ضمن فعاليات مهرجان القصة القصيرة الذي عقد مؤخراً في مدينة "الثورة"، في دار الأسد للثقافة، أقيم معرض للفن التشكيلي، للفنان "ابراهيم سلامة"، الذي أبدع طريقةً جديدة في تعامل الفنان عما حوله من موجودات، ألا وهي طريقة الرسم بالطين.

موقع eRaqqa زار مدينة "الثورة"، في اليوم الأخير لمهرجانها، بتاريخ (18/12/2008)، والتقى الفنان التشكيلي "ابراهيم السلامة"، فسألناه عن رأيه بالحركة الثقافية عموماً، والفنية بشكل خاص، التي تشهدها محافظة "الرقة"، إذ لم يكد ينتهي مهرجان "العجيلي" الرابع للرواية العربية، حتى ابتدأ مهرجان القصة القصيرة، وما رافقهما من نشاطات ثقافية أخرى، فأجاب: «كأي مدينة تشهد مخاضاً جديداً، في مختلف الفنون، هذا ما يمكنني أن أصف به مدينة "الرقة"، التي لا تمر بهذه الحالة من فراغ، فالرواد الذين مهدوا الطريق أمام الحركة الفنية في هذه المحافظة، أسماء يقف المرء إجلالاً لتجربتها الطويلة العميقة، وما "فواز اليونس"، و"خليل حمسورك"، و"موسى الرمو"، و"موسى الحمادة" إلا بعض هؤلاء، أما "العجيلي" بقامته الفارعة في دنيا الأدب والسياسة، فأجدني أعجز عن الإتيان بما يحيط بما قدمه هذا الرجل لمدينته، ولكني أملك القول بأنه ترك إرثاً كبيراً، كان له ورثته الذين أدركوا ماهية مسؤوليتهم تجاهه، فثابروا في دفع الحركة الثقافية والفنية، بما هم أهله، وبما يحملون لروادهم من قيم الوفاء، ورغم انقطاعي عن متابعة الحركة الثقافية لفترة من الزمان في "الرقة"، إلا أنني لمست مدى مواكبتها لكل جديد، وأنا ممتن لدعوة دار "الأسد" للثقافة بـ"الثورة" لكي أشارك في هذا المعرض، وأعادني ذلك إلى أيام جميلة قضيتها في هذه المحافظة».

إنَّ هذه المعارض تقدم دفعاً للحركة الفنية، ودونها لا تأخذ الحركة التشكيلية دورها في الحياة والمجتمع، فالمعارض تحرك التفاعل بين الفنان، والمشاهد، وتحلل الأفكار المقدمة، ومستواها، وتأثيرها في الحياة

أما عن سؤاله عمَّا تقدمه معارض الفن، من دفع للحركة الفنية عموماً والتشكيلية على وجه الخصوص، فيقول "سلامة": «إنَّ هذه المعارض تقدم دفعاً للحركة الفنية، ودونها لا تأخذ الحركة التشكيلية دورها في الحياة والمجتمع، فالمعارض تحرك التفاعل بين الفنان، والمشاهد، وتحلل الأفكار المقدمة، ومستواها، وتأثيرها في الحياة».

إحدى اللوحات

إنَّ الطريقة الجديدة التي يقدمها "سلامة" في معرضه، بتعامله مع الطين، تأخذنا إلى ما نتوق إليه جميعاً، بمعرفة المادة التي خلقنا منها، وعن ذلك يقول "سلامة": «مادة الطين ومن خلالي تعاملي بها، وجدت فيها مصدراً للدفع باتجاه خلق ما هو جديد، لأنها مادة الخلق التي جبلنا منها، إنَّ فيها من الأسرار ما يثير كثيراً من التساؤلات، إلى أين سأصل بلوحتي التي أشعر بأنها دنيا من الأسئلة التي أحار في الإجابة عن بعضها، فالطين حل نهائي لأرقٍ ينتابني عندما يحضرني موضوع يحمل إشكالاً فكرياً، ويتطلب مني تقديم وجهة نظر».

ومن خلال معرضه نلاحظ حضوراً قوياً لقصص قديمة، وعنها يقول "سلامة": «نستمد من الأفكار القديمة، والقصص التاريخية، لبنة أساسية للاستمرار في الحياة، ولا جديد بدون زخم الفكرة القديمة، التي تتلون في عرض نفسها، إذ قد تكون قصةً، أو رمزاً، أو فكرةً ما، إننا محكومون بالماضي، شئنا ذلك أم أبينا، ولدي هاجس البحث في ذلك القديم، لأنني أجد أحياناً ذاتي تتوق إلى زمان خلا، أجسده على اللوحة لأحاكي به بارقاً ألَّم بخاطري».

يستلم الدرع التذكاري بحفل الاختتام

ومن بين الحضور التقينا الفنان التشكيلي "خليل حمسورك"، الذي حدثنا عن هذا المعرض، فقال: «الأشياء الصعبة هي البسيطة ظاهراً، فإن تعمل على لوحتك بلونين اثنين، فهذا برأيي يحتاج لحساسية عالية جداً، كي تستطيع أن توصل ما تريده إلى المتلقي، وما أشاهده في معرض الأستاذ "ابراهيم سلامة"، يمثل ما تتوق إليه روحي العطشى لكل ما هو مبتكر، فالفن الحقيقي برأيي هو قدرتك على إعادة إنتاج ما هو مهمل، وتقديمه بطريقة مبهرة، ودعني أقول بأنَّ أسلوب "سلامة" يندرج تحت إطار الانطباعية والغرافيك، أحيي ريشته التي شاغبت بطريقة أحببتها على اللوحة، التي تحولت لملعب حفظ عنه كل زواياه، فسجل أهدافاً في سويداء أحلامنا».

ويذكر أنَّ التشكيلي "ابراهيم سلامة" من مواليد "حمص" عام /1954/م، بدأ الرسم منذ الطفولة، حيث انتسب إلى مركز الفنون فيها عام /1970/، ولمدة ثلاث سنوات، شارك في أغلب المعارض الجماعية في القطر، معرضه الفردي الأول كان في ثقافي "حمص"، والثاني كان في جامعة "البعث"، والثالث في ثقافي مدينة "الثورة"، في محافظة "الرقة"، وكلها في عام /2008/م، يتميز أسلوبه بالطابع التعبيري، حيث يرصد لحظات من واقع الحياة والإنسان، له أسلوب جديد مبتكر في الرسم بالطين، مشارك وبشكل دائم بمعرض الشباب الهواة في نقابة الفنون بمدينة "حمص"، منذ ما يقارب ربع قرن.

التشكيلي خليل حمسورك