«ولدتُ في مدينة "الرقة"، ونشأتُ في عائلة مكونة من ثلاثة شبان، وأربع بنات، وكنت محظوظة بوالدين متفهمين جداً، فأمي التي وصلت إلى الصف الخامس، وحالت الظروف الاجتماعية وبعد "الرقة" عن "حلب" كمركز تعليمي دون إكمال تعليمها، وعوضت ذلك بتعليمنا، نحن أولادها، فنال أخي وأختي شهادة الطب، وتخرج أحد أخوتي من كلية الاقتصاد والتجارة، وأختي الأخرى تخرجت من كلية "الآداب" قسم "اللغة الانكليزية"، أما أختي الصغرى فقد درست الحقوق.

وبالنسبة لي فقد درست المرحلة الابتدائية في مدرسة "بلقيس"، والمرحلة الإعدادية والثانوية كانت في مدرستي "خديجة الكبرى" و"سكينة"، وحصلت على الثانوية العامة، الفرع الأدبي بتفوق، إذ كان ترتيبي الأولى على محافظة "الرقة"، وبذلك نلت شرف الاستفادة من مزايا المرسوم التشريعي الذي يقدم للمتفوقين ميزة معنوية ومادية؛ الميزة المعنوية إحساس المتفوق بأن تعبه وجهده لم يضع هباءً، أما الميزة المادية فهي عبارة عن راتب شهري يساعد المتفوق في إكمال دراسته الجامعية، وهذه المنحة كانت دافع معنوي كبير بالنسبة لي، وحافز أكبر للاستمرار في الدراسة والعطاء، فقد أشعرتني بأن هناك تقديراً كبيراً يحظى به المتفوقون في سورية».

تعتبر هذه اللجنة من أهم لجان المجلس، والعمل ضمن هذه اللجنة يحتاج إلى الدقة والمتابعة الدائمة، أما عن طبيعة عمل هذه اللجنة فهي تقوم بدراسة وإقرار الموازنة العامة للدولة، وكل ما يحال إليها ضمن اختصاصها، وتعد التقارير اللازمة لذلك، وتقوم بعرضها على المجلس لمناقشتها أثناء جلساته

هكذا تبدأ السيدة "نجوى فيصل العجيلي" حديثها لموقع eRaqqa الذي التقاها بتاريخ (19/5/2009 ) عن أسرتها، والمناخ العلمي الذي ترعرعت فيه، والأثر الإيجابي الذي خلفه تفوقها الدراسي في مسيرة حياتها.

العحيلي في أحد المؤتمرات الدولية

وعن دراستها الجامعية، والتجارب التي استفادتها من عملها بعد تخرجها، قالت "العجيلي": «تابعت دراستي الجامعية، واخترت دراسة "الاقتصاد والتجارة" حيث أتممتها بين جامعتي "حلب" و"دمشق".

بعد إتمام دراستي الجامعية، ولأنني حزت على معدلٍ عالٍ عينت معيدة في الكلية التي تخرجت منها، لكن ظروفي الخاصة حالت دون الالتحاق بالبعثات العلمية التي عُرضت عليّ لإكمال دراستي خارج القطر، لكنني لم أقف عند هذا الحد، فأكملت دراستي العليا في بلدي سورية، ومن جامعة "حلب" نلت شهادة دبلوم الدراسات العليا في علم السكان.

تحت قبة البرلمان

وبعد إتمام دراستي عملت مفتشة في "الجهاز المركزي للرقابة المالية" في "الرقة". وقد أدخلني عملي الوظيفي جواً فريداً، اطلعت من خلاله على جوهر العلاقات الاجتماعية، وعلى خفايا لا تقدمها القراءات النظرية، وتعرفت على الكثيرين عبر التحقيقات الاقتصادية، والحوارات، وعبر هذا العمل تعززت صلتي بالناس، وكذلك ثقتي بهم وثقتهم بي».

وعن تجربتها في منظمة الاتحاد "النسائي"، ودخولها لمجلس الشعب، كأول برلمانية رقية، تقول "العجيلي": «في عام/1984/ انضممت إلى منظمة "الاتحاد النسائي" بدافع رغبتي الشديدة بالاطلاع على واقع المرأة وتبني قضاياها، وقد تأخرت في تحضير رسالة "الماجستير" لأنني كنت أبحث عن موضوع خاص بعلم السكان عموماً، وبالمرأة خصوصاً.

