ولد النحات "أيمن الناصر" في مدينة "الرقة" عام /1958/م، وفي عام /1981/م انتسب إلى نقابة الفنون الجميلة في سورية، وتولى أمانة سر فرع نقابة الفنون الجميلة في "الرقة" منذ عام /1996/م، ولغاية عام /2000/م، وهو عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، درَّس مادة النحت في معهد "إعداد المدرسين" منذ /1992/م، ولغاية عام /2005/م.

كما درَّس في مركز الفنون التشكيلية منذ /1978/م، وحتى عام /2003/م، حاز على المرتبة الأولى في مسابقتين للنحت على مستوى الجمهورية لاختيار نصب تذكاري لمدينتي "الرقة"، و"حلب" عامي /1988/م، و/1996/م، وهو عضو مؤسس لجمعية "ماري" للثقافة والفنون في "الرقة"، له رواية بعنوان "اللحاف" صدرت عن اتحاد الكتاب العرب عام /2008/م، ومجموعة قصص قصيرة، ومقالات في المجلات والصحف العربية، متفرغ حالياً للعمل الفني والأدبي، ويدير محترفاً خاصاً.

إن الفنان والنحات بالذات من أكثر المعنيين بتخليد ذكرى هؤلاء الرجال، لكنه في النهاية لا يملك القرار بزرع الساحات والحدائق بالشواهد الحضارية، والنصب الإبداعية دون موافقات، أو دون رعاية من الجهات الرسمية، وقد طرحنا ذلك أكثر من مرة على الجهات المعنية والثقافية المسؤولة، وما نراه من أعمال نحتية في الساحات العامة للمدينة، هو غيض من فيض يضج به الصدر وتضيق به الذاكرة، من رجالات لم ينفذ لهم نُصباً تذكارية تبقى في الذاكرة، ومن هؤلاء: "البتاني"، و"ربيعة الرقي"، و"ثابت ابن قرة الحراني"، وصولاً إلى المجاهد الكبير "رمضان الشلاش"، والمعاصرين أمثال الأستاذ النائب "حامد الخوجة"، والشاعر "فيصل بليبل"، والمؤرخ الشاعر "مصطفى الحسون"، والأديب الكبير "عبد السلام العجيلي" وآخرون كثر أنجبتهم محافظة "الرقة". هؤلاء غيض بسيط ينتظر فقط التفاتة بسيطة ممن يمتلكون القرار

بهذه الأسطر الموجزة يمكننا تلخيص مسيرة هذا الفنان المبدع، الذي استطاع خلال ثلاثة عقود من العمل في مجال الفن التشكيلي، أن ينجز عدداً كبيراً من الأعمال الفنية المميزة، وخاصة في مجال النحت، حيث أن أهم النصب النحتية في مدينة "الرقة" هي من نتاجه، الأمر الذي حقق له شهرةً واسعة لدى أبناء هذه المدينة، وغيرها من المدن السورية.

الناصر إلى جانب جدارية بنت البلد

يعيش "الناصر" على ضفاف "الفرات" منذ أكثر من نصف قرنٍ وبشكل أو بآخر، فهو شاهد على حضارات رافدية سادت على شاطئ هذا النهر منذ آلاف السنين، لذلك فهو يشعر أنه امتداد لهذه الحضارات، ولديه الكثير من الأحلام التي لم يحققها بعد على صعيد الفن التشكيلي، وخاصة في مجال النحت، وقد أفصح عن بعض منها لموقع eRaqqa بتاريخ (27/8/2009)، عندما زاره في محترفه الفني الخاص، والذي يقع في شارع "الفردوس"، أحد أشهر شوارع "الرقة"، حيث يقول: «المثقف الفراتي ـ إن جاز التعبير ـ بشكل عام، يتعامل منذ بداية تكوينه الفكري في هذه المنطقة مع الأرض والنهر والأوابد وكل الموجودات، على أنها رموز سحرية كانت في يوم ما تتنفس روح الأسطورة، وهو حين يعيد صياغتها رسماً أو نحتاً أو كتابة، يعيدها وكأنها مفردات خاصة به وحده، فهو يعشقها ويتوحد مع حدود قدسيتها المباحة له، يرسمها بشفافية امرأة تغرق في الندى وتطل كوجه "عشتار" على عتبات معابدها، تتأكد من ربات الحب يمارسن طقوس عشقهن كأجمل ما يكون العشق، هكذا يكون أحياناً عشق الفراتي لبلده وتراثه.

