«من اللحظات التي لا يمكن أن أنساها أبداً، هي اللحظة التي أدخل فيها بالسيارة إلى جسر "الرشيد" المؤدي إلى مدينة "الرقة"، حين تستقبلني مياه "الفرات" التي تترقرق من تحته، لتخترق روحي كما تخترق جسد المدينة، حينها فقط أعرف أن المسافة بيني وبين شوارع "الرقة" وحدائقها وحاراتها التي أحفظها عن ظهر قلب، بدأت بالتلاشي».

بهذه الكلمات المعبرة يستهل الشاعر "عناد الصليفج الشمَّري" حديثه لموقع eRaqqa بتاريخ (10/8/2010)، حيث التقاه الموقع أثناء زيارته لمدينته "الرقة" قادماً من العاصمة السعودية "الرياض"، والذي راح يحدثنا عن حكايته مع الاغتراب، حيث يقول: «في عام /1995/م، كنت قد بلغت التاسعة عشر من عمري، وحيث إنني قد تركت مقاعد الدراسة، فقد عزمت على السفر إلى المملكة العربية السعودية بقصد العمل، حيث إن لي بعض الأقارب هناك، والذين من شأنهم مساعدتي على تأمين أموري بداية.

لقد تأثرت بالعديد من الشعراء، سواء أكانوا من شعراء العربية الفصحى أو من الشعراء النبطيين، فمن القسم الأول تأثرت كثيراً "بالمتنبي" و"أبي تمام" و"أبي العلاء المعري" و"ابن الرومي"، أما من شعراء النبطي فقد تأثرت كثيراً بأشعار الأمير "محمد الأحمد السديري" والأمير "خالد الفيصل" و"ابن لعبون"، وجميعهم من شعراء المملكة العربية السعودية، وهناك العديد من الشعراء الذين تعجبني قصائدهم بشكل كبير، فمن الكويت هناك الشاعر "طلال السعيد" و"سعد علوش" ومن الإمارات "مصبِّح الكعبي" ومن قطر "محمد بن الذيب"، ومن سورية وبالتحديد مدينة "الرقة"، هناك الشاعر "سليمان المانع" و"أسعد الروابة" و"ممدوح السعيد"، وكلهم من أصول بدوية. ومن أجمل الأبيات التي تعجبني، وأعتبر أنها تعادل ألف بيت مما يكتبون، هو بيت للأمير "محمد الأحمد السديري"، وفيه يقول: «وان خاب ظنك بالرفيق الموالي/ مالك مشاريهٍ على باقي الناس

وبالفعل فقد سافرت إلى مدينة "الدَّمام" حيث أقمت هناك عند أحد الأقارب، لكن لم يحالفني الحظ هناك، حيث بقيت سنة كاملة دون أن أحصل على عمل، وبعد ذلك تمكنت من العثور على وظيفة في إحدى القرى السياحية الموجودة هناك، وعملت فيها موظفاً في الاستقبال، وذلك لمدة سنة ونصف تقريباً، لأتنقل بعد ذلك في العديد من مدن المنطقة الشرقية، من خلال ممارسة العديد من الأعمال، لأصل أخيراً وفي عام /2000/م، إلى العاصمة "الرياض" التي فتحت لي آفاقاً واسعة للعمل، وخاصة في مجال المقاولات.

دفتر الأشعار رفيقه الدائم

كما أنني عملت في العديد من دول الخليج العربي، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت وقطر، وكان أهم الأعمال التي مارستها لحسابي الخاص هي التجارة بالمواد البترولية، وحالياً أنا مقيم في مدينة "الرياض" وأعمل في تجارة مواد الإكساء والديكور الداخلي.

والحقيقة إن الإحساس بالغربة في المملكة العربية السعودية لم يكن حاد المعالم بالنسبة لي، وذلك لأسباب عديدة أهمها أن لي العديد من الأقارب هناك، والسبب الأبرز هو كون غالبية سكان المملكة هم من أصول بدوية، وكما ذكرت آنفاً فإنني بدوي ونشأت في بيئة بدوية تتكلم ذات اللهجة الموجودة في السعودية، ناهيك عن أن العادات والتقاليد هي ذاتها عند البدو السوريين وغيرهم من البدو الذين يتواجدون في دول الخليج العربي، وأنا والحمد لله أزور سورية سنوياً، فما أن يأتي فصل الصيف حتى يبدأ نهر "الفرات" يتراءى لي، وتتمثل أمامي قلعة "جعبر" والجسر العتيق، هذه الأماكن التي أحرص على زيارتها كما يحرص الحبيب على زيارة حبيبته».

جسر الرشيد المعروف باسم الجسر الجديد

وعن علاقته مع الشعر النبطي، يقول "الشمَّري": «في الحقيقة إنني انتسب إلى قبيلة بدوية وهي قبيلة "شمَّر" العربية، ومن المعروف مدى تأثير الشعر على البدو، وشخصياً، لم أكن بمنأىً عن هذا التأثير، حيث كنت أستمع منذ طفولتي إلى قصائد كبار شعراء البدو، وذلك من خلال مجالستي للرجال الذين يجتمعون في منزلنا، حيث كانوا يذكرون بعض القصائد النبطية الرائعة، وقد حفظت العديد منها، وكنت أتساءل بدايةً عن معاني الكثير من الكلمات والصور الشعرية، وفي سن السادسة عشر- وهي المرحلة التي يبدأ فيها المرء عادةً بكتابة محاولاته الشعرية الأولى- كتبت قصيدتي الأولى، والتي نالت إعجاب الكثيرين من الأصدقاء، وبفضل تشجيعهم لي قررت أن أتابع في هذا الطريق.

