يقول الباحث الأستاذ "حمصي الحمادة"، لموقع eRaqqa بتاريخ (18/11/2008)، متحدثاً عن بلاغة المثل الرقي: «تناولت الأمثال في منطقة الفرات عموماً، و"الرقة" خصوصاً، أغلب نواحي الحياة، بكافة وجوهها، فلم تترك شيئاً، إلا وجسدته بكلام مكثف جميل، وسنبين ذلك من خلال استعراضنا للأمثال التالية: يقول المثل: (إذا جفتك الدار، ارحل منها)، جفتك: مأخوذة من الجفاء وهو عدم إظهار المحبة، ومعنى المثل: إذا كنت ساكناً بين قوم، وأظهروا لك البغض والجفاء وعدم المحبة، فسارع بالرحيل، ويضرب هذا المثل لتشجيع الإنسان على مغادرة المكان الذي تغيرت فيه معاملة الناس له، كمن يكون ساكناً في بيت أهله ومعه زوجته وأولاده، فيشعر بتغير معاملة الأهل له ولأسرته، فعليه بالرحيل حالاً، ويضرب المثل كذلك للخاطب إذا شعر من خطيبته تغيراً، أو الصديق الذي يشعر بتغير صديقه، ومثل آخر يقول: (إحنا من الشوربه هوربه)، إحنا: نحن، هوربه: هاربون، ولهذا المثل حكاية تقول: إن مجموعة من الرجال حلوا ضيوفاً على رجل، فقدم لهم حساء العدس، ثم بعد ذلك حلوا ضيوفاً على رجل آخر فقدم لهم حساء العدس، وحلوا ضيوفاً أيضاً على رجل ثالث فقدم لهم حساء العدس أيضاً، فانطلقوا هاربين، وليس من الضروري أن تكون القصة صحيحةً، ويضرب المثل للدلالة على أن الشخص المتحدث لا يحب الدخول في مشكلات وخصومات مع الآخرين، ويؤثر السلامة وراحة البال، أما قولنا: (أثمك مثل طاقة علي مظفر)، أثمك: فمك، طاقة: شباك، و"علي مظفر السيد أحمد" رحمه الله، رجل معروفٌ في "الرقة"، ومن ذوي المكانة الاجتماعية المعروفة، توفيت زوجته وأراد دفنها، فاضطر لسلوك طريق ملتوٍ وطويل، للوصول إلى المقبرة، وسبب ذلك وجود سور "الرقة" الأثري المحيط بـ"الرقة"، فما كان منه إلا أن شقَّ في اليوم التالي قسماً من السور، جعل منه طريقاً سهَّل للناس حرية الانتـقال، والوصول للمقبرة، وأُطلق على هذه الفتحة في السور، طاقة "علي مظفر"، والقول كنايةٌ عن الفم الواسع الكبير، وهو عيبٌ خلقي عند بعض الناس».

ويتابع "الحمادة" طرحه لبعض أمثال أهل "الرقة": «ومن الأمثال الرقية أيضاً: (أزرق وبيدو مطرق)، أزرق: أي كذاب، مِطْرَق: بلفظ القاف جيماً مصرية، وهي عصا رفيعة طويلة، ومعنى المثل: أنَّ الكذب من الصفات المذمومة والقبيحة، وأشد حالات الكذب قبحاً إذا كان الكذاب لا يخشى أحداً، فيكون بذلك قد جمع بين خصلتين مذمومتين، الكذب، والكبر، ويضرب المثل لبيان الجمع بين الكذب، وعدم الخشية من الآخرين، (إذا مشيت بجرية عوران، حُط إيدك على عينك)، بـ"جرية": بـ"قرية"، حُط: ضع، ومعنى المثل: إذا سرت في قرية جميع أهلها (عوران)، فعليك أن تضع يدك على عينك، لتظهر كواحد منهم، ويضرب المثل للحث على مداراة الناس ومصانعتهم، (إذا ما ردت تعطي بنتك، غلِّي مهرها)، غلِّي مهرها: زد في مهرها، ومعنى المثل: يتقدم أحد الشبان لخطبة فتاة، ووالدها لا يرغب بتزويجها لهذا الشاب لأسباب شخصية، لا يستطيع البوح بها، فلا يجد أمامه سوى الزيادة في المهر أكثر مما اعتاده الناس، فيفهم الشاب من ذلك أن الرجل لا يرغب تزويجه ابنته، ويضرب المثل رداً على الأبِّ الذي يطلب مهراً كثيراً لتزويج ابنته».

