ما زالت العديد من المهن التقليدية القديمة، تصارع الحضارة لتجد لها مكاناً في وقتنا الحالي، ومن بين هذه المهن مهنة الفرواتي، وهي مهنة تدخل فيها الخياطة والدباغة من أجل إنتاج ملبوسات من صوف الخراف، تتمتع بقدرة كبيرة على منح الجسم الدفء اللازم في فصل الشتاء.

وبتاريخ (10/9/2008) توقف موقع eRaqqa قليلاً عند هذه المهنة القديمة التي تشتهر بها محافظة "الرقة"، والتقى الفرواتي "صالح محمود الحموي" الذي تحدث بدايةً عن تاريخ عائلته في صناعة "الفروة" قائلاً: «منذ ما يزيد على الثمانين عاماً، جاء جدي "رمضان الحموي" ـ رحمه الله ـ إلى مدينة "الرقة" قادماً من مدينة "حماة"، واستقر فيها وراح يمارس مهنة الفرواتي التي تعلمها في مدينته، ومن ثم ورث أبي المرحوم "محمود رمضان الحموي" هذه المهنة عن أبيه بعد أن أتقنها، وقد تتلمذت على يديه، وأنا بدوري أقوم بتعليمها لأخي الأصغر».

نستطيع القول إن الإقبال على شرائها جيد، وهو يكثر لدى كبار السن من سكان الريف والبادية، وذلك لأسباب عديدة من أهمها كون هذه الفروات تعتبر جزءاً من اللباس التقليدي لهم، والسبب الآخر شدة البرد في هذه المناطق

ولدى سؤاله عن كيفية صناعة الفروة أجاب: «في البداية يتم إحضار جلد الخراف من المسالخ أو من الأهالي، وبعد ذلك نقوم بغسلها ورشها بالملح وتترك لمدة زمنية معينة، ومن ثم تغسل مرة ثانية ويتم رشها بمادة "الشبَّة"، التي تعمل على قتل الجلد الحي، ومن ثم يتم تنظيفها بواسطة "مكنات" خاصة من إنتاج يدوي، وبعد ذلك ترسل الجلود إلى الخياطة، من أجل تحويلها لفروات جاهزة للاستعمال».

الفرواتي "صالح محمود الحموي"

وعن الإقبال على شراء "الفروة" في محافظة "الرقة" أجاب: «نستطيع القول إن الإقبال على شرائها جيد، وهو يكثر لدى كبار السن من سكان الريف والبادية، وذلك لأسباب عديدة من أهمها كون هذه الفروات تعتبر جزءاً من اللباس التقليدي لهم، والسبب الآخر شدة البرد في هذه المناطق».

وعن أنواع الجلود المستخدمة في صناعة "الفروة" ومصادرها، وأجود هذه الأنواع وأغلاها ثمناً قال :«هناك أنواع عديدة من الجلود، منها ما هو محلي، ومنها ما هو مستورد، فهناك الجلد الألماني والجلد العراقي نستخدمها أيضاً في صناعة "الفروة"، والمعيار الذي يحدد جودة الجلد هو طراوة ملمسه ونعومة فروه، وهذا يعود لسببين أساسيين الأول هو صغر سن الخروف حيث أن الخروف الصغير يكون جلده طرياً أكثر من الخروف الكبير، أما السبب الثاني فيعود لجودة الدباغة، وكلما كان الجلد مدبوغاً بشكل جيد ويتمتع بملمس طري كان سعره مرتفعاً والعكس صحيح».

صدريات مبطنة بالفرو

والجدير ذكره أن مهنة الفرواتي، كغيرها من المهن التقليدية الأخرى يُخشى عليها من الانقراض، وتنتظر مد يد العون لها من الجهات المختصة، لإنقاذها من حمى التطور السريع الذي أصاب كافة مجالات الحياة، ويسعى لاستبدال كل ما هو قديم بكل ما هو جديد.

مكنات يدوية لتنظيف الجلود