أما عن أحلامي، فأنا لا أحلم بالمعنى الحقيقي للحلم، لأنه يظل حلماً، وتظل الرغبة فيه دفينة الوسادة والليل وضوء القمر، والأحلام عادة تسبب الإحباط، ولكن ثمة أمنيات تتوالد بعد كل عمل أنجزه، في أن أتجاوز هذا العمل إلى أفق أكثر اتساعاً وأكثر إقناعاً، فالأمكنة تضيق بالفنان أحياناً، وحتى المدن بكل جمالياتها وتاريخها العظيم يحس المبدع أنها تشد وثاقه بمفاهيم ضيقة قد تجاوزها الآخرون منذ عشرات السنين، فقد ضاقت بهم مدنهم، فحلقوا بعيداً يدافعون بأعمالهم عن وجودهم، ويمنحون حياتهم معنى، ووجودهم أهمية، بينما هو بقي في مدينته الحالمة محاصراً بالغيرة والثرثرة القاتلة والتهميش».

في محترفه الخاص أثناء إنجاز نصب الدلة

وعن سبب غياب الملاحم النحتية، والنصب التي تخلد رجالات الفكر والأدب، وأبطال قاوموا الاستعمار من أبناء المدينة، يتحدث قائلاً: «إن الفنان والنحات بالذات من أكثر المعنيين بتخليد ذكرى هؤلاء الرجال، لكنه في النهاية لا يملك القرار بزرع الساحات والحدائق بالشواهد الحضارية، والنصب الإبداعية دون موافقات، أو دون رعاية من الجهات الرسمية، وقد طرحنا ذلك أكثر من مرة على الجهات المعنية والثقافية المسؤولة، وما نراه من أعمال نحتية في الساحات العامة للمدينة، هو غيض من فيض يضج به الصدر وتضيق به الذاكرة، من رجالات لم ينفذ لهم نُصباً تذكارية تبقى في الذاكرة، ومن هؤلاء: "البتاني"، و"ربيعة الرقي"، و"ثابت ابن قرة الحراني"، وصولاً إلى المجاهد الكبير "رمضان الشلاش"، والمعاصرين أمثال الأستاذ النائب "حامد الخوجة"، والشاعر "فيصل بليبل"، والمؤرخ الشاعر "مصطفى الحسون"، والأديب الكبير "عبد السلام العجيلي" وآخرون كثر أنجبتهم محافظة "الرقة". هؤلاء غيض بسيط ينتظر فقط التفاتة بسيطة ممن يمتلكون القرار».

وعن كيفية دفاعه عن وجوده الفني، كنحات ترك، وما زال يترك بصماته في مدينته، وبعض المدن السورية الأخرى، وكيفية دفاع المنحوتة بعد أن تفلت من يديه عن حياتها، يقول "الناصر": «يستطيع النحات أن يدافع عن وجوده، وعن حياته بشكل حقيقي، إن هو عمل بصدق وشفافية دون زيف أو محاباة أو تجيير أو تحجير لأفكاره ومشاعره، وتأكد أن عمله أو منحوتته ستكون أيضاً قادرة على الدفاع عن حياتها وحياته، وإلا فما معنى خلود الأوابد والأعمال العظيمة بأسماء مبدعيها عبر مئات السنين، كالأعمال الإغريقية والرومانية والأعمال الفرعونية والآشورية والعمورية من قبلها.

آخر التجارب النحتية للفنان أيمن ناصر

إن العمل الفني كائن حي ومستقل كباقي الكائنات، فهو يتجدد وينمو بحرارة الاهتمام، ويتغير لونه، ويتألق بأنفاس متلقيه، ويتشقق ويتآكل ويتقلص برياح الإهمال وأمطار التهميش، لكنه رغم ذلك باقٍ، محافظ على وجوده، لأنه دافع كما يجب وبكل شرف عن حياته.

