروض المسرحية، فإن الاهتمام به يكاد يكون معدوماً، وكل ما أتمناه هو أن تسترجع "الرقة" أيام المهرجان وأن تواصل عملية بناء الجمهور المسرحي».

وأخيراً يتحدث الفنان "ثائر مشوح" عن تجربة "البزاعي"، قائلاً: «ما يميز تجربة "البزاعي" غناها الثقافي، واهتمامه غير المسبوق بالتعلم، والمثابرة لمعرفة كل مفردات المسرح، وهي ما جعلته يستمر كل هذه الفترة، وزادت بتوجهه نحو العمل السينمائي، وهي إضافة جديدة في حياته المهنية، وستكون نقطة مضيئة في مسيرة حياته.

"البزاعي" فنان بالفطرة، إضافة إلى ما ورثه عن أبيه من حب كبير للمسرح، وهذا من النادر أن تجده عند فنان آخر، وهو ما يكسبه من حضور لافت على خشبة المسرح، ويُنتظر منه الكثير في مجال الفن المسرحي».

من الجدير ذكره أن الفنان "مهند البزاعي" من مواليد مدينة "الرقة" عام /1988/.