ربما تكون جزءاً من الوجدان الإنساني بوجه عام، فهي قد ولدت مع ولادة وعيه، تختلف عند الشعوب مع اختلاف مفردات البيئة من حولها، بيئة "الرقة" الممزوجة بالنهر والبادية معاً جعلت استقبال هذه المعتقدات سهلاً وواسعاً، ترافق الإنسان منذ اليوم الذي يولد فيه وحتى آخر حياته.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 20 كانون الأول 2014، السيدة "سلوى الحمد" من أهالي "الرقة"، وقالت: «لا يزال أهل "الرقة" محافظين على مجموعة من المعتقدات والموروثات الشعبية التي ورثوها من أسلافهم وهو ما كوّن لديهم الكثير من المعتقدات الشعبية والأسطورية، التي لا تزال سائدةً حتى يومنا هذا، وكثيراً ما كانوا يمارسون طقوساً شعبية خاصةً، تتناسب مع هذه المعتقدات، حيث يعتقد "الرقاويون" أن حكة اليد اليمنى تعني أن صاحبها سيحصل على "مال"، وحكة الوجه تدل على مجيء ضيف عزيز تتبادل معه القبل، وحكة الأنف تبشر بأكلة سمك، وحكة القدم اليمنى تشير إلى أن أحدهم ذكر صاحبها قدحاً أو مدحاً، ورجفة الكتف تدل على لباس جديد، ووجود شعرة في اللسان ينبئ بوصول هدية».

المعتقدات الشعبية إرث تناقله الأبناء والأجداد فلازمهم مسيرة حياتهم وأصبحت المعتقدات هاجساً يشغل بال الناس، فكثيراً ما نلاحظ أبناء الريف وأثناء ذهابهم مع ذويهم إلى الحقول إن اقتربوا من الأبقار فتقوم الأخيرة بلحس البقرة جبهة الولد أو جبينه وهذا ما يعتقده الأهل أنها تجعل شعر الطفل أملس ويرجعه إلى الوراء، وغدت هذه المعتقدات جزءاً من ثقافة المجتمع يصعب القضاء عليها

وأضافت "الحمد" بالقول: «لكل مجتمع معتقداته التي يؤمن بها وفي محافظة "الرقة" كثيرة هي المعتقدات التي تم توارثها، وذلك بسبب الحضارات التي مرت على منطقة حوض الفرات، خاصة تلك الظواهر الغريبة التي تحيط به، وغالباً ما يكون هذا التفسير غيبياً وأقرب ما يكون إلى الاعتقاد، وبمرور الوقت يتحول هذا الأمر إلى حقيقة لا ريب فيها، وفي منطقة "الرقة" مازال الكثيرون من الناس وخاصة النساء منهم، يؤمنون بكثير من هذه الأساطير والمعتقدات، ومن هذه المعتقدات "رمش العين" يقصد بها التَّحرك اللا إرادي لجفن العين العلوي، فإذا رمش جفن العين اليمنى فإن هذا دلالة على خير سيأتي لهذا الشخص؛ وإذا رف جفن العين اليسرى كان دلالة على السوء والشرّ الذي قد يصيب هذا الشخص، وهناك "طنين الأذن" فالشخص إذا شعر بطنين مفاجئ داخل أذنه اليمنى، فهذا معناه أن أشخاصاً بعيدين يذكرونه بالخير في هذه اللحظة؛ وإذا كان الطنين بالأذن اليسرى فإنهم يذكرونك بالسوء».

الباحث خالد الحسين

ويشير الباحث "خالد الحسين" بالقول: «يؤمن الناس عادةً باعتقادات تفسّر مواقف يواجهونها في حياتهم اليوميّة، فمنهم من يتشاءم أو يتفاءل من حركات لا إراديّة في الجسد كرفّة العين أو طنين الأذن أو الحكّة في اليد؛ فكثيرون من الأشخاص يشعرون بحكة في كف اليد ولهذا يفسره أهل "الرقة" بأن من يحك يده اليمنى فإن ذلك دلالة على قرب التسليم على ضيف عزيز أو شخص عزيز غائب منذ زمن طويل، أو أنه سوف يكسب مبلغاً من المال؛ أما من يشعر بنمنمة أو حكّة في كفَّه الشمال فإنه سوف يخسر أو يصرف مالاً، (وقد يتحقق هذا الاعتقاد بالمصادفة في بعض الأحيان؛ فيعتقد أنه كلما حكته يده لا بد من أن يقبض نقوداً أو يسلم على أحد الأشخاص».

ويضيف: «المعتقدات الشعبية إرث تناقله الأبناء والأجداد فلازمهم مسيرة حياتهم وأصبحت المعتقدات هاجساً يشغل بال الناس، فكثيراً ما نلاحظ أبناء الريف وأثناء ذهابهم مع ذويهم إلى الحقول إن اقتربوا من الأبقار فتقوم الأخيرة بلحس البقرة جبهة الولد أو جبينه وهذا ما يعتقده الأهل أنها تجعل شعر الطفل أملس ويرجعه إلى الوراء، وغدت هذه المعتقدات جزءاً من ثقافة المجتمع يصعب القضاء عليها».

حك باطن اليد اليمنى

ويقول السيد "إبراهيم خليل" من أهالي "الرقة": «يزخر تراثنا السوري عامة والريف بوجه خاص منذ القدم بالمعتقدات الشعبية التي كانت ومازالت نسبية في وقتنا الحالي عالقة في أذهان أهلنا وكبار السن منهم، فعندما يسمع أهل البيت نهيق الحمار ليلاً وصياح الديك فجراً فهذا دليل في المعتقد الشعبي سببه رؤيته للشيطان، وصياح الديك سببه رؤية ملاك، أما الاعتقادات الشعبيّة بطنين الأذن فإذا طنت في أذنه اليمنى فإنَّ أحداً يذكره بخير، وإذا شعر بالشّعور نفسه في أذنه اليسرى فإنّ أحداً يذكره بسوء، وهناك من يقوم بكسر إبريق من الفخار وراء الضيف غير المرغوب فيه، حتى لا يعود ثانية».

ويضيف: «وفي الزواج لا يزال أهل "الرقة" محافظين على بعض المعتقدات؛ ومنها رش النساء الملح والشعير على العريس خلال الزفة للوقاية من العين الحاسدة، وهناك من يقوم بإلصاق العروس قطعة من العجين على حائط أو باب بيت عريسها قبل دخولها إليه، حتى تلتصق العروس في هذا البيت كالتصاق قطعة العجين في الباب أو الجدار، وأن تبقى العروس سبباً في استمرار الحياة والبقاء في ذلك البيت، تماماً كالخميرة التي هي أصل العجين، وسبب استمراره ومن ثم سبب استمرار الخير والحياة والعطاء للإنسان».