يشكل العنوان العريض للندوة الدولية التي أقامتها محافظة "الرقة" منطلقاً لقراءة الأزمة التي تعيشها سورية منذ أكثر من سنة، وتتحدد ملامح هذه القراءة في تحديد ماهيتها وأسبابها، وتوصيف أبعادها وحواملها السياسية والفكرية، وصولاً إلى نتائج تفضي إلى تحديث بنية الدولة والمجتمع، ترتكز على حوامل ديمقراطية تتجاوب مع متطلبات الشارع السوري المحقة، وتعطي فرصة لتنفيذ حزمة القرارات والمراسيم التي صدرت بالتوازي مع اشتعال فتيل الأزمة، والتي تواكب عملية الإصلاح الشامل.

كيف قرأ السوريون والعرب الأزمة؟ وما هي الآفاق المتوقعة والرؤية المستقبلية للمشهد السوري سياسياً وفكرياً، وما هي الحلول التي تطرحها التيارات السياسية لتجاوز الأزمة الراهنة.. موقع eRaqqa التقى عدداً من المشاركين في الندوة والمهتمين بالشأن السياسي والثقافي في يوم الثلاثاء 24/4/2012

في الندوة الفكرية والسياسية الدولية عن المشهد السوري والرؤية المستقبلية، التي تميزت بطرح أفكار مضيئة من أخوة مناصرين للحق والعروبة، عرفوا ما يحدث في محيطهم وبلدانهم، وخبروا كيد المستعمر وقوى التحريض والتضليل ضد سورية الصامدة، والتي أصبحت الهدف الرئيس لمن قهرتهم في زمن القائد الخالد "حافظ الأسد"، ولمن أذهلتهم شجاعة وحكمة الدكتور "بشار الأسد". الكل أجمع أن سورية تختلف عن سواها، ففيها الشعب الصامد والجيش العقائدي الواحد، والتفاف جماهيري وشعبي حول سيادة سورية وكرامتها وعزتها، وسنتصدى لكل محاولات بث الفرقة واختراق مقدساتنا، والحل أضحى معروفاً، وهو داخلي بامتياز، وأبناء الوطن هم بناته، وهم حماته، رفضاً للتدخل الأجنبي، والحض والتحريض على القتل، وحمل السلاح، سلاح الضعيف المتآمر، الإصلاح ومحاربة الفساد والتصدي للإرهاب وقوى التكفير طريق خطه القائد ورسمه، هو طريقنا نحن شباب الوطن

"مازن جميل شقير" ـ رئيس الحزب الفلسطيني الديمقراطي، تحدث قائلاً: «المؤامرة التي تستهدف سورية حالياً، تم تكريسها لمعاقبة الموقف السوري الملتزم بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية. ويتركز قوامها تحالفاً بين الغرب الاستعماري والصهيونية، وللأسف بعض العرب، لكن الموقف السوري لن يتغير انطلاقاً من موقفها المبدئي باعتبارها المتضرر الأكبر من وجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين والتي هي في الأساس جنوب سورية، إضافة إلى احتلال إسرائيل للجولان ومحاولة ضمه.

جانب من حضور الندوة

إن سورية تعتبر المعركة مع الصهيونية هي صراع وجود وليست مسألة صراع على حدود انطلاقاً من هذا فإننا لا نستطيع أن نتعامل مع الوضع القائم في سورية، ومع احتمالاته، إلا من واقع التأثير المتبادل على المصير المشترك في مسألة القضية، ومنها بالطبع قضية الأراضي العربية المحتلة. وبالتالي فإن مآل الأزمة في سورية ومستقبل تطورها، مرتبط ارتباطاً عضوياً بمصير القضية الفلسطينية ذاتها.

وباستعراض للوضع الراهن لا بد من الانطلاق من المصالح الإستراتيجية للشعب والوطن من جهة، ومع المصالح الإستراتيجية للقضية الفلسطينية، فمنذ انعقاد مؤتمر "كامبل" عام /1905/م والذي صدرت عنه وثيقة "كامبل" السرية، لتفتيت الوطن العربي، وحتى هذه اللحظة لم يبق ممانعاً في وجه هذا المشروع الصهيو- أميركي إلا سورية، ونظراً لدورها الوطني والقومي المقاوم الذي يشكل السد المنيع في وجه محاولة تصفية القضية الأم القضية الفلسطينية، وتأتي هذه الهجمة الشرسة لتفتيت هذا الموقف، أو لتركيع سورية، بهدف تمرير هذه المخططات التي تتضمنها الوثيقة. وهذا يأتي بالتأكيد بعد استنفاد المحاولات الأميركية كافة مع القيادة السورية لإقناعها بضرورة استبدال خياراتها الإقليمية، ولما لم تذعن لها كان لا بد من خيارات أخرى من مثل هذا المؤامرة لتدمير سورية وليس معاقبة قيادتها فحسب».

