يعد الفنان "محمد الحريري" واحداً من أهم فناني محافظة "الرقة" ممن تركوا بصمة إبداعية تخطت حدود صالات المعارض الخاصة والعامة، لتلامس أحاسيس الناس من خلال الإبداعات الفنية التي نفذها على أرض الواقع، في الشوارع والساحات العامة والمهرجانات وغيرها.

وجعلت اسمه متقدماً في مجالات فن الديكور، حيث أطلق العنان لمقدرة إبداعية، قلّ أن تجدها عند غيره من الفنانين، فقد توج قدرته وفرادته باستعمال الريشة والألوان، لتنطلق يداه لمعانقة الحجر والصلصال والرخام، ولتبدع أشكالاً ستذكرها الأجيال لسنوات طويلة. ولد الفنان "الحريري" في أسرة كادحة عام 1966، وهذا دفعه لمعرفة معاني الحياة منذ طفولته الباكرة، وظهر نزوعه الفني منذ نعومة أظفاره، فمارس الرسم أولاً وتتلمذ على يد الفنان الأستاذ "فواز اليونس" في مركز الفنون التشكيلية، حيث كان يديره مابين العامين 1982ـ 1984 ثم بعد حصوله على الثانوية التحق بكلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق"، ليكتشف ويتعرف على تخصصات الفنون الجميلة بشكل أكبر، حيث استهوته العمارة الداخلية (الديكور) لما لها من جوانب هندسية مبنية على أسس وقواعد، قد تكون تقاطعت ولامست جانباً من شخصيته.

ويقول "الحريري": «ظلّ الرسم والتصوير الزيتي يلازمانني حتى بعد التخصص والتخرج، لما لهما من ملء جانب روحاني ينتشلني من صرامة القواعد والخطوط الهندسية، لينقلني إلى متعة التجربة اللونية والاكتشافات الجمالية الناتجة عن الصدفة أو عن فوضى التجربة، وحتى عن تطويع قواعد وأسس العمارة الداخلية، ورغم انشغالاتي التي أبعدتني عن الرسم مؤخراً، إلاّ أنني لم أستطع حتى الآن أن أمنع عيني من الرسم، فحيثما أسير وألتفت، تلتقط عيناي، وتقتطعان مشاهد لونية تشكيلية قد تتحول وتنبعث في يوم من الأيام من الذاكرة البصرية، لتستقر على قماشة لوحة ما.

وحصل الحريري على شهادة بكالوريوس في الفنون الجميلةـ قسم العمارة الداخلية (هندسة ديكور) جامعة "دمشق" عام 1989، ويتميز بالخبرات العملية والعلمية التي لا ينازعه بها فنان آخر، فهو يجيد استخدام الكمبيوتر، ويعمل على برامج عديدة، كما يجيد العمل على برنامج الرسم (أوتوكاد) ثنائي وثلاثي الأبعاد. ونفذ العديد من الديكورات الثابتة، والمؤقتة لعدد من المناسبات والاحتفالات الرسمية مثل عيد الفلاحين المركزي الذي أقيم "بالرقة"، وكذلك المسرح المؤقت للحفل الذي أقامه المطرب "صباح فخري" بمناسبة مهرجان "الرقة" الأول للثقافة والتراث وله معرضان شخصيان، والعديد من المشاركات في معارض جماعية. كما يجيد قواعد الخط العربي، وله العديد من المقالات الصحفية المنشورة في مجال الاختصاص بجريدة "الشرق" القطرية. ودرّس مادة التصميم والزخرفة بمعهد الفنون النسوية "بالرقة" منذعام 1992 إلى عام 1994.

سافر "الحريري" إلى دولة الإمارات العربية، وعمل بمجال التدريس، حيث درّس مادة التربية الفنية في دولة الإمارات من 1994عام إلى عام 1996، ثم عاد إلى "الرقة" ليدرس مادة التصوير الزيتي، والتطبيقات العملية بمعهد إعداد المدرسين من عام 1999 إلى عام 2001. وسافر بعدها إلى دولة قطر، ودرّس مادة التربية الفنية بمدارس وزارة التربية والتعليم منذ عام 2001 إلى عام 2005. وأخيراً قام بتصميم وتنفيذ دوارات عامة في مواقع متعددة، لصالح مجلس مدينة "الرقة" عام 2006.