«يأتي ترشيد استهلاك المياه، والمحافظة على مصادرها، ومنع استنزافها، في رأس سلم أولويات الجهات المعنية بالشأن الزراعي والمائي في سورية، وفي المنطقة الشرقية ومنها محافظة "الرقة"، تسعى هذه الجهات لتطبيق السبل المثلى في إدارة الموارد المائية المتوافرة، وضمان استدامتها، بما يحقق الاستثمار الاقتصادي المجدي لهذه المصادر، دون الإضرار بالترب الزراعية، والنظم البيئية.

من التحديات التي نواجهها في هذه المرحلة، منع الاستغلال الجائر للموارد الموجودة، وخاصة في ظل سنوات الجفاف المتعاقبة، وأثرها في انخفاض منسوب المياه الجوفية ومياه الأنهار، ولا يمكن أن نحقق ذلك إلا بتطبيق أساليب الري الحديث، الذي يتميز عن طرق الري التقليدية المتبعة سابقاً بتوفير في استهلاك المياه، وحماية الأراضي من التسبخ والتملح، وزيادة الغلة في وحدة المساحة».

بعد نجاح تجارب تطبيق وسائل الري الحديث في المحافظة، لجهة توفير الاحتياج المائي، وزيادة الغلة والمردودية، والمحافظة على التربة، سعت دائرة الإرشاد الزراعي لتوسيع نطاق التجربة، وترغيب الفلاح بتطبيقها، ولاسيما بعد المزايا التي منحتها الحكومة للفلاح الراغب بتجربة هذه النظم، من توفير لشبكات الري الحديثة والمتطورة، والقروض الميسرة الممنوحة لهم، وقامت الدائرة بتنفيذ ثلاثة حقول في المنطقة الشمالية من المحافظة، وذلك بالتعاون مع مشروع التنمية الريفية، ولدينا خطة طموحة للتعاون مع منظمة "أكساد" لتنمية بعض القرى الفقيرة في ريف المحافظة، وخاصة تلك المتأثرة بموجات الجفاف المتعاقبة

ذكر ذلك لموقع eRaqqa المهندس "حسن السليمان"، مدير زراعة "الرقة"، أثناء حديثه عن الأثر الإيجابي لتطبيق نظم الري الحديث، في الحد من الاستغلال الجائر للمياه، وضمان ديمومة المصادر المائية.

من تجارب الري الحديث بالرقة

ويقول المهندس الزراعي "صالح الشبلي" رئيس دائرة الإرشاد الزراعي، في مديرية زراعة "الرقة": «قامت دائرة الإرشاد الزراعي خلال العام الفائت /2009/، وبالتعاون مع منظمة "جايكا" اليابانية، بمشروع حيوي حول الاستثمار الفعال لتطبيق نظم الري الحديث، وتم تحديد وحدتي "تل أبيض" و"السكرية" ليشملها المسح الميداني الذي يهدف إلى تحديد الحقل المراد استثماره، وتطبيق تجربة الري الحديث عليه.

وزعنا /50/ استمارة على فلاحي الوحدتين المذكورتين، بمعدل /25/ استمارة لكل وحدة إرشادية، وتضمنت هذه الاستمارات بيانات حول الواقع الزراعي لمنطقة البحث، والمساحات المتوفرة، وغزارة المياه الجوفية، وغيرها من المعلومات التي يمكن أن تستفيد منها المنظمة في تحديد الحقل الذي ستجرى عليه التجربة، وتم اختيار حقل يتبع لوحدة "السكرية" الإرشادية، وهو الحقل الذي انطبقت عليه الشروط الموضوعة من قبل منظمة "جايكا"».

ويضيف "الشبلي"، قائلاً: «بعد اختيار الحقل من قبل المنظمة، قام خبراء "جايكا" بتركيب شبكة ري متطورة مقدمة من قبلهم، وقمنا بتنفيذ نشاطات إرشادية في الحقل، وتدريب المرشدين الزراعيين حول الطرق المثلى في إدارة مشاريع الري الحديث، وإقامة ندوات نوعية تؤهلهم ليصبحوا مرشدين مائيين، وقمنا بالفعل بتأهيل /8/ مرشدين مائيين، ولدينا خطة لمضاعفة هذا الرقم خلال عام /2010/، وسنعمل على تعميم التجربة بعد نجاحها على كافة فلاحي المنطقة، وتدريبهم على استخدام التقنيات العلمية الصحيحة في إدارة المشاريع التي تطبق أساليب الري الحديث، وسنستفيد من خبرات المرشدين الذين تم تأهيلهم، في توعية الفلاحين بأهمية تطبيق هذه التجارب في حقولهم، وإرشادهم إلى طرائق تركيب الشبكات واستثمارها، ومواعيد زراعة مختلف المحاصيل وأساليبها».

وعن خطة الدائرة في التوسع الأفقي بتطبيق تجربة الري الحديث، يتابع "الشبلي" حديثه، قائلاً: «بعد نجاح تجارب تطبيق وسائل الري الحديث في المحافظة، لجهة توفير الاحتياج المائي، وزيادة الغلة والمردودية، والمحافظة على التربة، سعت دائرة الإرشاد الزراعي لتوسيع نطاق التجربة، وترغيب الفلاح بتطبيقها، ولاسيما بعد المزايا التي منحتها الحكومة للفلاح الراغب بتجربة هذه النظم، من توفير لشبكات الري الحديثة والمتطورة، والقروض الميسرة الممنوحة لهم، وقامت الدائرة بتنفيذ ثلاثة حقول في المنطقة الشمالية من المحافظة، وذلك بالتعاون مع مشروع التنمية الريفية، ولدينا خطة طموحة للتعاون مع منظمة "أكساد" لتنمية بعض القرى الفقيرة في ريف المحافظة، وخاصة تلك المتأثرة بموجات الجفاف المتعاقبة».

وحول الغاية من تطبيق هذه التجربة، وانعكاساتها الإيجابية على الفلاح، أضاف رئيس دائرة الإرشاد، قائلاً: «تعتمد تجربة الري الحديث على تقنيات متطورة في إدارة وترشيد استهلاك المياه، حيث كان الفلاح يقوم بسقاية أرضه بالغمر، ما يتسبب بهدر كميات كبيرة من المياه فائضة عن حاجة النبات، وهذا ما تسبب لاحقاً بارتفاع نسب الملوحة في الأرض، وتدني إنتاجيتها، وخروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من حيز الاستثمار، وفي تجربة الري الحديث يتم اعتماد أساليب الري بالتنقيط والرذاذ والرش، وهي تتميز باستهلاكها القليل للمياه، وارتفاع إنتاجية حقولها، بالمقارنة مع طرق الري التقليدية، إضافة إلى محافظتها على التربة، والنظم البيئية السائدة.

قطعت باقي المحافظات شوطاً كبيراً في تطبيق تجربة الري الحديث، وفي محافظة "الرقة" تعود أسباب قلة المساحات التي تعتمد نظم الري الحديث، إلى تخوف الفلاح من تطبيق تجربة جديدة لم يعتد عليها، والحيازات الواسعة التي يمتلكها بعض المزارعين، والكلف الكبيرة المترتبة على تنفيذ الشبكات، ونأمل في السنوات القادمة أن تعمم التجربة بحيث تشمل معظم الأراضي الزراعية في المحافظة».