من حضور الندوة

ويختم "شقير" حديثه قائلاً: «كان لابد من تنفيذ المؤامرة في هذه الفترة المفصلية في التاريخ الحديث. وتثبت الوثائق حجم المؤامرة والمبالغ التي خصصت لأجل إنفاذها في سورية، وترصد الفترة السابقة لتاريخ 2/1/2012م والتي بلغت /198/ مليار دولار، مقدمة من دول خليجية برعاية أميركية وإشراف من الكيان الصهيوني، وتشمل تخصيص /32/ مليار دولار لدعم التضليل الإعلامي. و/90/ مليار دولار مخصصة لدعم الإرهاب والتسلح وجماعات التخريب، و/22/ مليار دولار لاستمالة المضللين وشراء الذمم والتحريض على النظام، و/3/ مليارات تكلفة إقامة لقاءات وندوات ودورات لعناصر المؤامرة حول العالم، و/8/ مليارات موزعة على تكلفة الاتصالات وأجهزة البث الخلوى والفضائي، و/25/ مليار تعويضات ومغريات لدول جوار سورية وبعض الشخصيات الاقتصادية ورجال الأعمال لممارسة الحصار الاقتصادي، و/6/ مليارات هدايا ورشاوى لأعضاء مجلس الأمن الدولي وبعض الكتاب والصحفيين والسياسيين على المستوى العالمي، و/3/ مليارات رشاوى ضمن حساب بنكي لرئيس وزراء تركيا الحالي، ووزير خارجيته، و/9/ مليارات دولار مقدمة لإدارة مواقع التواصل الاجتماعي/الفيس بووك والتويتر واليوتيوب/ وبعض ما يسمى مؤسسات وهيئات حقوق الإنسان».

الدكتور "خلف المفتاح"، المدير العام لمؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر، يقول: «المؤامرة على سورية تستهدف تدمير بنية الدولة، وتقويض تكوين النظام السياسي القائم على حوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وفكرية، وليس فقط الشعارات التي ترفعها المعارضة.

حضور شبابي لافت

إن تفتيت سورية هدفه الأساس هو إعادة تشكيل المنطقة على حوامل "تحت وطنية" تتسم بالطائفية والمذهبية وقيام كيانات ضعيفة تعيد سورية إلى ما قبل إعلان الدولة بحيث يتكرس الكيان الصهيوني كقوة عظمى في المنطقة التي تتشكل منها هذه الكيانات، بحيث تحتاج هذه الكيانات الضعيفة، إلى حماية الكيان الصهيوني الأقوى من بينها، في حال نجاح المؤامرة، وصولاً إلى حالة التطبيع، وتنتهي غايتها القصوى إلى ضرب العقد الاجتماعي الوطني في كل بلد عربي.

إن الهدف من المطالبات بإسقاط النظام في سورية، هو هدم بنية الدولة، وبالتالي إسقاط الحوامل التاريخية التي غيرت الدور السياسي لسورية، ونقلتها باتجاه مشاريع المقاومة، وإسقاط البنية الحاملة للدولة المتجذرة، في حياة الشعب العربي في سورية، منذ أكثر من خمسة عقود. وما يحاك لسورية يهدف إلى تغيير الخارطة السياسية والاجتماعية، وضرب مرتكزاتها الوطنية والقومية.

الشعب السوري بغالبيته يعي دور الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية التي سعى حزب البعث العربي الاشتراكي وعمل من أجلها منذ تأسيسه حتى الآن، وكافح لتحقيق مصالح الجماهير لذلك فإن التلاحم الذي ظهر خلال الأزمة أكد أن سورية تقف بمنعة أمام قوة هذه المؤامرة التي تنوء بكلكلها على الوضع الراهن، ولكن هذا الوعي سيسقط المؤامرة بكل تأكيد. وهنا لابد من التأكيد أنه لا يمكن قراءة المشهد السوري بمعزل عن الصراع الدولي المحموم تجاه المنطقة، دافعه الأساس ما تملكه منطقتنا من ثروات اقتصادية، وموقع جيو-سياسي لإحكام قبضة الغرب على مستقبل المنطقة وبالتالي مستقبل البشرية جمعاء.