مع رئيسة مجلس العموم البريطاني

كانت تجربتي في الاتحاد النسائي تجربة غنية تعرفت من خلالها على واقع المرأة بشكل موسع ودقيق، الأمر الذي مكنني من تبني قضايا تتعلق بالمرأة، وحياتها، ومشاكلها، وكيفية تفعيل دورها مستقبلاً.

وهذا ما جعلني أفكر بالدخول لمجلس الشعب، ففي عام "1986" قررت أن أخوض تجربة الانتخابات، وفعلاً نجحت في ذلك، وكنت فخورة ومسرورة بهذا النجاح ، وذلك كوني أول امرأة رقية تدخل إلى مجلس الشعب، وتنال ثقة القيادة والمجتمع بالحصول على هذا المنصب الرفيع، وكانت سابقة أن أستقبل الناس في مضافة والدي الكبيرة رحمه الله، تلك التي ورثها عن جدي، والتي تعتبر مقر ومركز العائلة الكبير (عائلة "العجيلي")، فهي بمثابة الملتقى الثقافي والاجتماعي لهم ،

وأذكر من مرتادي المضافة الذين كان لهم تأثيرٌ مباشر على تكويني الفكري والثقافي، والدي بتوجيهاته وثقته التي منحنا إياها، وخالي الأديب الدكتور "عبد السلام العجيلي" رحمه الله، فلقد عشت ضمن المناخ الذي كان يخلقة بنشاطاته المتعددة، ولقد تعلمت الكثير من ثقافته وأسلوبه في التواصل مع الناس».

ثم تتابع "العجيلي" في ذات السياق قائلةً: «كنت أصغر الأعضاء سناً، وعلى مدى دورين تشريعيين متتاليين كنت أمينة سر الجلسة الافتتاحية الأولى،عادة تفتتح الجلسة الأولى في الدور التشريعي بإدارة أكبر الأعضاء سناً، أما أصغر الأعضاء سناً فيكون أمين سر المجلس، ليتم أثناء تلك الجلسة انتخاب رئيس وأمناء سر المجلس، بعد ذلك يتم انتخاب لجان المجلس، وبفضل ثقة زملائي تم انتخابي مقرر للجنة الموازنة والحسابات، وتجدد انتخابي لهذه اللجنة على مدى ثلاثة أدوار تشريعية متتالية، أي كل فترة وجودي في المجلس».

وعن طبيعة عمل لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب، والمواضيع التي كانت تتابعها أثناء ذلك، قالت "العجيلي": «تعتبر هذه اللجنة من أهم لجان المجلس، والعمل ضمن هذه اللجنة يحتاج إلى الدقة والمتابعة الدائمة، أما عن طبيعة عمل هذه اللجنة فهي تقوم بدراسة وإقرار الموازنة العامة للدولة، وكل ما يحال إليها ضمن اختصاصها، وتعد التقارير اللازمة لذلك، وتقوم بعرضها على المجلس لمناقشتها أثناء جلساته».

وتضيف" العجيلي" بقولها: «عملي ضمن هذه اللجنة لم يجعلني أتوانى ولو للحظة عن خدمة أبناء محافظتي الذين أولوني كل الثقة، فلقد كنت أتابع الموضوعات الخدمية، كالمطالبة بطريق مركزي، أو توسيع مشاريع الاستصلاح، وهذه كانت من المواضيع التي أوليتها اهتماماً خاصاً، تليها الموضوعات الخاصة بالمرأة، والبيئة، والأمور المالية».

