«علمتني الغربة أن الأشياء العظيمة لا تُرى إلاَّ عن بُعد، وأن الوطن مثل القمر، كلما ابتعدت عنه، كلما ازداد بريقه في عينيك، وتعلمت أن الغريب لا يستطيع النوم، قبل أن يفرش صندوق ذكرياته فوق الوسادة، وأن سد الكبرياء الذي يرسمه بخياله، يخفي ورائه بحراً من الشوق والحنين».

بهذه الكلمات المعبرة يستهل الفنان "حسام مصطفى" حديثه لموقع eRaqqa بتاريخ (18/9/2009)، حيث التقاه الموقع أثناء زيارته لمدينة "الرقة" قادماً من العاصمة العُمانية "مسقط"، والذي راح يحدثنا عن بداياته الفنية قائلاً: «بداياتي مع الفن كانت مبكرة، فمنذ سنوات الطفولة الأولى، وأنا أعشق الغناء والموسيقى، وكثيراً ما كان يطلب مني الأهل أن أغني لبعض الأقارب الذين كانوا يزورون منزلنا، وكنت أفرح كثيراً لعبارات المديح والثناء التي يسمعونني إياها، وعند دخولي المدرسة، كنت أغني في حصص الموسيقى، وكان الجميع يلقبونني "مطرب الصف"، وأول مشاركة فعلية لي كانت عام /1987/م، عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي، حيث جاءت لجان من منظمة الطلائع، لاختيار الأطفال الموهوبين، وكنت واحداً من بينهم، وذلك للمشاركة في مهرجان طلائع البعث، وحصلت على شرف الريادة في مجال الغناء، ثم شاركت في أغلب المهرجانات بعد ذلك.

إنشاء الله، ستكون هذه هي السنة الأخيرة لي في مدينة "مسقط" الرائعة، وسأعود إلى مدينتي "الرقة"، عند نهاية العام الحالي، والحق يقال لقد أمضيت سنوات جميلة في سلطنة عُمان، فشعبها طيب ومضياف، ولا تختلف عاداته كثيراً عما لدينا من عادات في سورية، وفي "الرقة" تحديداً، وقد كونت العديد من الصداقات الحقيقية والمتينة هناك، بالإضافة لوجود الجالية السورية، التي تخفف كثيراً من وطأة الغربة، سواء عليَّ أو على أسرتي التي تقيم معي منذ عام /2006/م، وأخص بالذكر هنا زميلي وصديق عمري الفنان "فراس قمر"، وهو من مدينة "الرقة"، حيث يقيم مع عائلته في السلطنة منذ عدة سنوات، ويعمل في ذات المجال الذي أعمل فيه، ونحن نتواصل بشكل دائم من خلال الزيارات العائلية المتبادلة. لكن رغم كل ذلك، فأنا عازم على العودة إلى الوطن، فهناك شوق وحنين إليه، من الصعب أن تَصِفهُ كلماتٌ، أو أن تحيط بهِ عباراتٌ، ففي "الرقة" تعيش أمي الغالية التي أفنت حياتها وهي ترعانا أنا وأخي الأكبر "وائل"، بعد رحيل والدي رحمه الله، حتى أصبحنا رجالاً كما أرادت لنا، هذه الأم العظيمة لا تستحق عيناها أن تذرف الدموع، وأتمنى أن تسامحني كل دمعةٍ من عينيها الطاهرتين، انهمرت بسبب بعدي عنها، ولا أجد كلاماً أعذب مما قاله الشاعر الغنائي "كريم العراقي" أقدمه لها: /كبرت يا يمَّا والأيام تمشي/ شفت ما يعادل الأم ثمن كلشي/ يا يمَّا الشمس من تمشين تمشي/ يا تربة طاهرة ودار/ ربينا بحضنك زغار/ المحبة تنحني وتبوس إيدك/ ويصلي الوطن لعيونك يا جنَّة

وفي المرحلة الإعدادية شاركت في المهرجانات التي تقيمها منظمة شبيبة الثورة، وكنت أحد أعضاء فرقة "الكورال"، وفي هذه المرحلة بدأت أتعلم مبادئ الموسيقى، والتي تشمل المقامات الموسيقية والإيقاعات ودروس "الصولفيج"، وقد كانت البداية مع الأستاذ "مصطفى الإبراهيم"، الذي تعلمت منه الكثير عن الموسيقى، وأول الحفلات التي أحييتها في مدينة "الرقة" كانت برفقته، حيث أنه كان عازفاً لآلة العود و"الأورغ" و"الغيتار".