ومن الأمثال الرقية أيضاً: (أزرق وبيدو مطرق)، أزرق: أي كذاب، مِطْرَق: بلفظ القاف جيماً مصرية، وهي عصا رفيعة طويلة، ومعنى المثل: أنَّ الكذب من الصفات المذمومة والقبيحة، وأشد حالات الكذب قبحاً إذا كان الكذاب لا يخشى أحداً، فيكون بذلك قد جمع بين خصلتين مذمومتين، الكذب، والكبر، ويضرب المثل لبيان الجمع بين الكذب، وعدم الخشية من الآخرين، (إذا مشيت بجرية عوران، حُط إيدك على عينك)، بـ"جرية": بـ"قرية"، حُط: ضع، ومعنى المثل: إذا سرت في قرية جميع أهلها (عوران)، فعليك أن تضع يدك على عينك، لتظهر كواحد منهم، ويضرب المثل للحث على مداراة الناس ومصانعتهم، (إذا ما ردت تعطي بنتك، غلِّي مهرها)، غلِّي مهرها: زد في مهرها، ومعنى المثل: يتقدم أحد الشبان لخطبة فتاة، ووالدها لا يرغب بتزويجها لهذا الشاب لأسباب شخصية، لا يستطيع البوح بها، فلا يجد أمامه سوى الزيادة في المهر أكثر مما اعتاده الناس، فيفهم الشاب من ذلك أن الرجل لا يرغب تزويجه ابنته، ويضرب المثل رداً على الأبِّ الذي يطلب مهراً كثيراً لتزويج ابنته

ويختتم "الحمادة" حديثه عن أمثال أخرى بالقول: «ونقول أيضاً: (أصدق من قطاه)، ومعنى المثل أنه من المتعارف عليه أن صوت طير القطاة لا يتغير، ولا يتبدل، بل يبقى على حال واحد، بعكس باقي الحيوانات، والطيور، ويضرب المثل للدلالة على صدق إنسان، (أصبحنا على ما أمسينا)، أصبحنا: استفقنا صباحاً، أمسينا: نمنا مساءً، ومعنى المثل أن ينام الإنسان ليلاً على حالٍ ما، ثم يستيقظ صباحاً، على نفس الوضع والحالة، ويضرب المثل لبيان تكرار الإنسان لنفس الحديث دون تغير، (أشقد ما حبيتك يسواري، مثل إيدي لا)، اشقد: بَقدر، ومعنى المثل أنَّ المرأة تحب التجمل والتزين بأساور الذهب، ولكن لو قارنَّا بين محبتها ليدها، ومحبتها لسوار الذهب الذي تزين به تلك اليد، فيدها أحب إليها من سوار الذهب، ويضرب المثل لبيان تفضيل الإنسان نفسه على الآخرين، أو للمفاضلة بين الأحبة، (أعرج العرج، ركبنا ورانا، مد ايدو عالخرج) ومعنى المثل أنَّ أحد الرجال كان يركب دابةً، وقد وضع متاعه في خرجٍ على ظهرها، فشاهد في طريقه رجلاً أعرجَ أشفق على حاله، فأردفه خلفه، فما كان من الأعرج إلا أن مدَّ يده إلى خُرج الرجل بقصد السرقة، ويُضرب المثل للرد على من يقابل الإحسان بالإساءة».

"الحمادة"