أما الشواهد من تجربتي فهي متواضعة، أذكر منها النصب التذكاري لـ"هارون الرشيد"، الذي ما زال راسخاً في مدخل حديقة "الرشيد" في المدينة، يدافع عن وجوده بمادته الخام الحجر الصناعي، ومجموعة أعمال بالحجم الطبيعي تعود للعهد الآشوري في متحف "دير الزور"، وأعمال أخرى في متحف التقاليد الشعبية، ونصب "بنت البلد" على الرصيف المقابل لحديقة "الرشيد"، ونصب الفروسية، وأعمال أخرى مضى عليها أكثر من ربع قرن في بعض المحافظات».

أما معارض "الناصر" ومشاركاته الفنية فهي كثيرة، ونستطيع أن نذكر أهمها، وهي: معرض فردي في صالة المركز الثقافي العربي في "اللاذقية" عام /1977/م، معرض فردي في صالة المركز الثقافي العربي "مصياف" /1994/م، معرض فردي في صالة "الأسد" لنقابة الفنون الجميلة في "حلب" /1997/م، معرض فردي في صالة المركز الثقافي الروسي في "دمشق" /1998/م، شارك في معرض الندوة الدولية لتاريخ "الرقة" /1981/م، شارك في أغلب معارض تجمع فناني "الرقة"، ومعارض وزارة الثقافة السنوية، وهو مشارك دائم في معارض متحف "طه الطه" منذ تأسيسه.

ولديه العديد من المعارض الجماعية داخل القطر وخارجه مع فنانين عرب وأجانب، منها: معرض مهرجان البادية الأول والثاني عامي /1987/ و/1988/م الذي تنظمه وزارة السياحة، ومهرجان "الفرات" للتراث والثقافة في "الرقة" في عامي /1998/ و/1999/م، معرض مع الفنانة النمساوية "أندريا تيرني" في صالة المعارض في دار الثقافة بـ"الرقة" عام /2006/م، معرض تحية للدكتور "عبد السلام العجيلي" في صالة المعارض في دار الثقافة بـ"الرقة" عام /2006/م، معرض الخريف لفناني القطر في "دمشق" عام /2007/م.

ومن أهم أعماله النحتية المنفذة نذكر: نصب تذكاري لـ"ابن خلدون" في مدخل الثانوية التي تحمل اسمه /1981/م، نصب للشهيدة "حميدة الطاهر" في باحة الثانوية التي تحمل اسمها، وهو مصنوع من الحجر ارتفاع /4.5/م عام /1985/م، مجسمات آشورية بالحجم الطبيعي نحت مباشر(متحف دير الزور) /1995/م، خمسة رجال في مقهى شعبي بالحجم الطبيعي (متحف التقاليد الشعبية بـ"دير الزور")، /1996/م، نصب تذكاري لصالح مؤسسة مياه "الرقة" (مدخل الجسر القديم) /4/ متر /1992/م، نصب تذكاري للفروسية يمثل رأس حصان، في مدخل نادي الفروسية بـ"الرقة"، لوحات جدارية لدى بعض وزارات ودوائر الدولة، داخل القطر وخارجه، نصب لـ"أبي العلاء المعري"، في مدخل الثانوية التي تحمل اسمه في "الرقة"، نصب تذكاري "بورتريه" لـ"هارون الرشيد" /170/سم، من الحجر الصناعي منتزه "الرشيد" بـ"الرقة" عام /1994/م، نصب تذكاري للرئيس "حافظ الأسد" من الحجر الصناعي ارتفاع/420/ سم /1996/م في مدينة "حلب"، نصب جداري يمثل "بنت البلد" ارتفاع /2،5/ متر في مدخل حديقة "الرشيد" بـ"الرقة" / 2006/م، مجسم فراغي من الحجر الصناعي/4/ متر في مدخل حديقة "الباسل" بـ"الرقة" /2006/م.