عشقَ المسرحَ مبكراً، وسخّر حياته لهذا الفنّ رغم صعوبةِ الأجواءِ المحيطة، فعمل ممثلاً وكاتباً ومخرجاً، وتواصل مع جميع الجهات في سبيل تحقيق أمنياته وطموحاته، ونجحَ في لفت الأنظارِ إلى هذا الفنّ الذي استحوذَ على اهتمامات الكثيرين في "الرقة" بمرحلة ما.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 8 أيلول 2019، تواصلت مع الفنان المسرحي "محمد الشيخ" ليحدثنا عن مسيرته الفنية الطويلة، حيث قال: «بدايةُ اهتمامي بالفنّ المسرحي كانت عندما كنت طالباً بالمرحلة الإعدادية، حيث كانت تجمعني صداقةٌ بالفنان "يحيى الكفري"، فكنا نقوم بتأمين آلتي تسجيل، واحدة للموسيقا وأخرى لتسجيل أصواتنا أثناء أدائنا لإحدى التمثيليات القصيرة، وقد كنا نقوم بأداء جميع الأدوار من خلال تقليد بعض الأصوات، وبعد الانتهاء منها نقوم بعرضها على الأصدقاء لسماع آرائهم بها، ومن هنا كانت بداية انطلاقة مسيرتي الفنية. التحقت بعدها بالفرقة المسرحية بإشراف الفنان "بسام الحافظ" في عام 1978، حيث شاركت كممثلٍ في عدد من المسرحيات التي قام بإخراجها، ومن أبرزها مسرحية "المفتاح" من تأليف الكاتب العراقي "يوسف العاني"، ومسرحية "حنظلة" للكاتب الراحل "سعد الله ونوس"، ومسرحية "فوق هذا المستطيل وقع حادث" للكاتب "محمد أبو معتوق"، بعدها قمت بتشكيل فرقة مسرحية ضمت مجموعة من الشباب والشابات، وتواصلنا مع منظمة "شبيبة الثورة" التي تبنت أعمالنا واعتمدتها في نشاطاتها المحلية والمركزية، وكذلك تعاونت مع الكاتب "منير الحافظ" حيث قمت بإخراج بعض أعماله ومنها "ملاك مدائن شامش"، و"مقتله في الحاكمية"، ومن الأعمال الأخرى التي شاركت بها مسرحية "الصراط" تأليف "وليد إخلاصي"، و"رأس المملوك جابر" لـ"سعد الله ونوس"، و"حرية الموت"، لـ"فايز خضور"، و"المخاتير"، لـ"مصطفى حقي"، و"الوحش"، لـ"خالد البرادعي"، حيث كنت أشارك في هذه المسرحيات بجميع المناسبات داخل "الرقة"، وخارجها وفي المسابقات المركزية لاتحاد "شبيبة الثورة"».

دخل "محمد الشيخ" بجدارة تاريخ المسرح الرقاوي، وزاده ثراءً وقد لازمتُ خطواته الفنية المسرحية الأولى، فلمستُ تصميمه على أن يتخطى إرهاصات وعذابات ومعوقات المسرح الفقير في إمكانياته الغنية بروح الذين اشتغلوا على تأسيسه والنهضة به

ويتابع القول: «خلال تلك الفترة قمت بتأليف مسرحية بعنوان "المنبوذ"، كما قمت بإخراج عدّة أعمال استعراضية خلال الأعياد الوطنية ومنها: أوبريت "وضاحة"، و"ريم البر"، و"الليالي الملاح"، و"نجود وليالي العاشقين"، و"المناحة"، بمشاركة المطربين "أحمد حاج إسماعيل"، "غالية محمد"، والمطرب "رفعت عكوش"، وصاحب الصوت الجميل الفنان "أحمد دعيس"، وقد كانت كلّ الألحان الموسيقية والعزف للراحل الفنان المبدع "وليد الحسن" بمشاركة الفرقة الموسيقية. كما قدمت أيضاً أعمالاً كوميدية باللهجة العامية أذكر منها "زمان أول تحول" عام 1982، "ليلة سفر السيد أبو صالح" في عام 1983 بمشاركة عدد من الفنانين الذين كان لهم الفضل الكبير بإنجاز هذه الأعمال المسرحية، ومن النشاطات الأخرى التي قمت بها المشاركة بعدة دورات لتأهيل وإعداد فنانين في مختلف صنوف الفن في العاصمة "دمشق"».

لقطة من إحدى مسرحياته

"فخري درويش" أحد المتابعين لأعماله عنه يقول: «الفنان "محمد الشيخ" ذلك الشاب الذي كان يسكن في بيت قديم متواضع، حيث كان هذا البيت أشبه بخشبة مسرح لأنّه مرتفعٌ وأمامه أرض منخفضة كوادي، ما عزز بداخله حبّه للمسرح، خَبِرتُه سنوات طوال كنت أزوره في ذلك المكان الذي ينجز فيه أعماله، وكنا نقضي ساعات طويلة نناقش فيها أفكاره التي يترجمها إلى أعمال مسرحية، ولأنّ المدينة كانت تفتقر للمخرجين المسرحيين، كان يجاهد لإيصال فكرة قيامه بالإخراج، وكذلك كان يأخذ دور الممثل الذي يتقمص دور بطل المسرحية حرصاً منه على نجاح العمل، ووصولاً للهدف الرئيسي للمسرحية.

كان مولعاً بحب المسرح، وكل أعماله كانت تتغنى بحبّ الوطن عامة و"الرقة" خاصة من خلال إظهار اللهجة النبطية الفراتية في معظم أعماله، ويسجل له أنّه أنتج نفسه، وكان جريئاً باقتحامه عالم المسرح».

أثناء زيارته السويداء لعرض إحدى المسرحيات

"منير الحافظ" الكاتب المسرحي عنه يقول: «دخل "محمد الشيخ" بجدارة تاريخ المسرح الرقاوي، وزاده ثراءً وقد لازمتُ خطواته الفنية المسرحية الأولى، فلمستُ تصميمه على أن يتخطى إرهاصات وعذابات ومعوقات المسرح الفقير في إمكانياته الغنية بروح الذين اشتغلوا على تأسيسه والنهضة به».

يشار إلى أنّ الفنان "محمد الشيخ" من مواليد "الرقة" 1963.