إن التبدلات الجديدة في المشهد الدولي تقتضي بأن تخرج سورية من الأزمة منتصرة وأكثر قوة وخاصة مع مواقف بعض الدول الصديقة التي وقفت في المحافل الدولية إضافة إلى وعي الشعب العربي السوري وتماسكه والترابط العضوي بين مكوناته، وهو ما يؤكد بأن الأزمة الحالية في سورية ستنتهي بالضرورة، ولكن هذا لا يمنع من أن المؤامرة عليها ستستمر بأشكال مختلفة وستتواصل فصول هذه المؤامرة المستمرة منذ عقود وإن أخذت خلال العام المنصرم شكلاً أكثر دراماتيكية».

المحامي "محمد عيسى المصطفى"، قال: «إن ما يحدث في سورية ليس وليد اللحظة، وإنما هو استمرار لاستعلاء وغطرسة استعمارية تجسدت في محاولة مستميتة للاستفراد بالعالم من خلال المفاهيم أحادية القطب والاستكبار على الأمم وازدراء الشعوب ومحاصرتها وتدمير بناها الثقافية والاقتصادية وتقسيمها وتصنيفها إلى محاور شر واعتدال وسواها، وفرض واقع جديد في العالم من خلال الفوضى الخلاّقة بل الهدّامة، حلم الرأسمالية المتوحشة.

لقد استمعت إلى أقوال الباحثين وأرائهم ووجدت لديهم تفهماً عميقاً ودقيقاً لما يحدث في بلدنا، وطرق الخروج من هذه الأزمة المصدرة عبر قوى ظلامية تكفيرية، تعيش حالات إحباط يائسة، ولذا فإن الحل في نظرهم ونظرنا يكمن في حوار داخلي بين جميع القوى الوطنية السورية، التي أثبتت تصديها ومواجهتها لقوى الشر والعدوان، مؤكدة أن الحل داخلي بحت، وأن القوى المحبة للسلام قالت كلمتها، ورفضت مع الشعب السوري فكرة التدخل الخارجي، وتسليح ما يسمى».

ويقول الإعلامي "حبيب البشير": «لا يمكن قراءة ما حدث في سورية بمعزل عن المحيط العربي والإقليمي والعالمي، فهناك مشاريع يخطط لها منذ عقود من الزمن توفرت لها أدوات وأموال عربية، وبالتأكيد هناك تراكمات وأشخاص ساهموا في انفجار الأزمة، وراحت تنتقل بالعدوى من مكان إلى آخر بدعم وتشجيع دول الجوار التي كانت واضحة كل الوضوح بعدائها وعدوانيتها على سورية، وانعقدت مؤتمرات عربية وعالمية، ورعيت مؤتمرات ضد سورية وشعبها، لكن ما صدر من قوانين ومراسيم وخطوات حثيثة تصب في مسيرة الإصلاح الشامل، وسقوط الرهانات، وتماسك الجيش والشعب كانا السبب الرئيس في تجاوز الأزمة وانحسارها، إضافة إلى وقوف الأصدقاء من دول العالم إلى جانب عدالة القضية السورية، وإن وعي المواطن لحجم المؤامرة وأبعادها وأهدافها والتحامه مع قيادته، كل هذه الأسباب أدّت إلى تجاوز الأزمة، وهذا يقتضي بالضرورة الاستمرار وبوتائر عالية لاستعادة الأمن والأمان، وتحقيق المزيد من الإصلاحات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن».

ويقول "رسمي الجابري"، الأردن: «لقد حقق محور الممانعة والمقاومة إنجازاً ضخماً، وأحدث بنتيجة هذه الملحمة الأسطورية من الثبات والصمود، تحولاً نوعياً في ميزان القوى العالمي، وكشف عن مخزون الطاقة الهائل لدى الأمة، وتصميمها على المواجهة والحياة، وسطعت في سماء الأمة نماذج ورموزاً عظيمة من القادة.