مع ولده فراس في حديقة المنزل في مسقط

كما تعرفت على الكثير من الموسيقيين، الذين استفدت من تجربتهم، كالأستاذ "فواز الحسن" والأستاذ "جاسم العيادة"، وفي عام /1999/م، بدأت بتعلم العزف على آلة العود، بمساعدة الأساتذة الذين ذكرتهم آنفاً، وقد بلغت مرحلة جيدة بالعزف عليها خلال زمن قصير، ثم انتقلت بعد ذلك لتعلم العزف على آلة "الأورغ"، وبالفعل وخلال بضعة أشهر كنت أعزف بشكل جيد، لكنني خلال ذلك لم أنقطع أبداً عن الغناء، حيث أنني في عام /2000/م، أنجزت أول ألبوم غنائي، وكانت جميع الأغاني جديدة وخاصة بي، وقد حقق نجاحاً كبيراً داخل وخارج محافظة "الرقة"، وكان السبب في انتشاري كمطرب.

وأودُّ أن أشير إلى أنني وخلال مدة تأديتي للخدمة الإلزامية في مدينة "دمشق"، عملت في مجال الغناء، في أحد النوادي العائلية، وذلك من عام /1997/م، وحتى عام /1999/م، وقد تعرفت خلالها على العديد من الفنانين السوريين المعروفين وغيرهم من الفنانين العرب، والذين استفدت كثيراً من تجاربهم الفنية.

عن يمينه الفنان رامي جنيد وعن يساره الفنان خليل الجابر خلال زيارتهم له في منزله

وبقيت أعمل في مجال الفن في مدينة "الرقة"، حتى عام /2003/م، حيث سافرت بعد هذا التاريخ إلى سلطنة عُمان، بعد أن تعاقدت مع أحد المحلات الكبرى في العاصمة "مسقط" للعمل فيه كعازف "أورغ"، ويدعى "مطعم المدينة"، وهو يقع في شارع "مدينة السلطان قابوس"، وفي عام /2005/م، عدت إلى مدينة "الرقة"، وافتتحت أول أستوديو في المحافظة، ويدعى "فينوس"، وكان بإدارة الأستاذ "عماد يحيى"، وهو من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم الموسيقى، وقد أنجزنا سويةً عدداً كبيراً من الأغاني لفنانين من محافظة "الرقة"، والمحافظات الأخرى.

وفي عام /2006/م، عدت إلى سلطنة عُمان، بعد أن عَرَضَ عليَّ صاحب المحل الذي عملت فيه سابقاً، توقيع عقد عمل جديد بشروط مناسبة كثيراً، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعمل هناك، وحتى تاريخ هذا اللقاء مع موقعكم الكريم».

مع المحرر جاسم العيادة أثناء إجراء الحوار

وبسؤاله عن المدة التي يعتزم البقاء خلالها في السلطنة يقول "المصطفى": «إنشاء الله، ستكون هذه هي السنة الأخيرة لي في مدينة "مسقط" الرائعة، وسأعود إلى مدينتي "الرقة"، عند نهاية العام الحالي، والحق يقال لقد أمضيت سنوات جميلة في سلطنة عُمان، فشعبها طيب ومضياف، ولا تختلف عاداته كثيراً عما لدينا من عادات في سورية، وفي "الرقة" تحديداً، وقد كونت العديد من الصداقات الحقيقية والمتينة هناك، بالإضافة لوجود الجالية السورية، التي تخفف كثيراً من وطأة الغربة، سواء عليَّ أو على أسرتي التي تقيم معي منذ عام /2006/م، وأخص بالذكر هنا زميلي وصديق عمري الفنان "فراس قمر"، وهو من مدينة "الرقة"، حيث يقيم مع عائلته في السلطنة منذ عدة سنوات، ويعمل في ذات المجال الذي أعمل فيه، ونحن نتواصل بشكل دائم من خلال الزيارات العائلية المتبادلة.

لكن رغم كل ذلك، فأنا عازم على العودة إلى الوطن، فهناك شوق وحنين إليه، من الصعب أن تَصِفهُ كلماتٌ، أو أن تحيط بهِ عباراتٌ، ففي "الرقة" تعيش أمي الغالية التي أفنت حياتها وهي ترعانا أنا وأخي الأكبر "وائل"، بعد رحيل والدي رحمه الله، حتى أصبحنا رجالاً كما أرادت لنا، هذه الأم العظيمة لا تستحق عيناها أن تذرف الدموع، وأتمنى أن تسامحني كل دمعةٍ من عينيها الطاهرتين، انهمرت بسبب بعدي عنها، ولا أجد كلاماً أعذب مما قاله الشاعر الغنائي "كريم العراقي" أقدمه لها: /كبرت يا يمَّا والأيام تمشي/ شفت ما يعادل الأم ثمن كلشي/ يا يمَّا الشمس من تمشين تمشي/ يا تربة طاهرة ودار/ ربينا بحضنك زغار/ المحبة تنحني وتبوس إيدك/ ويصلي الوطن لعيونك يا جنَّة».

ومن الجدير ذكره، أن الفنان "حسام مصطفى" متزوج، ولديه طفلين "فراس" و"إيناس".