أحدث انعطافات مهمة في عالم الفلك قبل حوالي 1200 عام، فسمي "بطليموس العرب"، وألّف عدداً من الكتب درّس بعضها في "أوروبا"، كما أنشأ مرصداً فلكياً في مدينة "الرقة" سماه باسمه.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 19 شباط 2015، الدكتور "محمد العصيري"؛ المختص في المجال الفلكي ورئيس جمعية "هواة الفلك السورية"؛ الذي تحدث عن عالم الفلك "البتاني" ويقول: «يعد اسماً ساطعاً يقف فلكيو العالم احتراماً له حتى يومنا هذا، فأعماله المبدعة لم تقتصر على الأرصاد الفلكية الدقيقة التي لم يسبقه إليها أحد غيره، بل تعدتها إلى النقد والبحث والتأليف، وامتدت لتشمل الحسابات المتقدمة والمعادلات الرياضية، وأجد أن كتابه "زيج الصابئ" مرجع فلكي مهم وله تأثيره في الكثير من المراجع بعده، وخاصةً أنه بقي يدّرس في مراكز العلم الأوروبية طوال العصور الوسطى وعصر النهضة، ولمدة قاربت عشرة قرون من الزمن، حيث استطاع "البتاني" من خلال أرصاده التوصل إلى الكثير من الاستنتاجات حول حركة الأجرام السماوية، وتركز جزء كبير من جهوده على حركة الأرض ودورة الشمس السنوية».

يعدّ أحد المشهورين برصد الكواكب والمتقدمين في علم الهندسة، وهيئة الأفلاك وحساب النجوم، ويجمع علماء الغرب على أن "البتاني" كان في علمه أسمى مكانة من الفلكي الإغريقي "بطليموس"، فسماه بعض الباحثين "بطليموس العرب"، وقد أنشأ في مدينة "الرقة" مرصداً عرف باسم "البتاني" عكف فيه على دراسة مؤلفات من تقدموه؛ فألّف الوفير من الكتب في علوم الفلك وكتب الجغرافية الفلكية

ويتابع: «كان "البتاني" من أجرأ العلماء في عصره؛ حيث اتجه لإثبات عكس ما ذهب إليه "بطليموس" بأن المسافة العظمى بين الأرض والشمس ليست ثابتة، ثم وضع البرهان على تغير القطر الزاوي الظاهري لقرص الشمس في السماء وإمكانية حدوث الكسوف الحلقي مثله مثل الكسوف التام، كما وضع أرصاده في تحديد تسارع القمر في حركته خلال قرن من الزمان، إلى جانب طرح نظرية جديدة تماماً حول تحديد ظروف رؤية الهلال الجديد».

فوهة "البتاني" على سطح القمر

ويضيف: «اشتغل "البتاني" برصد الكواكب والأجرام السماوية من سنة 264هـ إلى 306هـ في مدينة "الرقة"، وحقق عدداً كبيراً من الاكتشافات المهمة في علم الفلك، وعلى الرغم من عدم وجود آلات دقيقة كالتي نستعملها اليوم، فقد تمكن من إجراء أرصاد لا تزال محط دهشة العلماء وإعجابهم، ربما بفضل الأدوات التي صنعها بنفسه، واعترافاً بجهوده وإبداعاته فقد أُطلق اسمه على واحدة من الفوهات البارزة على سطح القمر، وهي فوهة نيزكية قديمة نسبياً تتوضع في المنطقة المركزية من سطح القمر المواجه للأرض».

أما الباحث "عيد درويش" من أهالي "الرقة"، فيقول عن "البتاني": «يعدّ أحد المشهورين برصد الكواكب والمتقدمين في علم الهندسة، وهيئة الأفلاك وحساب النجوم، ويجمع علماء الغرب على أن "البتاني" كان في علمه أسمى مكانة من الفلكي الإغريقي "بطليموس"، فسماه بعض الباحثين "بطليموس العرب"، وقد أنشأ في مدينة "الرقة" مرصداً عرف باسم "البتاني" عكف فيه على دراسة مؤلفات من تقدموه؛ فألّف الوفير من الكتب في علوم الفلك وكتب الجغرافية الفلكية».

من كتاب "الزيج الصابئ"

ويضيف "درويش": «من أهم منجزات "البتاني" الفلكية أنه أصلح قيم الاعتدالين الصيفي والشتوي، وعين قيمة ميل فلك البروج على فلك معدل النهار (أي ميل محور دوران الأرض حول نفسها على مستوى سبحها من حول الشمس)، ووجد أنه يساوي 23 درجة و35 دقيقة، والقيمة السليمة المعروفة اليوم هي 23 درجة، ومن مساهماته أيضاً في علم الفلك اكتشاف "السمت والتنظير" وتحديد نقطتيهما في السماء؛ كما أنه حدد بدقة ميل الدائرة الكسوفية، وطول السنة المدارية والفصول».

وفي لقاء مع "تركية جبور" مهتمة في علم الفلك، تقول: «هو "أبو عبد الله محمد بن جابر بن سنان الرقي الحراني"، والمعروف بـ"البتاني"، ولد حوالي سنة 244 للهجرة (858م) في "بتان" من نواحي "حران" الواقعة على ضفاف نهر "البليخ"، تلقى تعليمه في طفولته على يد والده "جابر بن سنان" الذي كان عالماً معروفاً وذا دراية واسعة بعلم الفلك والنجوم، وصانعاً للأدوات في ذلك الزمان، عاش "البتاني" في مدينة "الرقة" على نهر "الفرات" حيث تلقى معظم علمه وأقام معظم حياته، له العديد من المؤلفات أهمها كتابه الشهير "الزيج الصابئ"، إضافة إلى مجموعة من المؤلفات الأخرى مثل: كتاب "معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك"، "رسالة في مقدار الاتصالات"، "شرح أربع مقالات لبطليموس"، وكتاب "تعديل الكواكب"، وغيرها. توفي "البتاني" عام 317 للهجرة (929م) في "قصر الجوسق" قرب "سامراء" خلال عودته من "بغداد" إلى "الرقة"».

الدكتور "محمد العصيري