يقول المخرج السينمائي مصطفى الراشد: في مرحلة مبكرة من حياتي اليافعة، لم أكن أدري أو أعلم بأن ذهابي وعلى مرِّ تلك السنوات لمشاهدة أحدث ما كان يُعرض من أفلام سينمائية متنوعة

وفي أيٍ من صالات السينما في الرقة ،سيقودني في يوم ما، إلى دراسة السينما ذاتها!

فما حدث هو أنه ،بعد حصولي على الشهادة الثانوية التحقت بكلية الآداب في جامعة حلب، ولم أكمل دراستي فيها، لأنني أُوفدت لدراسة الصحافة في رومانيا، ولأسباب تتعلق بنظام الدراسة هناك تعذّر علي دراسة الصحافة، فاخترت في حينها دراسة السينما، وبدا لي الأمر كأنه موعد مع القدر، فعلاقتي بالسينما بدأت كمتفرج ومشاهد، وكانت متعة الدخول إلى صالات السينما، لمتابعة قصة وأحداث أحد الأفلام المعروضة ،لا تعدلها أي متعة أخرى، فلقد كانت السينما بالنسبة لي بمثابة نافذة سحرية أتفرج من خلالها على عوالم وثقافات، ودنيا أخرى غير دنيانا التي كنت أحياها في الرقة.

وبتبدل علاقتي بالسينما ـ بعد دراستي لها ـ وتحولي من مشاهد ومتفرج إلى مخرج وصانع للأفلام، اختلفت نظرتي إليها من حيث كونها تمثل واحدة من أكثر وسائل التعبير رقيّاً وخطورة في عصرنا هذا، وهي بقدر ما كانت تمثله لي كنافذة سحرية أتفرج من خلالها على الآخر، أصبحت فيما بعد نافذة للتعبير عن الذات، وما يحيط بها من واقع، ونظرتي للسينما هذه قد انعكست مباشرة على كل ما أُتيح لي كمخرج من فرص، وهي نادرة للأسف ،لأصور من خلالها أفلاماً عبرّت بها عن جزء من إشكالات الواقع وقضاياه في عوالم الرقة ذاتها.

ولد المخرج الراشد في الرقة عام 1956، ودرس في مدارسها، وحصل على الثانوية عام 1975 ،وكان الأول على مستوى المحافظة. أوفد للدراسة عام 1976 لحساب وزارة التعليم العالي ووزارة الإعلام، وحصل على دبلوم الفنون المسرحية والسينمائية من جامعة بوخارست عام 1981، وفي الجامعة أخرج فيلمين قصيرين هما لقاء الساعة الرابعة والنصف والانتظار.

عمل في التلفزيون العربي السوري منذ عام 1981، وأخرج لدائرة الإنتاج السينمائي ،فيلمين روائيين قصيرين هما الحرمل البري والحلم البري، وفيلما روائيا طويلا بعنوان عشاق خط المطر، وكانت إشكالات البيئة وطبيعة التحولات الاجتماعية والإنسانية في منطقة الفرات ،الموضوع الأساسي لهذه الأفلام.

شارك في عروض مهرجان دمشق السينمائي ،ولأكثر من دورة خارج إطار المسابقة الرسمية. ولقد استطاعت أفلامه في هذا المهرجان أن تثير اهتمام ودهشة الكثير من النقاد والصحافيين العرب والأجانب، ولاقى فيلمه عشاق خط المطر في مهرجان القارات الثلاث (نانت ـ فرنسا) استقبالاً حاراً، ووقعاً خاصاً على مستوى منظمي المهرجان وجمهوره، وذلك لخصوصية الفيلم السينمائية، وواقعيته السحرية واكتشاف البيئة في بعدها الاجتماعي الهادف.

في العام 1990 قام بإنجاز سلسلة من الأفلام الوثائقية لصالح مؤسسة البرامج المشتركة في الكويت. وفي التلفزيون السوري قام بدبلجة العديد من الأفلام والمسلسلات الأجنبية إلى اللغة العربية، وما بين عامي 1998 ـ 2003 ارتبط بالعمل كمخرج تسجيلي في شركة آرا الدولية للإنتاج الفني في الرياض، وهي من كبرى الشركات الإنتاجية في الخليج العربي.

في عام 2006 أخرج فيلماً وثائقياً بعنوان عبد السلام العجيلي ـ أيقونة الرقة (رحلة حياة)، ويعمل الراشد الآن في مديرية الإنتاج التلفزيوني في التلفزيون العربي السوري.