وعن الوفود الرسمية التي شاركت بها أثناء وجودها في مجلس الشعب، تقول "العجيلي": «في فترة وجودي في مجلس الشعب شاركت بالعديد من الوفود البرلمانية الداخلية والخارجية، ومن بينها مشاركتي بوفد برلماني لحضور مؤتمر دولي في "نيكاراغوا" عام /1987/، وكان هذا الوفد مؤلفاً من ثلاثة أعضاء، وعادةً تسبق المؤتمرات البرلمانية العالمية ندوة نسائية، وقد حضرت هذه الندوة، وألقيت مداخلة تعرضت من خلالها لواقع المرأة السورية، ونشاطاتها، في كافة ميادين الحياة، وكنت حريصة على إلقاءها باللغة العربية الفصيحة، ولاقت إعجاباً كبيراً من الحضور.

وشاركت بوفد رسمي مع مجموعة من الزملاء يترأسه رئيس مجلس الشعب آنذاك السيد "عبد القادر قدورة"، حيث قمنا بزيارة رسمية للهند، اطلعنا من خلالها على الحياة البرلمانية في هذه الدولة، بالإضافة لتعرفنا على بعض مناحي الحياة الأخرى هناك.

وتلقينا دعوة رسمية من مجلس العموم البريطاني لزيارة "لندن"، حيث زرتها مع مجموعة من الزملاء، وذلك بقصد التعرف على العمل والحياة البرلمانية هناك أيضاً. بالإضافة لمشاركات متعددة في مؤتمرات برلمانية عديدة ضمن سورية، وكانت مجمل تلك المهام والنشاطات تجارب غنية في حياتي الشخصية والمهنية اطلعت من خلالها على تجربة العمل البرلماني والمشاركة الهادفة للنساء في البلدان التي زرتها».

وعن دور المرأة السورية في المجتمع، تقول "العجيلي": «لا يمكن أن نفصل دور المرأة السورية عن دور وواقع المرأة العربية عموماً، والتي كانت وما تزال تمتلك الدور الريادي الهام والحيوي في المجتمع ، فمشاركتها فعالة في كافة مناحي الحياة العامة، إضافة إلى دورها ومكانتها في تاريخنا العربي واحترام كيانها، فكن القائدات التاريخيات، والمبدعات، والملكات، واللواتي مازلن بأسمائهن يسطرن أروع الدروس في التضحية والنضال، وفي العصر الحديث شاركت مع الرجل بالتصدي للمستعمر من أجل حرية الوطن.

أما المرأة السورية فهي اليوم تتمتع بموقع متقدم، لا بل وعلى مستوى رفيع، كمشاركتها في صنع القرارات، وتبوأها لأعلى المراكز القيادية في الدولة والحزب، فهي مستشارةً ونائباً لرئيس الجمهورية، وتشارك في عضوية الحكومة كوزيرة، وعضوة في مجلس الشعب، ومجالس الإدارة المحلية، والقضاء، والإعلام، والتعليم، وبشتى المجالات الأخرى، فهي الطبيبة، والمهندسة، والمعلمة، والعاملة في المصنع، والفلاحة في الحقل. وبالمقابل فإن المرأة السورية هي أهل لذلك، وتاريخها يشهد لها بمكانتها وجدارتها في تحمل المسؤولية».

وتضيف "العجيلي" بالقول: «تعتبر تجربة النساء في سورية تجربة فريدة من نوعها، فلدى اطلاعي على تجارب النساء في الدول الأخرى، وجدت أن المرأة السورية قياساً بالمرأة في الدول الأخرى تتمتع بالكثير من المزايا والمؤهلات، فعلى سبيل المثال، نجد أن نسبة المرأة في مجلس الشعب السوري عالية قياساً بالكثير من الدول الأخرى.

وهنا يجب على المرأة استثمار هذه الظروف إيجابياً، ويكون دورها فاعلاً انطلاقاً من أسرتها في تربية أبنائها من داخل البيت، والذي يعتبر اللبنة الأولى في تطور المجتمع، وأن ينعكس ذلك بممارسة حقيقية للعمل.

مع الإشارة إلى أن لابد للمرأة أن تدرك أن لها حقوقاً إنسانية لا يمكن أن تنالها إلا باستقلالها الاقتصادي، وتطوير ذاتها، ورفع مستواها العلمي والتعليمي، وزيادة خبراتها، إذ أنها لم تعد تعمل من أجل المساهمة في رفع دخل الأسرة فقط، وإنما أيضاً من أجل تحقيق وجودها الذاتي والإنساني».