«من آل الشيخ "عيسى"، دفين "البصيرة"، حسب وثيقة النسب الموثقة، من أسرة منسوبة للعلم والتقوى، وجدُّ هذه الأسرة الأكبر هو الشيخ "إبراهيم العربي الرقي"، المتوفى بـ "الرقة"، سنة /839/هـ، /1487/م، المعروف بـ"البصري"، ينحدر الملا "صالح الحليبي" من إحدى أهم شخصيات مدينة "الرقة"».

هكذا يقدم لنا الباحث "علي السويحة"، مفتي برِّ "الرقة"، المُلاَّ "صالح الحمود العلي الحليبي"، الفقيه، والشيخ، سليل أسرة فقهٍ، وعلم، والتي تعتبر من أوائل الأُسر التي سكنت "الرقة"، وعن ذلك يقول "السويحة": «هي أسرة علم بحق، فجدُّه "إبراهيم العربي الرقي"، الملقب بـ"مهذب الدولة"، رجل علم، ودين، وقد روى عنه كتاب "تنوير الأبصار" روايات عجيبة، كان يقيم في "الرقة"، وفيها دفن، وكان يلبس لباس أهل باديتها، أما أسرته فهي من "الحليبيين"، وهي من أقدم الأسر التي سكنت "الرقة"، ولا يسبقهم بسكنها سوى قبيلة "قيس" العربية، التي سكنت "الرقة"، و"المازحين"، و"المديبر"، عام /14/هـ، حسب ما جاء في كتاب "الأعلام"، في جزئه الخامس، ص /45/، و"معجم البلدان"، ج/5/، ص/40/، في عهد الخليفة العادل "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، ومن ثم جاءت بعدهم قبيلة "البوشعبان"، حسب كتاب "أهل الرقة"، لمؤلفه "محمود الذخيرة"، ثم تتالت القبائل وسكنها».

كان يتمتع بكل خصال العالم، فلقد أتقن من اللغات غير العربية، الفارسية، والتركية، وكان صاحب خط جميل، وله عدة مخطوطات نذكر منها مخطوطة "الفتاوى الرشيدية"، التي أهداها لصديقه "محمد رشيد الخوجة"، وكان من محبي جمع الكتب الغنية الهامة، إذ أنَّ مكتبته لا تقدر بثمن، وكان من نسَّابة "الرقة" الذين كانت لهم الحرمة الكبيرة عند كل عشائر "الرقة"، وكيف لا وهو من درسهم في قرية "مستجد نكيب"، بلفظ الكاف جيماً مصرية، وكان من تلامذته الأستاذ "محمود الذخيرة"، والدكتور "أحمد محمد الهويدي"، وكان أن أكرمني الله سبحانه وتعالى، بأن أخذت عليه أحداث "الرقة" التاريخية، ما بعد عام /1860/م، حتى وفاته رحمه الله عام /1977/م

وعن ولادته، وأخذه العلم عن شيوخه، يقول "السويحة": «ولد المُلا "صالح الحمود العلي"، في منطقة "الرقة"، عام /1835/م، في منطقة "الجديدات"، حول قبر جده "محمد"، شقيق الشيخ "عيسى"، وتلقى العلم على يد شيخ يمني أحضره "سيد البيبي"، ليعلم الأولاد، وبعد أن بلغ أشده، ووجد في نفسه القدرة على طلب العلم، قصد مدينة "الرها"، ليأخذ العلم عن شيوخها، وكان له عمٌّ يقيم هناك، وما زال نسل عمه مقيماً في "الرها"، وهم مع أقرباء لهم بذات المنطقة يشكلون قبيلة كبيرة، وفي ذاك البيت أقام شيخنا، حيث أخذ العلم في القراءات السبع على يد الشيخ "إبراهيم حافظ الكوكجي"، ومكث في مدينة "الرها" ما شاء له المولى حتى تمكن مما تعلمه، بحيث أصبح معلماً في القراءات عند وصوله إلى "الرقة"، وكان له تلامذة أفذاذ في العلوم التي أتقنها».

الملا صالح الحمود العلي

وعن بعض تلامذته، وعلاقته بأهل العلم، يقول الباحث "السويحة": «يذكر الملا "صالح الحمود العلي" في إحدى كتاباته، مدللاً على علو كعبه في هذا المضمار، بأنه درَّس العالم "محمد رشيد الخوجة"، الذي أصبح فيما بعد من علماء الشام المعدودين، وكان صاحب خلق عظيم، يحترم العلماء ويجلهم، ويحفظ مقامات الرجال، وكانت تربطه بمفتي "الرقة"، "عبد الرحمن الحجار"، المتوفى فيها سنة /1921/م، علاقات طيبة تقوم على الثقة المتبادلة، إذ كان "الحجار" مفتي البلد، بينما كان الملا "صالح الحمود"، مفتي برِّ "الرقة"، وكان "الحجار"، يثق به وبعلمه، إذ كان يوقع الفتاوى التي يصدرها الملا "صالح"، لتأخذ الصفة الشرعية، دون مراجعته لكيفية بيان صدورها عن الأخير، وكانت تربطه علاقات طيبة أيضاً مع الشيخ "أحمد الترمانيني" رحمه الله، وكان يدرس عليه مع كبر سنه، ولا يسمع بشيخ مشهور إلا زاره وأخذ عنه العلم، وقد زار "بغداد" عدة مرات، وفي إحدى زياراته التي قصد بها "بغداد"، ماشياً على قدميه، محاذياً نهر الفرات، جلب معه أنساب قبيلة "البوشعبان"، وكان ذلك في عام /1911/م».

ويختتم باحثنا "السويحة" حديثه لنا عن شخصية الملا "صالح الحمود العلي" بالقول: «كان يتمتع بكل خصال العالم، فلقد أتقن من اللغات غير العربية، الفارسية، والتركية، وكان صاحب خط جميل، وله عدة مخطوطات نذكر منها مخطوطة "الفتاوى الرشيدية"، التي أهداها لصديقه "محمد رشيد الخوجة"، وكان من محبي جمع الكتب الغنية الهامة، إذ أنَّ مكتبته لا تقدر بثمن، وكان من نسَّابة "الرقة" الذين كانت لهم الحرمة الكبيرة عند كل عشائر "الرقة"، وكيف لا وهو من درسهم في قرية "مستجد نكيب"، بلفظ الكاف جيماً مصرية، وكان من تلامذته الأستاذ "محمود الذخيرة"، والدكتور "أحمد محمد الهويدي"، وكان أن أكرمني الله سبحانه وتعالى، بأن أخذت عليه أحداث "الرقة" التاريخية، ما بعد عام /1860/م، حتى وفاته رحمه الله عام /1977/م».

صورة عن إحدى فتاوى الملا بخط يده.
الباحث علي السويحة في مكتبته متحدثاً للموقع.