ثم بدأت بعد ذلك بالبحث عن قصائد كبار الشعراء النبطيين لأحفظها، كقصائد الشاعر "نمر بن عدوان" والشاعر "ابن حثلين" وغيرهما من الشعراء، وقد تأثرت بالألفاظ البدوية الجزلة، والتي ما زالت ترافقني إلى يومنا هذا، مع إعجابي الشديد بالمفردات الشعرية الرقيقة المستحدثة، التي بات يستعملها الشعراء مؤخراً، وقد كتبت في العديد من الأغراض الشعرية وأهمها الغزل والفخر والمعاناة وغيرها من أغراض الشعر».

عناد الشمري في مدينة الرقة

ويتابع حديثه عن أهم الشعراء الذين أثَّروا في تجربته الشعرية، حيث يقول: «لقد تأثرت بالعديد من الشعراء، سواء أكانوا من شعراء العربية الفصحى أو من الشعراء النبطيين، فمن القسم الأول تأثرت كثيراً "بالمتنبي" و"أبي تمام" و"أبي العلاء المعري" و"ابن الرومي"، أما من شعراء النبطي فقد تأثرت كثيراً بأشعار الأمير "محمد الأحمد السديري" والأمير "خالد الفيصل" و"ابن لعبون"، وجميعهم من شعراء المملكة العربية السعودية، وهناك العديد من الشعراء الذين تعجبني قصائدهم بشكل كبير، فمن الكويت هناك الشاعر "طلال السعيد" و"سعد علوش" ومن الإمارات "مصبِّح الكعبي" ومن قطر "محمد بن الذيب"، ومن سورية وبالتحديد مدينة "الرقة"، هناك الشاعر "سليمان المانع" و"أسعد الروابة" و"ممدوح السعيد"، وكلهم من أصول بدوية.

ومن أجمل الأبيات التي تعجبني، وأعتبر أنها تعادل ألف بيت مما يكتبون، هو بيت للأمير "محمد الأحمد السديري"، وفيه يقول: «وان خاب ظنك بالرفيق الموالي/ مالك مشاريهٍ على باقي الناس».

وعن أعماله الشعرية يقول: «كما ذكرت سابقاً، فقد كتبت في العديد من الأغراض الشعرية، وكل ما كتبته كان باللهجة البدوية، أو ما يسمى اصطلاحاً بالشعر النبطي، وللأسف لم أطبع إلى يومنا هذا أي ديوان شعري، وذلك بسبب ضغط العمل من جهة، ومن جهة أخرى بسبب فقداني لعدد كبير من القصائد والتي تزيد عن الأربعين قصيدة، حيث أعرت دفتر أشعاري لأحد الأصدقاء ليفاجئني فيما بعد بفقده لهذا الدفتر، وما يزيد الطين بلة، هو أنني من الأشخاص الذين لا يتذكرون ما أكلوا البارحة، وبالتالي ذهبت تلك القصائد إلى غير عودة. لكنني وبإذن الله سأحاول في المستقبل القريب أن أنشر أول ديوان لي، وذلك قبل أن أفقد "اللاب توب" و"الفلاش ميموري" حيث أحفظ فيها كل قصائدي.

وأعتقد أن من الأمور التي ساهمت بتقديمي إلى الجمهور الشعري، وخاصة في المملكة السعودية، هو ظهوري في برنامج "ليل وتراحيب" والذي تبثه الإذاعة السعودية، فقد كان لقاءً مميزاً ذكرت من خلاله العديد من القصائد، والتي نالت إعجاب العديد من الفنانين والشعراء والمعلقين الذين حضروا في هذا اللقاء، وقريباً سوف يكون هناك تعاون فني بيني وبين أحد المطربين المعروفين على الساحة الخليجية والعربية، متمنياً أن تكلل هذه التجربة بالنجاح إن شاء الله».

وأخيراً هناك قصيدتان أحبَّ "الشمَّري" أن يخص بها موقع eRaqqa تنشران لأول مرة، القصيدة الأولى في الغزل وهي بعنوان "صدق المشاعر" وفيها يقول:

(صدق المشاعر نابعه من قلب الاحساس/ شعورٍ حقيقي هايمٍ في هواها

ياما ارتحل مع طيفها بعيدٍ عن الناس/ في عالمٍ ما فيه أحدٍ سـواها

أحس بحنانه دافيٍ فيه الانفاس/ وأنا بعـد مثله احساسي معاها

حبٍّ حقيقي ما هو كلامٍ بقرطاس/ في صادق اعماقي مرسومٍ صفاها

براس السنة شفته مفلل الراس/ مثل الغـزال الشاردٍ في دجاها

تكفين! قلبي صابه من البعد وسواس/ لكـن ظروفٍ وشايفه ما وراها).

أما القصيدة الثانية فموضوعها عن الصداقة، ومنها هذه الأبيات:

(من الله غلاتـك جت واسكنت فيني/ ماهي مصالح خُوِّتِكْ نهتويهـا

لو كنت مثل الناس ما شفت عيني/ ولا شفت حالي يوم ضيقٍ يجيها

كم واحدٍ به هكـوةٍ ما تعيني/ يخيِّـب رجاك وحاجـتك تحتـريـها

يعيِّشـك بأوهـام الزمـن والسنيني/ وضعه تمـامْ وعلّتك ما دريـها

فيـك افتخـر واعتز وارفع جبيني/ فريـد، حلحيـل الرجـال النبيها

يا كثر ربعي!! بـس هو من يجيني/ وكـت الشدايد خوّتهْ ما نسيها).