كما تجلت بوضوح أبرز ملامح الخصوصية السورية، بوصفها الإقليم – القاعدة ومحور الارتكاز المقرر لوجود الأمة، والحاسم على صعيد المنطقة، وموازين القوى الدولية، وعلى هذه الخلفية، يمكن قراءة المشهد العربي، وقراءة زلزال وصيرورة التغيير والحراك المحتدم، في إطار البنية العربية العالقة في أزمة بنيوية ممتدة ومتفاقمة، حيث تتفاعل التحولات في بلادنا وتأخذ أبعادها وآفاقها، ارتكازاً على العامل الموضوعي الداخلي المثقل بالأزمات، والحاضن لشروط الثورة والتغيير، ولكن المعاق في الوقت نفسه، بأزمة برنامج وقوى التحرر القومي، وعجزها عن الإمساك بلحظة التغيير واحتلال موقعها في قيادة الشارع ، الأمر الذي كان له، ولا يزال، آثاراً خطيرة، انعكست على المجرى العام للحراك العربي، وحرمت الوضع الثوري، والحراك الجاري، من القيادة ووضوح البرنامج والأهداف، وفهم التناقضات وتحديد جبهة الأعداء وترتيب الأولويات بوصفه (العامل والشرط الذاتي) اللازم لضمان انتصار الثورات، وتمكينها من تحقيق أهدافها، وانجاز القطيعة المطلوبة مع واقع وشروط التبعية، وتحرير الإرادة الوطنية، وتركيز الطاقة الشعبية نحو إنجاز مهام التحرر الوطني والقومي وفك التبعية.

أما سوريه الكبرى ووحدة الهلال العربي المقاوم، كضرورة موضوعية، واستحقاق باتت تمليه مصلحة هذه البلدان الراهنة والعاجلة، واستحالات المأزق الكياني لكل منها بأبعاده الشاملة، اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً ووجودياً، وممراً إجبارياً، ليس بوسع أياً منها تفاديه، بالنظر لأبعاد الصراع وأهداف العدوان الجاري. وكذلك بالنظر لواقع وعمق وطبيعة الأزمة التي تعيشها هذه البلدان، ويبدو المصير الكياني معلقاً ومرتهناً ومحكوماً ليس فقط بمصير المعركة على سورية، بل بحتمية التحلل والتفكك، أما في إطار المركز الإسرائيلي، أو في إطار المركز السوري.

إن الدعوة لتبني إستراتيجية الهلال العربي المقاوم، تستمد موضوعيتها وراهنيتها ليس من حقائق التاريخ والجغرافيا فقط، بل من معطيات اللحظة وحقائق الواقع بتحدياته ومخاطره، وهي تفتح لجماهير وقوى الأمة، أفقاً جديداً، وتعيد لها الأمل بالوحدة والتحرر، بعد طول يأس، وتحرر الوعي ومخزون القوة والطاقة الهائل، وتحشده في إطار جبهة شاملة، تنخرط فيها مختلف قوى المقاومة والقوى الحية، تحت راية مشروع اقتصادي - اجتماعي– سياسي- أيديولوجي - توحيدي جديد، يرسم إطاراً وجغرافيا سياسية جديدة، للنهوض بالهلال العربي».

وتقول "سارة المصطفى"، طالبة جامعية: «في الندوة الفكرية والسياسية الدولية عن المشهد السوري والرؤية المستقبلية، التي تميزت بطرح أفكار مضيئة من أخوة مناصرين للحق والعروبة، عرفوا ما يحدث في محيطهم وبلدانهم، وخبروا كيد المستعمر وقوى التحريض والتضليل ضد سورية الصامدة، والتي أصبحت الهدف الرئيس لمن قهرتهم في زمن القائد الخالد "حافظ الأسد"، ولمن أذهلتهم شجاعة وحكمة الدكتور "بشار الأسد".

الكل أجمع أن سورية تختلف عن سواها، ففيها الشعب الصامد والجيش العقائدي الواحد، والتفاف جماهيري وشعبي حول سيادة سورية وكرامتها وعزتها، وسنتصدى لكل محاولات بث الفرقة واختراق مقدساتنا، والحل أضحى معروفاً، وهو داخلي بامتياز، وأبناء الوطن هم بناته، وهم حماته، رفضاً للتدخل الأجنبي، والحض والتحريض على القتل، وحمل السلاح، سلاح الضعيف المتآمر، الإصلاح ومحاربة الفساد والتصدي للإرهاب وقوى التكفير طريق خطه القائد ورسمه، هو طريقنا نحن شباب الوطن».